الرأي

وسائل التواصل الاجتماعي والإرشاد.. الفرص والمخاطر والاعتبارات الأخلاقية

عبير خليل أبوظاهرية
تتطور مهنة الإرشاد في العالم عموما وفي السعودية خصوصا بشكل مطرد، وذلك لعدة أسباب أهمها التطور في حياة الأسرة وما نتج عنه من العديد من المشاكل الأسرية التي قد لا يستطيع أفراد الأسرة التفاعل معها بإيجابية مهما ارتفع مستواهم التعليمي والمعرفي، لذا يلجأ أفراد الأسر إلى الاستعانة بالمرشدين الأسريين المتخصصين. ومع تطور التكنولوجيا المتسارع، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بالإمكان الاستفادة منها في الإرشاد الأسري، حيث فتحت هذه الوسائل العديد من الفرص لممارسي الإرشاد الأسري، ووضعتهم أيضا أمام مخاطر وتحديات أخلاقية عديدة.

في هذا المقال نستعرض أهم الفرص والمخاطر والاعتبارات الأخلاقية التي تواجه المرشدين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أوردها الباحثان جيوتا وكليفتاراس في دراستهما بعنوان»Social Media and Counselling: Opportunities, Risks and Ethical Considerations» والتي نشرت في العدد الثامن بالمجلد الثامن من المجلة الدولية لعلم النفس وعلوم السلوك.

هدفت الدراسة إلى استعراض الفرص التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي للمرشدين، وتنبيههم إلى بعض المخاطر الأكثر أهمية المنتشرة عبرها، والمشاكل الأخلاقية التي قد تظهر للمرشدين الذين يستخدمون هذه الوسائل في ممارساتهم. وتجري مناقشة بعض اعتبارات استخدام الانترنت في العمل الإرشادي مثل العلاقات المتعددة، والرؤية والخصوصية، والحفاظ على المبادئ الأخلاقية والحدود المهنية. ومن أهم النقاط:

- التطورات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للمرشدين فرصة إجراء البحوث وتقديم الخدمات بطرق أكثر تفردا وأكثر انتشارا من ذي قبل. ومكنت الباحثين من الوصول إلى مصادر البيانات بسهولة دون قيود جغرافية وزمنية، وقد ساعدت على الحفاظ على السرية وعدم الكشف عن هوية المسترشد، مما يجعل البحوث النفسانية على الانترنت أسهل، مع تقليل شعور الخجل عند الحديث عن المشاكل الخاصة.

- وسائل التواصل زادت القدرة على إجراءات التعرف على أعراض الاكتئاب، وأصبحت مكانا للناس للكشف عن مشاعر الاكتئاب والإعلان عن محاولات الانتحار.

- وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك يمكن أن تصبح بسهولة أداة عمل مهني. وإنشاء ملف تعريف على الانترنت يساعد في تسريع قدرة المرشد على تقديم الخدمة. وهو مؤشر على احترافية مهنية عالية، حيث يستطيع المرشد من خلالها عرض فلسفته، ويحدد البرامج التدريبية التي يقدمها، والمراجع التي يوصي بها.

- يستطيع المرشدون بناء برامج علاجية ومتابعتها وتقييمها بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري. فعلى سبيل المثال يمكن تذكير العميل بموعد أخذ الدواء، كما يمكن تقديم دورات العلاج والرعاية لمشكلات القلق والاكتئاب.

- وجوب الحذر من تزايد المخاطر الأخلاقية الناتجة عن استخدام الانترنت، وضرورة وعي المرشد بها حتى لا تؤثر سلبا على عمله.

- زادت وسائل التواصل الاجتماعي قدرة المسترشد على الحصول على معلومات أكثر عن المرشد من خلال تصفح الانترنت أو متابعته عبر الشبكات الاجتماعية الأخرى. وقد يرسل المسترشدون الشباب بريدا الكترونيا أو طلب صداقة على الفيس بوك. فإذا رفض المرشد طلب الصداقة عبر الفيس بوك قد يتولد لدى المسترشد الشعور بالرفض. وبالمقابل فإن الموافقة على طلبات الصداقة من المسترشدين والسماح لهم بالوصول إلى المعلومات الشخصية الحساسة يمكن أن يؤدي إلى تطوير علاقة مزدوجة (شخصية ومهنية) وهذا قد يسبب مشكلات أخلاقية، مع العلم بأن التشريعات والقوانين الأخلاقية تحذر من الدخول في علاقات متعددة (مهنية وشخصية)، لأن ذلك يمكن أن يضعف موضوعية الأخصائي وكفاءته وفعاليته في دوره الأساسي العلاجي.

- من الضروري إنشاء سياسة محددة وواضحة للاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي من أجل المحافظة على الحدود الأخلاقية والمهنية بين المرشد والمسترشد، وإدراج هذه السياسة في الاتفاقيات الموقعة بين المرشد والمسترشد.

- على المرشد الانتباه إلى أن أي شيء ينشره على الانترنت لا يمكن - عمليا - حذفه، وإدراك قدرة المسترشد على الوصول إلى بيانات المرشد من مواقع أخرى مثل مواقع التسوق الالكتروني، أو من خلال الأصدقاء المشتركين على مواقع التواصل.

وأهم النصائح للمرشدين:

- إنشاء مجموعات مختلفة في صفحاتهم مثل أصدقاء العمل، العائلة، المسترشدين ..الخ، بحيث تصل كل مجموعة إلى ما يخصها من معلومات عن المرشد.

- تحقيق التوازن بين التواصل الفعال مع العملاء والحفاظ على الحياة الشخصية للمستشارين.

الأهمية تتزايد لإنشاء سياسات محددة للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وكما نعلم فالمجتمع السعودي من أكثر المجتمعات استخداما لهذه الوسائل، وهناك اتجاه قوي لاستخدامها في الجوانب المهنية ومنها الإرشاد الأسري، لذا أصبح من الضروري تدريب المهنيين في الجوانب كافة على استخدام وسائل التواصل مهنيا وبشكل أكثر إيجابية وفعالية.

@omharetha