الشعبويون يتصدون لخطاب الكراهية
دول العالم تواجه العنصرية بحزم وترفض معاداة المهاجرين
الأربعاء / 26 / شعبان / 1440 هـ - 23:15 - الأربعاء 1 مايو 2019 23:15
أوضح إيريك أولسن في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن عددا من دول العالم بما فيها الولايات المتحدة تشهد تحركات للتصدي للعنصرية ومعاداة المهاجرين؛ مما قلب المحور السياسي رأسا على عقب، ففي عدد من البلدان التي شهدت صعود الأحزاب، أو الحركات المعادية للمهاجرين، اضطر مؤيدوها إلى إعادة تقييم أفكارهم.
اختيار الحزب
إن التفاعل هو ما رأيناه في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، عادة ما يجبر نظام الحزبين القويين الناخبين على اختيار الحزب الذي لا يحبونه، قبل صعود الشعبوية انتمى الناخبون ذوو الدخل العالي، والمتعلمون في المناطق الحضرية، أو الضواحي، إلى حزب يمين الوسط. الآن هم يختارون يسار الوسط.
ففي الولايات المتحدة:
- كان مؤيدو المرشح الجمهوري السابق لمنصب الرئيس ميت رومني الذين يقدرون بالملايين هم السبب في سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب
- حتى في معاقل الحزب الجمهوري السابقة، مثل أورانج كاونتي، وكاليفورنيا، وضواحي دالاس، وهيوستن.
- في الانتخابات العامة البريطانية عام 2017 توافد الناخبون السابقون لحزب المحافظين لدعم حزب العمال، أو الحزب الديمقراطي الليبرالي.
- وصوت المعتدلون في المناطق الحضرية الغاضبون من صعود اليمينيين ضد رئيس الوزراء الأسترالي المعتدل، مالكولم تورنبول، لصالح المستقلين أو حزب العمل المعارض في الانتخابات الأخيرة.
تحركات مماثلة
تشهد الأنظمة متعددة الأحزاب تحركات مماثلة، فقد أنهت السويد مأزقا لمدة أربعة أشهر حول من سيصبح رئيسا للوزراء عندما تحول حزبان من أحزاب يمين الوسط، ودعما الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحالي. ورفضا التعامل مع حزب شعبوي مناهض للمهاجرين، حزب الديمقراطيين السويديين، الذين احتاجوا إلى دعم أنصار يمين الوسط التقليديين لانتخاب رئيس الوزراء. وفي ألمانيا أصبح حزب الخضر المؤيد للمهاجرين الآن ثاني أكبر حزب في استطلاعات الرأي، ويرجع ذلك إلى أن المؤيدين المتعلمين لأحزاب يمين الوسط البارزين قد بدلوا ولاءاتهم كرد فعل لصعود الشعبويين المناهضين للمهاجرين إلى ألمانيا.
مشاكل اليمين واليسار
هذه الحركة تخلق مشاكل لكل من اليمين واليسار التقليديين. فقدان هؤلاء الناخبين يجعل من المستحيل فوز اليمينيين بالأغلبية. وقد اكتشفت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ذلك عندما خسرت أغلبيتها في انتخابات عام 2017، وأدى الغضب ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى إحراج حكومتها. لا تستطيع الأحزاب المحافظة أيضا أن تشكل الأغلبية إذا انتقلت بشكل حاسم إلى الوسط، حيث إن العديد من ناخبيهم يرغبون في سياسة صلبة وشعبية، وهم على استعداد للانشقاق إذا لم يحصلوا عليها.
أما اليسار، فالناخبون المحافظون السابقون الذين يدعمون أحزابا جديدة لا يتخلون فجأة عن معتقداتهم.
- كان على رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفوفن الموافقة على خفض الضرائب وإدخال بعض الإصلاحات في سوق العمل لكسب دعم الأحزاب المحافظة. وقد كلفه ذلك دعم حزب اليسار، الحليف التقليدي.
- في بريطانيا يتعرض زعيم حزب العمل جيرمي كوربين لضغوط لدعم استفتاء ثانٍ على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يريده ناخبو حزب المحافظين السابقين المناهضين لبريطانيا، لكن القيام بذلك من شأنه أن يكسر الثقة في قاعدة الطبقة العاملة التقليدية للحزب، التي صوت الكثير منها لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودعمت حزب العمل في الانتخابات الأخيرة؛ لأنه وعد بتأييد نتائج الاستفتاء.
