الرأي

الحياة مسلخ كبير!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أحب الفنون كثيرا، بكافة أشكالها وألوانها وصورها، لكني أميل أكثر إلى الفنون المتعلقة بالتمثيل وتحويل الروايات والقصص والسيناريوهات إلى أعمال مشاهدة، وشاهدت ما لا يمكنني حصره ولا عده من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، شاهدت أعمالا هابطة وأعمالا عظيمة والكثير مما بين ذلك.

ومن خلال تلك المسيرة في متابعة الأعمال الفنية فإن أكثر الأعمال إثارة للجدل ظهرت كلها في حقبة واحدة، كلها ظهرت في هذا العصر، والمصادفة أيضا أنها تشترك في فكرة واحدة من حيث الشكل، فهي كلها أعمال تلفزيونية ـ مسلسلات ـ ولكن أديت بطريقة مسرحية وسينمائية في ذات الوقت. وبالطبع فإن القاسم المشترك الأكبر بين تلك الأعمال هو ضخامة الإنتاج والصرف غير المحدود من أجل الوصول المؤكد إلى قناعات المشاهد المغرم بالفنون.

وأهم ثلاثة أعمال فنية ظهرت في هذه الآونة وأثارت الجدل هي مسلسل أرطغرل التركي ومسلسل لعبة العروش ومسلسل داعش الذي أدى دور البطولة فيه الممثل الصاعد أبوبكر البغدادي.

وقد اخترت هذه الأعمال الفنية تحديدا لأنها أثرت على المتلقي بشكل مباشر وتسببت في نشوء حالة من الاصطفاف الجماهيري الذي يصل إلى حد العداء بين متابعي هذه الأعمال، ولعل أكثر عامل مشترك بين هذه الأعمال أن بطل القصة في المسلسلات الثلاثة يموت في نهاية أحد الأجزاء ثم يعود من الموت في بداية الجزء الذي يليه، وهذا اعتبره البعض خللا في السيناريو قد يشكك في قدرة العمل على الإقناع، والبعض اعتبر سيناريو عودة الأبطال من الموت لا يعد خللا في الأعمال «الفنتازية»، فالعودة من الموت ليست الشيء الوحيد الذي بتعارض مع المنطق في القصص الثلاث. ويجوز في القصص التي ترتكز على الخيال ما لا يجوز في غيرها.

واعتمد مخرجو الأعمال الثلاثة على أسلوب صدم المشاهد من خلال تغييب أحد أبطال العمل وموته في وقت غير متوقع، أنا كمشاهد لم أكن أتوقع موت حليمة زوجة أرطغرل ولا مقتل ند ستارك حاكم ونترفيل في صراع العروش بتلك السرعة. لكن صدمتي الأكبر كانت خروج أبوبكر شيكاو زعيم بوكوحرام، لأنه نجمي المفضل في المسلسلات الثلاثة، وكان أداؤه رائعا، حيث أدى باقتدار دور القاتل الشرس بطريقة كوميدية، وهذا من أصعب الأدوار التي يمكن أن يؤديها الممثل.

وعلى أي حال..

اقتراب العمل من نهايته من أكثر الأشياء التي تحزن متابعي الأعمال التلفزيونية، والحقيقة أني لست حزينا كثيرا لانتهاء أو قرب انتهاء هذه الأعمال، لأن من عيوب المسلسلات الطويلة أن الملل يتسلل إلى عقل المشاهد وتصبح أكثر السيناريوهات متوقعة ومكشوفة، وأنا متفائل بأن كل شيء مهيأ لظهور أعمال أخرى لا تنقصها الجودة والإتقان، وبالمناسبة ولأن رمضان على الأبواب فلا بأس أن أستثني الأعمال الخليجية من شغفي بالفنون، لأنها رديئة الصنع والإنتاج، والممثلين يفتقرون للموهبة والقدرة على الإقناع.

agrni@