وثائق أمريكية: صدام حسين خدع الإيرانيين
أرشيف الأمن القومي يعترف بفشل المخابرات الأمريكية في تقدير حرب العراق
الاثنين / 18 / رجب / 1440 هـ - 08:00 - الاثنين 25 مارس 2019 08:00
هل تعمد صدام حسين أن يتحدث عن امتلاكه أسلحة دمار شامل من أجل خداع النظام الإيراني بعد حرب دامية استمرت على مدار 8 سنوات بين البلدين؟
سؤال كان مطروحا بقوة في أرشيف الأمن القومي الأمريكي، الذي كشف عن خلل كبير في تقديرات الاستخبارات الأمريكية للحرب، حيث ظهر الغزو الأمريكي للعراق وكأنه كتاب مدرسي للافتراضات الخاطئة والمعلومات الخاطئة، والتلاعب بالدعاية.
يتضمن الأرشيف الذي نشر بالتواكب مع ذكرى غزو العراق، مذكرة داونينج ستريت الشهيرة التي تقول إنه «تم إصلاح المعلومات الاستخباراتية والحقائق حول السياسة»، ومذكرة الـPolo Step وهو الاسم الرمزي في أواخر التسعينات من القرن الماضي لتعيين معلومات تخطيطية عن كثب حول عمليات سرية ضد القاعدة في أفغانستان، ومقابلة مكتب التحقيقات الفيدرالي مع صدام حسين في الأسر، عندما قال إنه كذب بشأن أسلحة الدمار الشامل لإبقاء إيران على التخمين والردع، وتقدير الاستخبارات الوطنية الخاطئ حول أسلحة الدمار الشامل العراقية.
علق جويس باتل، كبير محللي الأرشيف عن الوثائق التي رفعت عنها السرية حول حرب العراق قائلا «توفر هذه الوثائق العشر قراءة أساسية لأي شخص يحاول فهم حرب العراق»، مضيفا «في الوقت الذي يناقش فيه الجمهور تكاليف وعواقب الغزو الأمريكي، فإن هذه المصادر الأساسية تعمل على تحديث الذاكرة وتأسيس النقاش بالأدلة المعاصرة».
الغزو الأمريكي
بعد عقد من الغزو الأمريكي للعراق «19 مارس 2003»، يستمر النقاش حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد حقا أن قدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية المفترضة تشكل خطرا وشيكا، وما إذا كانت نتائج المشاركة تستحق التكاليف المرتفعة التي حدثت.
نشر أرشيف الأمن القومي مجموعة مختارة من الوثائق التاريخية الأساسية التي تحدد العناصر الأساسية لأحد أهم خيارات السياسة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة، وتوضح السجلات قرار الذهاب إلى الحرب، وإدارة عراق ما بعد الغزو، وبيع الفكرة إلى الكونجرس، ووسائل الإعلام، والجمهور عموما، وتابع الأرشيف دور الولايات المتحدة في الحرب منذ إنشائها وقدم المئات من طلبات قانون حرية المعلومات لإلغاء السرية عن السجل الأساسي.
لمحات من الوثائق
- تظهر مذكرة صادرة من مكتب الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، تحدد سياسة إدارة كلينتون التي تدعم تغيير النظام في العراق، قدمت إلى وزير الخارجية الجديد كولن باول في بداية إدارة جورج دبليو بوش الجديدة عام 2001، عبر الدعم المالي والأسلحة والمعارضة الداخلية، وجهود الدعاية، والجهات الفاعلة الإقليمية بدلا من العمل المباشر من قبل الجيش الأمريكي.
- تظهر الملاحظات ذات النقاط التي ناقشها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مع قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال تومي فرانكس، ففي أواخر 2001 حاول البنتاجون بالفعل تركيزه وطاقته عن الحملة الأفغانية بعد أقل من ثلاثة أشهر وركز على العراق.
- مذكرة الحكومة البريطانية «العيون فقط» تكشف بإيجاز المناخ الذي أدى إلى الحرب بحلول صيف 2002: «رأت الولايات المتحدة أن العمل العسكري أمر لا مفر منه؛ أراد جورج بوش تبرير ذلك بربط العراق بالإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، بينما كان النقاش في واشنطن حول آثار الغزو».
