الرأي

الوقتمالية!

مشعل اليامي
لكل منا حياته الخاصة التي تتضمن مسؤولياته الأسرية والاجتماعية، وأهدافه، واحتياجاته، وطموحاته، ورغباته، وهواياته، وأولوياته التي تتفاوت بمرور الزمن وتبعا لاختلاف الظروف. ولتحقيق الأهداف يحتاج الشخص إلى عاملين مهمين للغاية، هما: المال والوقت. فالمال هو عصب الحياة، والوقت هو الحياة ذاتها!

وحقيقة إن السواد الأعظم من الناس - وتحديدا في مجتمعنا السعودي - لا يستثمرون هذين الموردين كما ينبغي! فالوقت يتسرب من ثقب التسويف، والمال يتسرب من ثقب الديون ! المال ننفقه في الكماليات، والوقت نضيعه في الملاهي والمتع الزائفة، وبسبب التبذير وسوء التدبير تهرم أهدافنا قبل أن نعانقها!

والمشكلة أن هذه (البعزقة) للوقت والمال ترتد سلبا على إيقاع حياتنا، حيث تضطرب بسببها أحوالنا المعيشية، وتتقلص رقعة أحلامنا وطموحاتنا المستقبلية، ونقصر في الوفاء بالتزاماتنا، وفي تأمين احتياجاتنا الأساسية.

وفي عصرنا الحالي، عصر التطور التقني والتقدم العلمي وثورة الاتصالات تعاظمت قيمة المال والوقت وتضاعفت أكثر من ذي قبل، وفي المقابل تعاظم طرديا معها هدرنا لهذين الموردين الاستراتيجيين!

إن الوقتمالية تحتاج إلى إدارة حكيمة تستشعر قيمتها الثمينة، ودورها الحيوي في تحقيق الأهداف العامة والخاصة، فالمال يحتاج إلى تدبير واقتصاد وترشيد في الإنفاق، وصولا إلى التحرر الكامل من رق الدَّين وذله، والوقت يحتاج إلى تنظيم وجدولة للنشاطات اليومية تكون متناسبة مع أهمية تلك الأعمال وحجمها.

ولأن الإنسان (يمون على نفسه أكثر من غيرها) نجده يجحف في حق طموحاته وأمنياته التي يهدف من ورائها إلى تحقيق ذاته، ويتقاعس عن إنجازها عندما تسوء ظروفه المادية وترتبك خططه الزمنية، وذلك لحساب واجبات ومسؤوليات أخرى. وهذا الإجحاف في حق الذات يؤدي مع مرور الزمن إلى ضمور غدة تدبير الشؤون الخاصة في الدماغ، وكسلها عن إفراز هرمون الطموح!

mashalgrad@