أمريكا تكرر تجربة الرهائن لوقف إرهاب إيران
تجربة إطلاق سراح الرهائن تحفز إدارة ترمب للضغط على نظام الملالي بقوة
الأربعاء / 13 / رجب / 1440 هـ - 00:15 - الأربعاء 20 مارس 2019 00:15
قبل 40 عاما نجحت العقوبات الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران في إنهاء أزمة الرهائن بعد استخدام الكثير من وسائل الضغط التي وصلت في بعض الأحيان إلى التلويح بعمل عسكري.
طرح تقرير صادر عن خزينة تفكير بروكنز الأمريكية سؤالا يشغل كل المتخوفين من تزايد الأعمال الإجرامية لنظام الملالي الإيراني: هل تنجح العقوبات الأمريكية هذه المرة في محاصرة إرهاب خامنئي وأتباعه؟ هل يتوقفون عن تصرفاتهم التي نشرت القبح والدمار في المنطقة؟
يرى التقرير أن استخدام العقوبات يأتي بناء على فرضية أن طهران ما زالت تسترشد بالتحليل العقلاني للتكاليف والفوائد، وأنه حتى الضغوط الأحادية القاسية التي يمكن أن تستفيد من التعاون متعدد الأطراف كانت آلية موثوقة للولايات المتحدة، ابتداء من عام 1979 وصقلها في السنوات التي تلت ذلك.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حدود سياسة العقوبات قد تم دمجها أيضا في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة من أجل ضمان أنه لا يزال من الممكن استخدامها لتوجيه المفاوضات؟
أول استخدام للعقوبات
يقول التقرير: «في 14 نوفمبر 1979 بعد عشرة أيام من اقتحام الثور الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران، واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن، وقع الرئيس جيمي كارتر على الأمر التنفيذي رقم 12170، بتجميد الأصول الحكومية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها رئيس أمريكي السلطات الموسعة التي يوفرها قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولي لعام 1977، لكنه كان بالكاد المثال الأخير للضغوط الاقتصادية الأمريكية المطبقة على إيران».
ويضيف: «اليوم، هناك ثمانية أوامر تنفيذية نشطة ضد إيران، يعد كل منها بإعلان «حالة طوارئ وطنية» وينطوي على تطبيق عقوبات ضد البلاد والعديد من كياناتها وأفرادها. وصممت هذه الإجراءات، إلى جانب تشريع العقوبات الذي سنه الكونجرس، لمعالجة النطاق الكامل لقضايا السياسة الأمريكية مع إيران، من حقوق الإنسان إلى انتشار الصواريخ إلى الإرهاب، والأهم من ذلك أن قرار استهداف أصول الحكومة الإيرانية للعقوبات في نوفمبر 1979 قد وضع السياق للعلاقات الأمريكية الإيرانية منذ ذلك الحين. واعتمدت واشنطن بشكل متزايد على الضغوط الاقتصادية ضد إيران، على الرغم من التحديات المستمرة في توليد دعم واسع متعدد الأطراف».
التلويح بالقوة العسكرية
ووفقا للتقرير فإنه عندما بدأت أزمة الرهائن، لم تفرض الولايات المتحدة أي عقوبات رسمية على إيران، فبعد بداية الأزمة، سعى الرئيس كارتر إلى خيارات للضغط على طهران، واختيرت العقوبات لأنها كانت تعد قاسية وتدريجية، وتهدف إلى أن تكون بمثابة مصدر للألم للإيرانيين لتحفيزهم على إطلاق الرهائن بسرعة والتحذير من أن الولايات المتحدة قد تصعد إلى خيارات أخرى، بما في ذلك القوة العسكرية، إذا لزم الأمر.
بدأ كارتر بحظر التجارة العسكرية والنفطية مع إيران وسرعان ما تقدم نحو الخيار الأكثر حزما المتمثل في تجميد الأصول للأمر التنفيذي 12170.
العقوبات وقطع النفط
خلال ثورة إيران التي اندلعت منذ أربعين عاما، وبالتحديد في أواخر ديسمبر 1979، سعت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات متعددة الأطراف على إيران من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن الاتحاد السوفيتي اعترض على القرار، وواصلت واشنطن فرض عقوبات أحادية الجانب وطلبت دعم الحلفاء والشركاء.
انضمت عدة دول بما في ذلك المكسيك والنمسا وبولندا والسويد إلى الاتحاد السوفيتي والصين في مواجهة العقوبات الأمريكية عن طريق تطبيع العلاقات التجارية مع طهران بدلا من ذلك، بل وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران لتعويض التأثيرات الأمريكية في بعض الحالات، في هذا، تصرفوا كثيرا مثلما فعل الاتحاد السوفيتي مع كوبا بعد الحظر الأمريكي المفروض على البلاد في أوائل الستينيات، عملوا على مساعدة بلد يعتمد على التجارة والأعمال مع العالم الغربي لتعويض العقوبات المفاجئة. ومع ذلك، انضم آخرون متأخرين أو غير متحمسين للجهود الأمريكية للضغط على طهران طوال عام 1980، وكان عدد قليل من الحكومات على استعداد لقطع واردات النفط من إيران.