أزمة أمريكا الجديدة
في الولايات المتحدة الأمريكية يبدو أن الديمقراطيين سيمرون بأزمة مشابهة، فالتقدميون مثل الشابة ألكزاندريا أوكاسيو كورتيز يعتقدون بالفعل أن العديد من الديمقراطيين الحاليين ليسوا يساريين بما فيه الكفاية. يدعم العديد من الديمقراطيين قضايا تقدمية، مثل عزل الرئيس ترمب، وإلغاء تطبيق قوانين الهجرة والجمارك، أو زيادة الإنفاق المحلي بشكل كبير. ولكن المشكلة هي أن الجمهوريين السابقين الذين انتخبوا الديمقراطيين لا يدعمون هذه الأجندة التقدمية.
إن السبب في فوز ترمب في عام 2016 هو أن الناخبين من أمثال هؤلاء دعموه على مضض ضد هيلاري كلينتون. كشف استطلاع للرأي:
- أن 18% من جميع الناخبين لم يميلوا إلى أي من المرشحين في يوم الانتخابات.
- أظهرت استطلاعات سابقة أن هؤلاء الناخبين هم من خلفيات تعليمية متفاوتة، ويسكنون في الضواحي، ويميلون إلى الحزب الجمهوري.
- كشفت تلك الاستطلاعات الأولية أن هؤلاء الناخبين مشتتون، مع إعلان أغلبية كبيرة في منتصف شهر أكتوبر تأييدها لمرشح ثالث، لكن في يوم الانتخابات دعموا ترمب على مضض، والذي فضلوا سياساته بهامش 47 إلى 30%.
فكيف سينقسم هؤلاء الناخبون؟
قد يحاول ترمب الفوز بهم، لكن ذلك قد يسيء إلى قاعدته من المتشددين، كما أن مغازلة الوسط لاجتذاب أنصار رومني سيضر بالائتلاف الجمهوري.
وإن الانقسام السياسي الحاصل في أمريكا لا يتمحور حول ترمب، فالتغيير الثقافي والهجرة الجماعية وقوة الكيانات الوطنية تعيد ترتيب السياسة في جميع أنحاء العالم. وإذا كانت الشعوبية هي الثورة المضادة، فإننا في منتصف بحثنا عن توليفة ما يتكون منه ذلك، وكيف يتحدد هو ما سيخلق الظروف التي ستعيشها الولايات المتحدة خلال معظم العقود القليلة القادمة.
اختيار الحزب
إن التفاعل هو ما رأيناه في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، عادة ما يجبر نظام الحزبين القويين الناخبين على اختيار الحزب الذي لا يحبونه، قبل صعود الشعبوية انتمى الناخبون ذوو الدخل العالي، والمتعلمون في المناطق الحضرية، أو الضواحي، إلى حزب يمين الوسط. الآن هم يختارون يسار الوسط.
ففي الولايات المتحدة:
- كان مؤيدو المرشح الجمهوري السابق لمنصب الرئيس ميت رومني الذين يقدرون بالملايين هم السبب في سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب
- حتى في معاقل الحزب الجمهوري السابقة، مثل أورانج كاونتي، وكاليفورنيا، وضواحي دالاس، وهيوستن.
- في الانتخابات العامة البريطانية عام 2017 توافد الناخبون السابقون لحزب المحافظين لدعم حزب العمال، أو الحزب الديمقراطي الليبرالي.
- وصوت المعتدلون في المناطق الحضرية الغاضبون من صعود اليمينيين ضد رئيس الوزراء الأسترالي المعتدل، مالكولم تورنبول، لصالح المستقلين أو حزب العمل المعارض في الانتخابات الأخيرة.
تحركات مماثلة
تشهد الأنظمة متعددة الأحزاب تحركات مماثلة، فقد أنهت السويد مأزقا لمدة أربعة أشهر حول من سيصبح رئيسا للوزراء عندما تحول حزبان من أحزاب يمين الوسط، ودعما الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحالي. ورفضا التعامل مع حزب شعبوي مناهض للمهاجرين، حزب الديمقراطيين السويديين، الذين احتاجوا إلى دعم أنصار يمين الوسط التقليديين لانتخاب رئيس الوزراء. وفي ألمانيا أصبح حزب الخضر المؤيد للمهاجرين الآن ثاني أكبر حزب في استطلاعات الرأي، ويرجع ذلك إلى أن المؤيدين المتعلمين لأحزاب يمين الوسط البارزين قد بدلوا ولاءاتهم كرد فعل لصعود الشعبويين المناهضين للمهاجرين إلى ألمانيا.