تهديد مزعوم
استمر التخطيط العسكري الأمريكي طوال 2002، حيث ضغط الوزير رامسفيلد للاستعداد للغزو قبل نهاية العام، وبدأت حملة علاقات عامة كاملة في الوقت نفسه مع زيادة مناخ الترقب والخوف، حيث أخبر نائب الرئيس تشيني قدامى المحاربين العسكريين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة ستحتاج إلى استخدام «كل أداة» لتهديد كامن في أكثر من 60 دولة.
وأعلن بشكل قاطع أن العراق كان يسعى للحصول على أسلحة نووية هجومية، ويمتلك أسلحة دمار شامل، وكان يخطط لاستخدامها ضد أصدقاء الولايات المتحدة نفسها، وشاركت قيادة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بحماس شديد، حيث زودت الكونجرس والجمهور بتقارير مصورة لامعة عن التهديد العراقي المزعوم.
حظيت حملة العلاقات العامة بدعم الجناح اليميني والصقور الليبراليين، وربما كان الأكثر عدوانية هو لوبي المحافظين الجدد المشهور في العراق، الذي بدأ مشروعه لقرن أمريكي جديد في شن حملة من أجل العمل العسكري الأمريكي المباشر ضد العراق في التسعينيات.
ومن المحتمل أن تكون حملة العلاقات العامة وصلت ذروتها مع خطاب كولن باول المصور في فبراير 2003 أمام الأمم المتحدة، والذي تلقاه الكثيرون كمظاهرة بارعة لقضية الحرب، وشبكة قليلة من الافتراضات التي لم يتم التحقق منها، وفي هذه الأثناء، وكما تظهر إحدى مذكرات وزير الدفاع رامسفيلد الشهيرة «ندفة الثلج» في أكتوبر 2002، كانت الدرجات العليا في الإدارة تدرك جيدا المخاطر المحتملة للغزو، ومع ذلك فقد اختاروا المضي قدما دون النظر بشكل كامل في تداعياتها.
حرب غير تقليدية
توضح الوثائق أن المفاهيم الخاطئة حول العراق كانت مفيدة لإدارة بوش كعناصر تمكين لقرار الغزو؛ كما أنها تساعد في حساب السياسات الأمريكية المأساوية بعد الغزو، وكانت لدى الإدارة آمال كبيرة على موارد النفط العراقية، كما تظهر وثائق التخطيط التي لا تعد ولا تحصى، من بين التوقعات الأخرى، كان قطاع النفط سيعود إلى العمل في غضون بضعة أشهر ومع إيراداته، كان من المتوقع أن يدفع الشعب العراقي ثمن غزو بلده وإعادة بنائه تحت سلطة الولايات المتحدة.
أعلن جورج بوش، الذي لم يطلعه مستشاروه على نحو ما، على حدوث انقسامات داخل العراق، وحرب غير تقليدية، ومقاومة تغذيها القومية «عمليات قتالية كبرى» في 1 مايو 2003 - قبل حوالي 8 سنوات من انسحاب خليفته في النهاية من العراق.
زادت زعزعة الاستقرار في العراق بعد الغزو إلى حد كبير بسبب السياسات الأمريكية، بما في ذلك فرض المادتين 1 و 2 من سلطة التحالف الموقتة، التي ألغت البنية التحتية المدنية والعسكرية في البلاد، وحرمت بشكل مفاجئ مئات الآلاف من أي فرص للحصول على دخل، واستبدلت النظام القديم، مع شيء يقترب من الفوضى.
صدام وثقب العنكبوت
أسرت الولايات المتحدة صدام حسين في «ثقب العنكبوت» في ديسمبر 2003 كما حدث بعد عدة سنوات مع أسامة بن لادن، وهو المخطط الفعلي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر والتركيز الرئيسي للعداء الأمريكي، حتى أعادت إدارة بوش توجيه طاقتها إلى صدام، أكد صدام على ما كان يعرفه بالفعل معظم طلاب العلاقات الدولية أو تاريخ العراق: أن القيادة العراقية شعرت بأنها عرضة للأعداء القريبين والبعيدين، مع أن التهديد الإيراني المتصور لم يكن بعيدا عن ذهنهم، ويعتقد أنها كانت محاولة للحفاظ على الغموض حول قدراتها على الأسلحة التقليدية وغيرها كجزء من موقفها الدفاعي.
