موضوعات الخاصة

غلاء المعيشة.. نار تكوي الإيرانيين

هانك: التضخم وصل إلى 400% والأرقام الحكومية غير صحيحة

ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات في إيران وفقا للبيانات الحكومية الرسمية بنسبة 50% خلال الأشهر الماضية، في حين وصل التضخم إلى 400% وفق تقديرات خبراء، وباتت نار الأسعار تكوي المواطن الإيراني العادي، في الوقت الذي يقود فيه نظام الملالي بلاده إلى الأسوأ، حسبما أفاد مركز الإحصاء الإيراني بحسب موقع راديو فرادا.

ووفقا للإحصاء الرسمي الذي جرى الكشف عنه أخيرا، للفترة من أبريل 2018 وحتى مارس 2019، أصبحت السلع والخدمات أكثر تكلفة بنسبة 47.5%، ويواجه الإيرانيون أصحاب الدخل المتوسط ظروفا قاسية في تدبير حياتهم اليومية.

وحمل الإحصاء أرقاما صادمة للإيرانيين فيما يخص تضخم المواد الغذائية والمشروبات، والذي بلغ 73.2% في نفس الفترة الماضية، وهو الجزء الأكثر أهمية من احتياجات عائلة الطبقة العاملة عندما زاد الحد الأدنى للأجور قليلا مقارنة بالتضخم.

الارتفاع في الأسعار

يعود السبب الرئيس لارتفاع معدل التضخم في إيران وفق آراء المحللين إلى تخفيض قيمة العملة الإيرانية، حيث فقد الريال قيمته 4 أضعاف أمام الدولار، والعملات الرئيسة الأخرى خلال 12 شهرا، وهو ما يعني أن واردات المواد الخام للإنتاج تصبح أكثر تكلفة، على الرغم من أن الحكومة تدعم السلع الأساسية، من خلال توفير دولارات رخيصة للمستوردين الذين تعتمد عليهم.

ومع ذلك، هناك عاملان يمنعان الدعم الحكومي للمساعدة في خفض التضخم:

أولا: لا يمكن أن تغطي الإعانة جميع الواردات المطلوبة، حيث يتم شراء العديد من السلع بدولارات باهظة الثمن.

ثانيا: عندما تبدأ السلع المستوردة في التصفية لتجار التجزئة، يقوم التجار بتغطية رهاناتهم ضد المستقبل عن طريق بيع كل شيء بأسعار أعلى بكثير.

وبعبارة أخرى، فهناك بيئة اقتصادية من عدم اليقين الساحق، حيث لا أحد يريد أن يفقد رأس ماله لمزيد من تخفيض قيمة العملة، وهناك أيضا عنصر من عناصر الانتهازية المضاربة، والذي أصبح ممكنا بفضل نظام اقتصادي أقل تنافسية تماما وشبه مغلق.

ويعود الانخفاض الحاد في قيمة الريال إلى رفض الرئيس دونالد ترمب للاتفاقية النووية التي أبرمت في عهد إدارة براك أوباما مع إيران، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية الصارمة.

أرقام مضللة

عندما أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الصفقة النووية، شهدت إيران تدفقات خطيرة لرؤوس الأموال في أواخر عام 2017 وأوائل عام 2018.

بالإضافة إلى ذلك، أدى عدم الثقة في المستقبل الاقتصادي للبلاد إلى دفع المواطنين العاديين والشركات إلى تخزين العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع الدولار في السوق المحلية.

ومع بدء العقوبات بالكامل بحلول نوفمبر 2018، انخفضت صادرات النفط الإيرانية وغيرها من الصادرات بنسبة 50%، مما قلل من مدخولها من الدولار وقدرتها على إبقاء أسعار صرف العملات منخفضة.

وتعهد الرئيس حسن روحاني في رسالته للعام الجديد بالتحكم في التضخم وزيادة الريال، ولكن مع تضاؤل ​​الصادرات واحتياطيات العملة، فإن هذا الأمر أسهل من الفعل.

ويعتقد الأشخاص العاديون والاقتصاديون المستقلون أن أرقام التضخم الحقيقية أعلى مما تم الإعلان عنه رسميا، حيث يقول البروفيسور ستيف هانك من جامعة جون هوبكنز الذي يدرس الاقتصاد الإيراني:»إن طهران في خضم التضخم الجامح، بداية من عام 2018، وإن التضخم الحقيقي بلغ 150% في مايو 2018 وارتفع إلى 400 % قبل أن ينخفض إلى 250 % في سبتمبر الماضي».

قد لا يكون الاقتصاديون الآخرون متشائمين للغاية، لكن معظم الخبراء الإيرانيين في الخارج يعتقدون أن جميع الإحصائيات التي نشرتها المؤسسات التي تتخذ من إيران مقرا لها، تشير إلى أرقام التضخم التي لم يتم الإبلاغ عنها لتقليل تأثيرها السلبي على الوضع السياسي المتقلب في البلاد.

اللحوم والبصل

ارتفع سعر البصل أربعة أضعاف في غضون أسابيع في إيران، ليصل إلى ما يقرب من دولار أمريكي للكيلو بناء على أسعار الصرف في السوق الحرة، ويعد البصل جزءا مهما من سلة الطعام للإيرانيين من الطبقة العاملة الذين يكسبون ما يتراوح بين 100 و130 دولارا شهريا.

ويعد سعر الأطعمة الأكثر تكلفة، مثل اللحوم، أعلى بعشرة أضعاف من البصل وهو بالفعل بعيد عن متناول العمال، وأفادت وسائل الإعلام المحلية بأنه في الأيام الأخيرة، تضاءل عرض البصل في المتاجر وارتفع السعر، وألقى رئيس نقابة موزعي الفواكه والخضراوات باللوم على الصادرات بسبب قلة البصل في السوق المحلية.

في الآونة الأخيرة، ذكرت وسائل الإعلام الشيء نفسه عن إمدادات اللحوم، حيث يتم تصدير الحيوانات المذبوحة، مما يترك لسوق التجزئة الإيرانية نقصا وخطوطا طويلة، ونظرا لأن العملة الإيرانية فقدت قيمتها مقابل الدولار، فغالبا ما يكون تصدير منتج محلي، أو حتى إعادة تصدير استيراد مدعوم، أكثر ربحا من بيعه محليا.

ومع محاولة الحكومة الإيرانية قمع المضاربين والتجار، واعتقال العشرات منهم وإعدامهم، بداعي الجشع والتربح على حساب المواطن، إلا أنهم لم ينجحوا في ضبط الأسعار ووقف التضخم الذي يتزايد يوما عن آخر بسبب النظام الفاشي الذي يبعث أمواله ومقدرات وطنه للخارج لدعم الميليشيات المسلحة ونشر الفتنة والقتل والدمار في المنطقة، وأثبتت قوى السوق أنها أقوى.