الرأي

سلمان وحلم اتحاد العرب

حسن علي القحطاني
يبدأ وينتهي اليوم اجتماع القادة العرب في القمة العربية الثلاثين التي تستضيفها جمهورية تونس، قمة تجمع على طاولتها 22 بلدا عربيا، لها 22 عملة، وتعداد سكانها يزيد على 410 ملايين، يجتمعون كل عام تقريبا والمشهد يتكرر.

وحديثي معكم لن يكون بعيدا عن الجغرافيا الاجتماعية وتعقيدات السياسة، فأجد أن واقع الشعوب العربية المقسومة بين القارتين الآسيوية والأفريقية تئن متوسلة قادتها لطي صفحة الفرقة والتشتت والفوضى السياسية، والبدء في بناء وحدة صف لا تحتاج إلا لترميم روابطها التاريخية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، ففي هذا الزمن لم تعد التعليلات والتفسيرات الظرفية الزمنية أو المكانية مقبولة، بل إن العيش والتعايش مع الواقع يبعث مكامن الحزن، فالبلد المستضيف لا يزال يبذل المستطاع ليتعافى من شرارة الخريف الذي بدأ من أرضه، وفي القارة نفسها باتجاه الغرب بلد مجاور له يقف على صفيح ساخن بين من نسي موعد الخروج المناسب من السلطة ومن كان ينتظر الفرصة للانقضاض عليها، يليه بلد يعاني اقتصاده تذبذبات، ويعاني من نزاعات لم تنهيها التفاهمات على جزء منه، يبتعد عنه تدريجيا ليتصل جنوبا ببلد يخوض مراحل تسليم الحكم من الحاكم إلى الحاكم نفسه.

أما شرقا فليبيا تمزقها الأيديولوجيات، وتسبح فيها المخططات إلى حدود تهدد وجودها، تليها مصر التي تنفض تدريجيا غبار مواسم الخريف التي مضت، وإن كان ينتظرها تعديل دستوري قد يثير نفس الغبار المتراكم جنوبا في سماء السودان ذي موارد الغنى، ولكن ينام سكانه أحيانا بلا عشاء، بينما يسكن الفقر رسميا جزر القمر وجيبوتي والصومال من غير حول لهم ولا قوة.

في القارة الأخرى، نجد أن العراق يتآكل بسبب الطائفية وعبودية الملالي والولي الفقيه، فيما تتجزأ أرض جاره السوري، فالأتراك طامعون في شماله والإيرانيون والروس يعبثون في وسطه، ويلتهم الكيان الصهيوني جولانه، ولبنان يحاول استعادة هويته العربية التي كانت تميزه، ويصارع ضغط هوية متطرفة لا تعرف سوى الخراب والتدمير، وإلى جنوبه أرض عربية محتلة منذ زمن طويل، تسمى فلسطين، تنهش من أبنائها أكثر ممن يحتلها، ويقاوم الأردن ليستمر واقفا، وإذا ترنح يسند من أشقائه في دول الخليج العربي الذين باتوا يعتمدون على الثنائيات والرباعيات، بعد أن ذاقوا مر غدر المؤامرات من دويلة الأوهام والتناقضات قطر، أو صدموا بمواقف عُمان التي لا تعنيها قضايا أمنهم، ولا حلف حربهم ضد من سلب جارهم اليمني شرعيته.

أخيرا، ربما آن الأوان ليكون للعرب اتحاد يوازي بثقله السياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري كل المنظومات الدولية المتحدة ضده أو حوله أو تحيطه من كل حدب وصوب، وهذا يا سادة ليس أضغاث أحلام، وإن كانت الأمور العظيمة تبدأ بحلم.

والتاريخ يؤكد أن هذه الأمة لا تقوم إلا بقائد يتفرد بنبذ الذات، قادر على صناعة حدث تاريخي فريد من نوعه، وإني أرى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان هو ذلك القائد الأقدر على ذلك، والأصدق قولا وفعلا، والأكثر حلما وحزما، والأقرب إلى دائرة صنع القرار، فهل نرى في القريب رؤية سلمانية تعيد وحدة العرب، وتنهي فصول الانهيارات التاريخية العربية الكبرى؟ بين الأمل والرجاء أوجه هذا النداء، والله قادر على ما يشاء.

@hq22222