المستندات الأخيرة في هذا التحول هي نظرة إلى الوراء في بعض الأشياء التي حدث بها خطأ، أحدهما مقتطف من تقرير دولفر الشامل عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المقدم لمدير المخابرات المركزية الأمريكية، والآخر عبارة عن «mul culpa» من قبل وكالة المخابرات المركزية لعدم إدراكها أنه لم يكن هناك برنامج لأسلحة الدمار الشامل يستحق هذا الاسم في وقت الغزو.
لم تكن هذه السجلات صاحبة الكلمة الأخيرة عن الحرب، والتي ابتليت أمريكا بتداعياتها عقودا عديدة.
من ملفات الأرشيف
بيان الرئيس وتحرير العراق 31 أكتوبر 1998
بعد ثلاثة أيام فقط من تنصيب الرئيس بوش، أبلغ وزير الخارجية الجديد، كولن باول، بقانون تحرير العراق لعام 1998، وشاهد اقتباسات من المفاهيم الداعمة للرئيس بيل كلينتون، وفي بيان مصاحب لتوقيعه على قانون تحرير العراق، أشار كلينتون إلى أن الولايات المتحدة تمنح مجموعات المعارضة العراقية 8 ملايين دولار لمساعدتها في توحيد رسالتهم والتعاون والتعبير عنها.
دونالد رامسفيلد والتخطيط للحرب 27 نوفمبر 2001
استخدم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عدة ملاحظات لإطلاع قائد القيادة الوسطى الجنرال تومي فرانكس خلال زيارة إلى تامبا لمناقشة خطة جديدة للحرب مع العراق، أعدها رامسفيلد بالتشاور مع بول وولفويتز ودوغلاس فيث، سردوا الخطوات التي يعتقد مسؤولو وزارة الدفاع أنها قد تؤدي إلى انهيار الحكومة العراقية، وتعكس عناصر من خطة قائمة وضعت مع المؤتمر الوطني العراقي، بما في ذلك الاستيلاء على حقول النفط العراقية، وحماية الحكومة الموقتة، ونقل الأصول إلى الحكومة، وإعطاء العراق عائدات النفط، وتغيير النظام.
وتدرج المذكرات بعض المشغلات التي يمكن أن تستخدمها الإدارة لبدء الحرب، بما في ذلك الأعمال العسكرية العراقية ضد الجيب المحمي من قبل الولايات المتحدة في شمال العراق، واكتشاف الروابط بين صدام حسين و11/11 أو هجمات الجمرة الخبيثة الأخيرة.
ماثيو ريكرفت سكرتير رئيس الوزراء 23 يوليو 2002
تقدم هذه الملاحظات نظرة ثاقبة حول موقف إدارة بوش تجاه تغيير النظام، ونهج الأمم المتحدة، وجهود الدعاية، وتحتوي على التصريح المشهور الآن والذي تحدث فيه رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية السير ريتشارد ديرلوف عن محادثاته في واشنطن: «كان هناك تغيير ملموس في المواقف، كان ينظر إلى العمل العسكري الآن على أنه أمر لا مفر منه، أراد إزاحة صدام، من خلال عمل عسكري مبررا بالترابط بين الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، لكن المعلومات الاستخبارية والحقائق كانت تدور حول السياسة».
مجلس الشيوخ والاستخبارات 7 يوليو 2004
كان هناك ثلاثة إصدارات منفصلة لتقدير الاستخبارات الوطنية في أكتوبر 2002 حول برامج العراق المستمرة لأسلحة الدمار الشامل، وخلصت وكالة الاستخبارات الوطنية إلى أن العراق واصل برامج أسلحة الدمار الشامل على الرغم من قرارات الأمم المتحدة وعقوباتها، وأنه كان بحوزته أسلحة كيميائية وبيولوجية وكذلك صواريخ يتجاوز مداها حدود الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، حكم على أن العراق كان يعيد بناء برنامج الأسلحة النووية الخاص به، وإذا لم يتم ضبطه، فمن المحتمل أن يكون لديه سلاح نووي قبل نهاية العقد على افتراض أنه كان يتعين عليه إنتاج المواد الانشطارية محليا، وإذا تمكن من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية من الخارج، فيمكنه صنع سلاح نووي من عدة أشهر إلى سنة، وفقا للتقديرات.
