الرأي

براطم الزمن!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
في الحقيقة أن شهادتي مجروحة في المسلسلات والأعمال الفنية العربية بشكل عام والخليجية على وجه الخصوص، لأني متطرف تجاهها ولدي قناعة تامة بأن الأعمال العربية في المجمل هي أتفه ما ينتجه البشر بجميع طوائفهم وأعراقهم وأجناسهم ومللهم ونحلهم من أعمال فنية تلفزيونية أو سينمائية، وهذا لا يمنع بالطبع أنه قد وجد بعض الاستثناءات لأعمال عربية جيدة يمكن حصرها بسهولة.

والعالم العربي من محيطه إلى خليجه ينتج عددا كبيرا من الأعمال الفنية التي (لك عليها) لكن فترة الإنتاج الذهبية التي تشهد العدد الأكبر تكون في شهر رمضان. وقد سبقني كثيرون وسيأتي بعدي لاحقون كثر يسألون ذات السؤال: لماذا رمضان؟

حاولت أن أتدبر وأتفكر وأتأمل لكي أصل إلى الرابط العجيب بين رمضان وطوفان المسلسلات التلفزيونية التي تأتي من كل حدب وصوب، الطوفان الذي تصعب النجاة منه بتجاهل وجوده وعدم الاكتراث بالتلفزيون، لأنه سيطاردك في كل مكان، وستجد نفسك في لحظة ما أحد طرفي اختصام حول محتوى مسلسل أو حلقة من مسلسل.

ومشكلة المسلسلات العربية أنها في الغالب لا تخرج عن مسارين تافهين، الأول يمكن تسميته مجازا «مسار البراطم»، وهذا تجده غالبا في المسلسلات الخليجية التي يمكن أن تكون فائدتها الوحيدة هي استخدامها للتحذير من مضار وأخطار عمليات النفخ والتزوير في خلق الله.

أما المسار الثاني فيمكن تسميته مسار «مشية الغراب» وهو غالبا يقدم أعمالا يظن القائمون عليها أنهم يوجهون المجتمع، وهم يحاولون القيام بذلك فعلا، ولكن بغباء وسطحية ومباشرة لا تختلف عن أعمال المسرح المدرسي إلا في الميزانيات المليونية. وبعض المشاهد في الأعمال التي صرفت عليها الملايين تشعر أنه لا فرق بينها وبين كلمة طالب مرحلة ابتدائية في طابور الصباح.

ويندر أن تجد عملا فنيا عربيا يخرج عن هذين الإطارين، فلا المشاهد صام رمضان بجوارحه إيمانا واحتسابا، ولا هو شاهد عملا فنيا يستحق.

وعلى أي حال..

قد تهون مشكلة ضعف الإنتاج أمام غيرها من المشاكل، لأنه بالإضافة إلى الحشف، فإن سوء الكيلة هو نظرة منتجي هذه الأعمال لمنتقديهم، وليس مستغربا البتة أن تجد ممثلا من الصف العاشر يصف من يتحدث عن أدائه السيئ في مسلسل تافه بأنه عميل لجهات أجنبية وخائن وأحد خفافيش الظلام التي تحارب الإبداع والمبدعين. فهذه الموضة الرائجة هذه الأيام للتعامل مع أصحاب الآراء التي لا تعجبنا.

@agrni