معايير تطوير المناهج التعليمية.. رؤية تقويمية
انطلق في الرياض (مؤتمر تقويم التعليم) خلال الفترة من 21 - 23 محرم 1437، وقد حقق ذلك المؤتمر نجاحا بما طرح به من أوراق عمل شارك فيها خبراء على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.. أملا في أن تسهم الدراسات والفعاليات في رفع كفاءة وجودة التعليم في بلادنا الحبيبة..
الثلاثاء / 5 / صفر / 1437 هـ - 14:45 - الثلاثاء 17 نوفمبر 2015 14:45
انطلق في الرياض (مؤتمر تقويم التعليم) خلال الفترة من 21 - 23 محرم 1437، وقد حقق ذلك المؤتمر نجاحا بما طرح به من أوراق عمل شارك فيها خبراء على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.. أملا في أن تسهم الدراسات والفعاليات في رفع كفاءة وجودة التعليم في بلادنا الحبيبة.. وقد تمخضت عن هذه الفعاليات طرح (المعايير الجديدة لتطوير المناهج التعليمية) والتي انفردت صحيفة المدينة بنشرها (يوم الجمعة 23 /1 /1437).. وقد كانت هيئة تقويم التعليم ترجو من هذه المعايير تحقيق عائد إيجابي وبما يحقق الجودة والتطوير للتعليم. والمتأمل لهذه المعايير يجد أنها ركزت على (المقررات الدراسية والطالب) وبما يجب أن يتناوله المحتوى من أهداف ومنطلقات أساسية تخدم الطالب، ومنها على سبيل المثال: «إن الدين الإسلامي هو الأساس الذي نبني عليه معايير مناهج التعليم في المملكة العربية السعودية فهما واستدلالا بما يرسخ الإيمان بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد، صلى الله عليه وسلم، نبيا ورسولا في مختلف الأفكار والممارسات لدى الطلاب». وفي الحقيقة فإن هذا المنطلق موجود منذ تأسيس هذه الدولة الفتية ونشأة التعليم في بلادنا، وكم كنت أتمنى لو تمت إضافة منطلق آخر وهو: «الالتزام بمكارم ومحاسن الأخلاق في التعاملات والسلوكيات العامة» ليس من باب ما جاء به بعض الليبراليين بتقديم مادة في (الأخلاق) وأن تكون مفصولة عن الدين، بل على العكس ربط الدين تماما بالأخلاق ومتابعة سلوكيات الطالب ووضعه في مواقف شبه حقيقية واختبار سلوكياته وتصرفاته. أقول هذا بعدما أصابني الألم والإحباط من تقرير هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) الذي قدمته إلى مجلس الشورى والذي أثبتت فيه أن قيمة المؤشر العام للفساد بلغت (56.6%) للفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي والخدمي لهذا العام. وأن أكثر أنواع الفساد هو الرشوة، وبلغت 56%، والواسطة 54%، واللامبالاة في العمل بنسبة 15%، والمحسوبية بنسبة 10%، ثم الاختلاس بنسبة 5%، بل إن هناك مقترحا من وزارة العدل والذي تضمن تبصيم المتسيبين في العمل كل ساعة لمحاصرتهم! إذن أين هي مناهج التعليم ومقرراتها عن هذه الأخلاقيات والسلوكيات التي تنم عن الاحتيال، والسرقة والكذب، وعدم المسؤولية..؟ أين هي من حرمة انتهاك كل دقيقة لا تستغل لصالح العمل.. وأنه يعتبر فيه أكل مال حرام؟ فهناك الكثير من القيم الأخلاقية التي تشملها المقررات الدراسية.. لو طبقت في مدارسنا التطبيق السليم منذ نشأتها لما وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه اليوم! فكثير من الأمم لا تدين بهذا الدين العظيم ولكنهم على درجة كبيرة من الوعي الأخلاقي والالتزام السلوكي واحترام العمل. أعتقد أن (المعلم) هو حجر الزاوية في هذه الإشكالية، كيف يكّون القناعات لدى الطلاب.. لذا لا بد أن يكون هو الأساس في هذه المعايير التطويرية، فالمعلم الكفؤ أكاديميا ومهنيا وأخلاقيا وفكريا.. هو من يعول عليه في بناء الجيل.. فلا تعطى رخصة التدريس إلا من توفرت فيه معايير معينة بناء على اختبارات تقويمية ومقابلات شخصية تعكس كفاءته ومهارته وتوجهه العام. وكذلك أين (المباني المدرسية) من المعايير الجديدة في تطوير المناهج وهي أساسية في تحقيق الأهداف التربوية التعليمية؛ فالبيئة التعليمية الفيزيقية تلعب دورا محوريا في تحفيز نشاط الطالب واهتمامه واحترامه لذاته وتعلمه على الوجه الأكمل.. كما أن تكدس أربعين طالبا في الفصل يقلل من نسبة الأوكسجين في الفصل ويبعث على الخمول وتشتيت الانتباه وعدم التركيز وبالتالي عدم تحقق التعلم المطلوب. أظن أننا بحاجة إلى التقويم لما هو على أرض الواقع بناء على معايير دقيقة. وتكون هناك خطط مرحلية في التقويم والتنفيذ حتى لا نربك الميدان التربوي بكثرة المشاريع. بل لا بد من وقفة ومراجعة دقيقة لما سبق وضعه من برامج ومناهج ومقررات جديدة، فمثلا: ماذا حدث لمشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم؟ ومشروع المقررات؟ وهي مشاريع كلفت الدولة الملايين من الريالات؟ وما هي العقبات التي صادفتها؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟ فهذه الدراسات عن تقويم مسار التعليم ومؤشراته ستساعد على إصلاح الخلل ووضع المسار التعليمي في الاتجاه الصحيح، فيكون المردود التربوي والتعليمي متوازيا مع المدخلات المالية التي تصرف على المشاريع.