دونالد رامسفيلد والمشاكل المحتملة 15 أكتوبر 2002
كتب دونالد رامسفيلد قائمة النكسات المتوقعة من غزو العراق في خضم مداولات الإدارة حول مهاجمة العراق، كانت الوثيقة عبارة عن «ندفة ثلجية»، وهي واحدة من «عاصفة ثلجية» من المذكرات القصيرة، وبعضها مجرد بضع كلمات أرسلها رامسفيلد إلى زملائه ومرؤوسيه في الحكومة خلال فترة ولايته في البنتاجون.
يقال إن هذا الهدف مخصص للرئيس بوش، وهو يصف 29 نتيجة سلبية محتملة، العديد منها كانت عالية الوضوح، وهو ما يؤكد أن كبار المسؤولين الأمريكيين كانوا على دراية بالمخاطر الخطيرة التي ينطوي عليها ذلك عندما اتخذوا قرار المضي قدما في حرب العراق.
بعض سلبيات الحرب:
• البند 13، »يمكن أن تفشل الولايات المتحدة في العثور على أسلحة الدمار الشامل على الأرض في العراق، وأن تكون غير مقنعة للعالم«
• البند 14»قد يكون هناك أضرار جانبية أعلى من المتوقع، وفيات المدنيين العراقيين«
• البند 17 »الولايات المتحدة قد تفشل في إدارة عراق ما بعد صدام حسين بنجاح ...«
• البند 19 بأنه »بدلا من أن تتطلب جهود ما بعد صدام ما بين 2 إلى 4 سنوات، فقد يستغرق الأمر من 8 إلى 10 سنوات، وبالتالي ستحتاج القيادة الأمريكية إلى الموارد العسكرية والمالية«
وزارة الخارجية ومشروع مستقبل العراق 20 أبريل 2003
كان «مشروع مستقبل العراق» عبارة عن دراسة ضخمة من 13 مجلدا حصلت عليها وزارة الخارجية من أرشيف الأمن القومي، بموجب قانون حرية المعلومات، كانت واحدة من أشمل الجهود التي تبذلها الحكومة الأمريكية في مجال التخطيط لإخراج العراق من رماد القتال وإقامة ديمقراطية فاعلة.
ولإعداد التقرير، نظمت الإدارة أكثر من 200 من المهندسين والمحامين ورجال الأعمال والأطباء والخبراء العراقيين الآخرين، في 17 مجموعة عمل لوضع استراتيجيات حول موضوعات تشمل ما يلي: الصحة العامة والاحتياجات الإنسانية والشفافية ومكافحة الفساد والنفط والطاقة والدفاع والسياسات والمؤسسات، والعدالة الانتقالية، والمبادئ والإجراءات الديمقراطية، والحكم المحلي، وبناء قدرات المجتمع المدني، والتعليم، والإعلام الحر، والمياه، والزراعة والبيئة والاقتصاد والبنية التحتية.
أحد أكثر القطاعات تفاؤلا تناول النفط والطاقة، لقد فهمت الدراسة أن احتياطيات العراق النفطية تمثل «رصيدا هائلا يمكن استخدامه لفائدة كل مواطن أخير في البلاد، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الديني»، وردد هذا بحماس نائب وزير الدفاع السابق بول وولفويتز، الذي أخبر لجنة اعتمادات مجلس النواب في 27 مارس 2003: «نحن نتعامل مع دولة يمكنها حقا تمويل إعادة الإعمار، وقريبا نسبيا». ومع ذلك، أكد التقرير أن العراقيين لن يتبنوا فكرة جعل التحالف يدير صناعة النفط في البلاد لأن «القومية في صناعة النفط العراقية قوية للغاية».
حوار صدام مع مكتب التحقيقات 11 يونيو 2004
بعد القبض على صدام حسين على أيدي القوات الأمريكية في ديسمبر 2003، أجرى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص 20 مقابلة رسمية معه، وفقا لتقارير إف بي آي السرية تتضمن سجلات هذه اللقاءات الرائعة رؤى قيمة تاريخيا في تفكير صدام حول مجموعة واسعة من المواضيع من إحساسه بعلاقته بالشعب العراقي، إلى الحرب الإيرانية العراقية الكارثية في الثمانينات. وعلى الرغم من أن صدام كان يعلم أنه كان يتحدث إلى محقق أمريكي، وربما كان من المتوقع أن يكون قد ألقى تعليقاته وفقا لذلك، فإن المواد تمثل موارد مهمة لدراسة الرئيس العراقي السابق وحكمه على البلاد. وتظهر الوثائق شرح صدام أحد الأسباب الرئيسية لتشويه قدرات العراق على أسلحة الدمار الشامل لمفتشي الأمم المتحدة والعالم: «خوفه من التهديد الناشئ عن إيران».