مشاكل اليمين واليسار
هذه الحركة تخلق مشاكل لكل من اليمين واليسار التقليديين. فقدان هؤلاء الناخبين يجعل من المستحيل فوز اليمينيين بالأغلبية. وقد اكتشفت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ذلك عندما خسرت أغلبيتها في انتخابات عام 2017، وأدى الغضب ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى إحراج حكومتها. لا تستطيع الأحزاب المحافظة أيضا أن تشكل الأغلبية إذا انتقلت بشكل حاسم إلى الوسط، حيث إن العديد من ناخبيهم يرغبون في سياسة صلبة وشعبية، وهم على استعداد للانشقاق إذا لم يحصلوا عليها.
أما اليسار، فالناخبون المحافظون السابقون الذين يدعمون أحزابا جديدة لا يتخلون فجأة عن معتقداتهم.
- كان على رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفوفن الموافقة على خفض الضرائب وإدخال بعض الإصلاحات في سوق العمل لكسب دعم الأحزاب المحافظة. وقد كلفه ذلك دعم حزب اليسار، الحليف التقليدي.
- في بريطانيا يتعرض زعيم حزب العمل جيرمي كوربين لضغوط لدعم استفتاء ثانٍ على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يريده ناخبو حزب المحافظين السابقين المناهضين لبريطانيا، لكن القيام بذلك من شأنه أن يكسر الثقة في قاعدة الطبقة العاملة التقليدية للحزب، التي صوت الكثير منها لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودعمت حزب العمل في الانتخابات الأخيرة؛ لأنه وعد بتأييد نتائج الاستفتاء.
أزمة أمريكا الجديدة
في الولايات المتحدة الأمريكية يبدو أن الديمقراطيين سيمرون بأزمة مشابهة، فالتقدميون مثل الشابة ألكزاندريا أوكاسيو كورتيز يعتقدون بالفعل أن العديد من الديمقراطيين الحاليين ليسوا يساريين بما فيه الكفاية. يدعم العديد من الديمقراطيين قضايا تقدمية، مثل عزل الرئيس ترمب، وإلغاء تطبيق قوانين الهجرة والجمارك، أو زيادة الإنفاق المحلي بشكل كبير. ولكن المشكلة هي أن الجمهوريين السابقين الذين انتخبوا الديمقراطيين لا يدعمون هذه الأجندة التقدمية.
إن السبب في فوز ترمب في عام 2016 هو أن الناخبين من أمثال هؤلاء دعموه على مضض ضد هيلاري كلينتون. كشف استطلاع للرأي:
- أن 18% من جميع الناخبين لم يميلوا إلى أي من المرشحين في يوم الانتخابات.
- أظهرت استطلاعات سابقة أن هؤلاء الناخبين هم من خلفيات تعليمية متفاوتة، ويسكنون في الضواحي، ويميلون إلى الحزب الجمهوري.
- كشفت تلك الاستطلاعات الأولية أن هؤلاء الناخبين مشتتون، مع إعلان أغلبية كبيرة في منتصف شهر أكتوبر تأييدها لمرشح ثالث، لكن في يوم الانتخابات دعموا ترمب على مضض، والذي فضلوا سياساته بهامش 47 إلى 30%.
فكيف سينقسم هؤلاء الناخبون؟
قد يحاول ترمب الفوز بهم، لكن ذلك قد يسيء إلى قاعدته من المتشددين، كما أن مغازلة الوسط لاجتذاب أنصار رومني سيضر بالائتلاف الجمهوري.
وإن الانقسام السياسي الحاصل في أمريكا لا يتمحور حول ترمب، فالتغيير الثقافي والهجرة الجماعية وقوة الكيانات الوطنية تعيد ترتيب السياسة في جميع أنحاء العالم. وإذا كانت الشعوبية هي الثورة المضادة، فإننا في منتصف بحثنا عن توليفة ما يتكون منه ذلك، وكيف يتحدد هو ما سيخلق الظروف التي ستعيشها الولايات المتحدة خلال معظم العقود القليلة القادمة.