سؤال كان مطروحا بقوة في أرشيف الأمن القومي الأمريكي، الذي كشف عن خلل كبير في تقديرات الاستخبارات الأمريكية للحرب، حيث ظهر الغزو الأمريكي للعراق وكأنه كتاب مدرسي للافتراضات الخاطئة والمعلومات الخاطئة، والتلاعب بالدعاية.
يتضمن الأرشيف الذي نشر بالتواكب مع ذكرى غزو العراق، مذكرة داونينج ستريت الشهيرة التي تقول إنه «تم إصلاح المعلومات الاستخباراتية والحقائق حول السياسة»، ومذكرة الـPolo Step وهو الاسم الرمزي في أواخر التسعينات من القرن الماضي لتعيين معلومات تخطيطية عن كثب حول عمليات سرية ضد القاعدة في أفغانستان، ومقابلة مكتب التحقيقات الفيدرالي مع صدام حسين في الأسر، عندما قال إنه كذب بشأن أسلحة الدمار الشامل لإبقاء إيران على التخمين والردع، وتقدير الاستخبارات الوطنية الخاطئ حول أسلحة الدمار الشامل العراقية.
علق جويس باتل، كبير محللي الأرشيف عن الوثائق التي رفعت عنها السرية حول حرب العراق قائلا «توفر هذه الوثائق العشر قراءة أساسية لأي شخص يحاول فهم حرب العراق»، مضيفا «في الوقت الذي يناقش فيه الجمهور تكاليف وعواقب الغزو الأمريكي، فإن هذه المصادر الأساسية تعمل على تحديث الذاكرة وتأسيس النقاش بالأدلة المعاصرة».
الغزو الأمريكي
بعد عقد من الغزو الأمريكي للعراق «19 مارس 2003»، يستمر النقاش حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد حقا أن قدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية المفترضة تشكل خطرا وشيكا، وما إذا كانت نتائج المشاركة تستحق التكاليف المرتفعة التي حدثت.
نشر أرشيف الأمن القومي مجموعة مختارة من الوثائق التاريخية الأساسية التي تحدد العناصر الأساسية لأحد أهم خيارات السياسة الخارجية الأمريكية في الآونة الأخيرة، وتوضح السجلات قرار الذهاب إلى الحرب، وإدارة عراق ما بعد الغزو، وبيع الفكرة إلى الكونجرس، ووسائل الإعلام، والجمهور عموما، وتابع الأرشيف دور الولايات المتحدة في الحرب منذ إنشائها وقدم المئات من طلبات قانون حرية المعلومات لإلغاء السرية عن السجل الأساسي.
لمحات من الوثائق
- تظهر مذكرة صادرة من مكتب الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، تحدد سياسة إدارة كلينتون التي تدعم تغيير النظام في العراق، قدمت إلى وزير الخارجية الجديد كولن باول في بداية إدارة جورج دبليو بوش الجديدة عام 2001، عبر الدعم المالي والأسلحة والمعارضة الداخلية، وجهود الدعاية، والجهات الفاعلة الإقليمية بدلا من العمل المباشر من قبل الجيش الأمريكي.
- تظهر الملاحظات ذات النقاط التي ناقشها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مع قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال تومي فرانكس، ففي أواخر 2001 حاول البنتاجون بالفعل تركيزه وطاقته عن الحملة الأفغانية بعد أقل من ثلاثة أشهر وركز على العراق.
- مذكرة الحكومة البريطانية «العيون فقط» تكشف بإيجاز المناخ الذي أدى إلى الحرب بحلول صيف 2002: «رأت الولايات المتحدة أن العمل العسكري أمر لا مفر منه؛ أراد جورج بوش تبرير ذلك بربط العراق بالإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، بينما كان النقاش في واشنطن حول آثار الغزو».
تهديد مزعوم
استمر التخطيط العسكري الأمريكي طوال 2002، حيث ضغط الوزير رامسفيلد للاستعداد للغزو قبل نهاية العام، وبدأت حملة علاقات عامة كاملة في الوقت نفسه مع زيادة مناخ الترقب والخوف، حيث أخبر نائب الرئيس تشيني قدامى المحاربين العسكريين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة ستحتاج إلى استخدام «كل أداة» لتهديد كامن في أكثر من 60 دولة.
وأعلن بشكل قاطع أن العراق كان يسعى للحصول على أسلحة نووية هجومية، ويمتلك أسلحة دمار شامل، وكان يخطط لاستخدامها ضد أصدقاء الولايات المتحدة نفسها، وشاركت قيادة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بحماس شديد، حيث زودت الكونجرس والجمهور بتقارير مصورة لامعة عن التهديد العراقي المزعوم.
حظيت حملة العلاقات العامة بدعم الجناح اليميني والصقور الليبراليين، وربما كان الأكثر عدوانية هو لوبي المحافظين الجدد المشهور في العراق، الذي بدأ مشروعه لقرن أمريكي جديد في شن حملة من أجل العمل العسكري الأمريكي المباشر ضد العراق في التسعينيات.
ومن المحتمل أن تكون حملة العلاقات العامة وصلت ذروتها مع خطاب كولن باول المصور في فبراير 2003 أمام الأمم المتحدة، والذي تلقاه الكثيرون كمظاهرة بارعة لقضية الحرب، وشبكة قليلة من الافتراضات التي لم يتم التحقق منها، وفي هذه الأثناء، وكما تظهر إحدى مذكرات وزير الدفاع رامسفيلد الشهيرة «ندفة الثلج» في أكتوبر 2002، كانت الدرجات العليا في الإدارة تدرك جيدا المخاطر المحتملة للغزو، ومع ذلك فقد اختاروا المضي قدما دون النظر بشكل كامل في تداعياتها.
حرب غير تقليدية
توضح الوثائق أن المفاهيم الخاطئة حول العراق كانت مفيدة لإدارة بوش كعناصر تمكين لقرار الغزو؛ كما أنها تساعد في حساب السياسات الأمريكية المأساوية بعد الغزو، وكانت لدى الإدارة آمال كبيرة على موارد النفط العراقية، كما تظهر وثائق التخطيط التي لا تعد ولا تحصى، من بين التوقعات الأخرى، كان قطاع النفط سيعود إلى العمل في غضون بضعة أشهر ومع إيراداته، كان من المتوقع أن يدفع الشعب العراقي ثمن غزو بلده وإعادة بنائه تحت سلطة الولايات المتحدة.
أعلن جورج بوش، الذي لم يطلعه مستشاروه على نحو ما، على حدوث انقسامات داخل العراق، وحرب غير تقليدية، ومقاومة تغذيها القومية «عمليات قتالية كبرى» في 1 مايو 2003 - قبل حوالي 8 سنوات من انسحاب خليفته في النهاية من العراق.
زادت زعزعة الاستقرار في العراق بعد الغزو إلى حد كبير بسبب السياسات الأمريكية، بما في ذلك فرض المادتين 1 و 2 من سلطة التحالف الموقتة، التي ألغت البنية التحتية المدنية والعسكرية في البلاد، وحرمت بشكل مفاجئ مئات الآلاف من أي فرص للحصول على دخل، واستبدلت النظام القديم، مع شيء يقترب من الفوضى.
صدام وثقب العنكبوت
أسرت الولايات المتحدة صدام حسين في «ثقب العنكبوت» في ديسمبر 2003 كما حدث بعد عدة سنوات مع أسامة بن لادن، وهو المخطط الفعلي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر والتركيز الرئيسي للعداء الأمريكي، حتى أعادت إدارة بوش توجيه طاقتها إلى صدام، أكد صدام على ما كان يعرفه بالفعل معظم طلاب العلاقات الدولية أو تاريخ العراق: أن القيادة العراقية شعرت بأنها عرضة للأعداء القريبين والبعيدين، مع أن التهديد الإيراني المتصور لم يكن بعيدا عن ذهنهم، ويعتقد أنها كانت محاولة للحفاظ على الغموض حول قدراتها على الأسلحة التقليدية وغيرها كجزء من موقفها الدفاعي.
المستندات الأخيرة في هذا التحول هي نظرة إلى الوراء في بعض الأشياء التي حدث بها خطأ، أحدهما مقتطف من تقرير دولفر الشامل عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المقدم لمدير المخابرات المركزية الأمريكية، والآخر عبارة عن «mul culpa» من قبل وكالة المخابرات المركزية لعدم إدراكها أنه لم يكن هناك برنامج لأسلحة الدمار الشامل يستحق هذا الاسم في وقت الغزو.
لم تكن هذه السجلات صاحبة الكلمة الأخيرة عن الحرب، والتي ابتليت أمريكا بتداعياتها عقودا عديدة.
من ملفات الأرشيف
بيان الرئيس وتحرير العراق 31 أكتوبر 1998
بعد ثلاثة أيام فقط من تنصيب الرئيس بوش، أبلغ وزير الخارجية الجديد، كولن باول، بقانون تحرير العراق لعام 1998، وشاهد اقتباسات من المفاهيم الداعمة للرئيس بيل كلينتون، وفي بيان مصاحب لتوقيعه على قانون تحرير العراق، أشار كلينتون إلى أن الولايات المتحدة تمنح مجموعات المعارضة العراقية 8 ملايين دولار لمساعدتها في توحيد رسالتهم والتعاون والتعبير عنها.
دونالد رامسفيلد والتخطيط للحرب 27 نوفمبر 2001
استخدم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عدة ملاحظات لإطلاع قائد القيادة الوسطى الجنرال تومي فرانكس خلال زيارة إلى تامبا لمناقشة خطة جديدة للحرب مع العراق، أعدها رامسفيلد بالتشاور مع بول وولفويتز ودوغلاس فيث، سردوا الخطوات التي يعتقد مسؤولو وزارة الدفاع أنها قد تؤدي إلى انهيار الحكومة العراقية، وتعكس عناصر من خطة قائمة وضعت مع المؤتمر الوطني العراقي، بما في ذلك الاستيلاء على حقول النفط العراقية، وحماية الحكومة الموقتة، ونقل الأصول إلى الحكومة، وإعطاء العراق عائدات النفط، وتغيير النظام.
وتدرج المذكرات بعض المشغلات التي يمكن أن تستخدمها الإدارة لبدء الحرب، بما في ذلك الأعمال العسكرية العراقية ضد الجيب المحمي من قبل الولايات المتحدة في شمال العراق، واكتشاف الروابط بين صدام حسين و11/11 أو هجمات الجمرة الخبيثة الأخيرة.
ماثيو ريكرفت سكرتير رئيس الوزراء 23 يوليو 2002
تقدم هذه الملاحظات نظرة ثاقبة حول موقف إدارة بوش تجاه تغيير النظام، ونهج الأمم المتحدة، وجهود الدعاية، وتحتوي على التصريح المشهور الآن والذي تحدث فيه رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية السير ريتشارد ديرلوف عن محادثاته في واشنطن: «كان هناك تغيير ملموس في المواقف، كان ينظر إلى العمل العسكري الآن على أنه أمر لا مفر منه، أراد إزاحة صدام، من خلال عمل عسكري مبررا بالترابط بين الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، لكن المعلومات الاستخبارية والحقائق كانت تدور حول السياسة».
مجلس الشيوخ والاستخبارات 7 يوليو 2004
كان هناك ثلاثة إصدارات منفصلة لتقدير الاستخبارات الوطنية في أكتوبر 2002 حول برامج العراق المستمرة لأسلحة الدمار الشامل، وخلصت وكالة الاستخبارات الوطنية إلى أن العراق واصل برامج أسلحة الدمار الشامل على الرغم من قرارات الأمم المتحدة وعقوباتها، وأنه كان بحوزته أسلحة كيميائية وبيولوجية وكذلك صواريخ يتجاوز مداها حدود الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، حكم على أن العراق كان يعيد بناء برنامج الأسلحة النووية الخاص به، وإذا لم يتم ضبطه، فمن المحتمل أن يكون لديه سلاح نووي قبل نهاية العقد على افتراض أنه كان يتعين عليه إنتاج المواد الانشطارية محليا، وإذا تمكن من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية من الخارج، فيمكنه صنع سلاح نووي من عدة أشهر إلى سنة، وفقا للتقديرات.
دونالد رامسفيلد والمشاكل المحتملة 15 أكتوبر 2002
كتب دونالد رامسفيلد قائمة النكسات المتوقعة من غزو العراق في خضم مداولات الإدارة حول مهاجمة العراق، كانت الوثيقة عبارة عن «ندفة ثلجية»، وهي واحدة من «عاصفة ثلجية» من المذكرات القصيرة، وبعضها مجرد بضع كلمات أرسلها رامسفيلد إلى زملائه ومرؤوسيه في الحكومة خلال فترة ولايته في البنتاجون.
يقال إن هذا الهدف مخصص للرئيس بوش، وهو يصف 29 نتيجة سلبية محتملة، العديد منها كانت عالية الوضوح، وهو ما يؤكد أن كبار المسؤولين الأمريكيين كانوا على دراية بالمخاطر الخطيرة التي ينطوي عليها ذلك عندما اتخذوا قرار المضي قدما في حرب العراق.
بعض سلبيات الحرب:
• البند 13، »يمكن أن تفشل الولايات المتحدة في العثور على أسلحة الدمار الشامل على الأرض في العراق، وأن تكون غير مقنعة للعالم«
• البند 14»قد يكون هناك أضرار جانبية أعلى من المتوقع، وفيات المدنيين العراقيين«
• البند 17 »الولايات المتحدة قد تفشل في إدارة عراق ما بعد صدام حسين بنجاح ...«
• البند 19 بأنه »بدلا من أن تتطلب جهود ما بعد صدام ما بين 2 إلى 4 سنوات، فقد يستغرق الأمر من 8 إلى 10 سنوات، وبالتالي ستحتاج القيادة الأمريكية إلى الموارد العسكرية والمالية«
وزارة الخارجية ومشروع مستقبل العراق 20 أبريل 2003
كان «مشروع مستقبل العراق» عبارة عن دراسة ضخمة من 13 مجلدا حصلت عليها وزارة الخارجية من أرشيف الأمن القومي، بموجب قانون حرية المعلومات، كانت واحدة من أشمل الجهود التي تبذلها الحكومة الأمريكية في مجال التخطيط لإخراج العراق من رماد القتال وإقامة ديمقراطية فاعلة.
ولإعداد التقرير، نظمت الإدارة أكثر من 200 من المهندسين والمحامين ورجال الأعمال والأطباء والخبراء العراقيين الآخرين، في 17 مجموعة عمل لوضع استراتيجيات حول موضوعات تشمل ما يلي: الصحة العامة والاحتياجات الإنسانية والشفافية ومكافحة الفساد والنفط والطاقة والدفاع والسياسات والمؤسسات، والعدالة الانتقالية، والمبادئ والإجراءات الديمقراطية، والحكم المحلي، وبناء قدرات المجتمع المدني، والتعليم، والإعلام الحر، والمياه، والزراعة والبيئة والاقتصاد والبنية التحتية.
أحد أكثر القطاعات تفاؤلا تناول النفط والطاقة، لقد فهمت الدراسة أن احتياطيات العراق النفطية تمثل «رصيدا هائلا يمكن استخدامه لفائدة كل مواطن أخير في البلاد، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الديني»، وردد هذا بحماس نائب وزير الدفاع السابق بول وولفويتز، الذي أخبر لجنة اعتمادات مجلس النواب في 27 مارس 2003: «نحن نتعامل مع دولة يمكنها حقا تمويل إعادة الإعمار، وقريبا نسبيا». ومع ذلك، أكد التقرير أن العراقيين لن يتبنوا فكرة جعل التحالف يدير صناعة النفط في البلاد لأن «القومية في صناعة النفط العراقية قوية للغاية».
حوار صدام مع مكتب التحقيقات 11 يونيو 2004
بعد القبض على صدام حسين على أيدي القوات الأمريكية في ديسمبر 2003، أجرى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص 20 مقابلة رسمية معه، وفقا لتقارير إف بي آي السرية تتضمن سجلات هذه اللقاءات الرائعة رؤى قيمة تاريخيا في تفكير صدام حول مجموعة واسعة من المواضيع من إحساسه بعلاقته بالشعب العراقي، إلى الحرب الإيرانية العراقية الكارثية في الثمانينات. وعلى الرغم من أن صدام كان يعلم أنه كان يتحدث إلى محقق أمريكي، وربما كان من المتوقع أن يكون قد ألقى تعليقاته وفقا لذلك، فإن المواد تمثل موارد مهمة لدراسة الرئيس العراقي السابق وحكمه على البلاد. وتظهر الوثائق شرح صدام أحد الأسباب الرئيسية لتشويه قدرات العراق على أسلحة الدمار الشامل لمفتشي الأمم المتحدة والعالم: «خوفه من التهديد الناشئ عن إيران».