التأثير على إيران
كان للأثر التراكمي للعقوبات تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، ويصعب تقييم التكاليف النهائية، لأن الثورة والفوضى الناجمة عنها فرضتا بالفعل خسائر فادحة على الاقتصاد الإيراني. على سبيل المثال.. في عام 1980، انخفضت التجارة بين الولايات المتحدة وإيران عندما انخفضت صادرات واشنطن إلى طهران من 3.7 مليارات دولار إلى 23 مليون دولار، بينما انخفضت الواردات من إيران من 2.9 مليار دولار إلى 458 مليون دولار معظمها من النفط. وقدرت إحدى دراسات الحالة أن إجمالي التكلفة الاقتصادية على إيران من 1980 إلى 1981 كان حوالي 3.3 مليارات دولار. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام مهمة، إلا أن فشل الولايات المتحدة في تحفيز شركائها على الاستجابة بقوة أكبر لأزمة الرهائن، أكد على الدرجة التي لا يزال ينظر إليها على أنها شأن أمريكي إيراني.
علاوة على ذلك، وكما أشارت سوزان مالوني في كتابها «الاقتصاد السياسي الإيراني منذ الثورة»، فإن الإحجام الأوروبي عن فرض عقوبات على طهران بسبب احتجاز الرهائن حافظ على مكانتها التفضيلية التقليدية في السوق الإيرانية، وظلت التجارة ثابتة خلال أوائل سنوات الحرب، حيث تضاعفت تقريبا في عام 1983 مع أكثر من 6 مليارات دولار من الصادرات الأوروبية إلى إيران.
تجميد الأصول
الإجراء الأكثر فاعلية بالولايات المتحدة تمثل في تجميد الأصول، والذي ساهم بتجميع 12 مليار دولار من الأصول الإيرانية، بما في ذلك معظم احتياطياتها من العملات الأجنبية، وفقا لروبرت كارسويل وريتشارد ج. ديفيس.
استفادت واشنطن من حقيقة أنه بعد اضطرابات الثورة، كان الإيرانيون ما زالوا يبحثون عن كيفية إدارة علاقاتهم المالية الدولية، وما زالوا يحتفظون باحتياطيات كبيرة مصرفية في الولايات المتحدة، وبالتالي، كانت واشنطن في وضع يمكنها من ممارسة ضغط حاد وموجه ومضطرب للغاية على نقطة ضعف رئيسية في ذلك الوقت.
كان التعرض لمثل هذه الضغوط المباشرة من الولايات المتحدة خطأ، سعت الحكومة الثورية إلى تصحيحه بعد رفع العقوبات في نهاية المطاف، حيث عملت طهران على الاحتفاظ باحتياطياتها أقرب إلى الوطن. لكن في الوقت نفسه، كان التأثير التراكمي للتكاليف المحددة التي تفرضها الولايات المتحدة - إلى جانب الضغط الدولي الدبلوماسي والمالي المتزايد للإفراج عن الرهائن - فعالا في إقناع الإيرانيين بالتفاوض.
دول ساندت أمريكا
في العقود التي تلت أزمة الرهائن عام 1979، سعت الولايات المتحدة وإيران إلى إظهار استعدادهما للمشاركة، وكذلك حدود الاشتباك. إن استخدام العقوبات بناء على فرضية أن طهران ما زالت تسترشد بالتحليل العقلاني للتكاليف والفوائد، وأنه حتى الضغوط الأحادية القاسية التي يمكن أن تستفيد من التعاون متعدد الأطراف كانت آلية موثوقة للولايات المتحدة، ابتداء من عام 1979 وصقلها في السنوات التالية، والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حدود سياسة العقوبات قد تم دمجها أيضا في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة من أجل ضمان أنه لا يزال من الممكن استخدامها لتوجيه المفاوضات؟.
الدروس المستفادة
تم إطلاق سراح الرهائن في 20 يناير 1981 عبر اتفاقات الجزائر، ومنحت هذه العملية تسوية لعقد ما قبل الثورة للمعدات العسكرية، بالإضافة إلى الفائدة والتي أسفرت عن تحويل 1.7 مليار دولار إلى إيران في يناير 2016.
وعلى الرغم من ذلك، ظهرت ثلاث نتائج أوسع نطاقا من الأزمة التي لا تزال تؤثر على العلاقات والاستراتيجية الأمريكية الإيرانية حتى الآن.
01 علمت الولايات المتحدة أن القادة الإيرانيين ما زالوا يسترشدون بحسابات التكلفة والفوائد المنطقية، وساعد الحماس الثوري الذي استغله قادة إيران لتعزيز سلطتهم على المنافسين الداخليين في نوفمبر 1979 في تنشيط قرار إطالة الأزمة.
ومع ذلك، بعد مرور عام على وفاة الشاه وغزو إيران من قبل العراق المجاور، أدرك قادة إيران أن استمرار الأزمة يشكل مخاطر أكثر بكثير من الفوائد، لم يفرج قادة إيران عن الرهائن لأنهم غيروا نظرتهم للولايات المتحدة أو فقدوا الاهتمام باستخدام الأزمة محليا، بدلا من ذلك، تراجع قادة إيران وسعوا إلى التوصل إلى نتيجة تفاوضية لأنهم قرروا أن ذلك في مصلحتهم الوطنية، وهذه حقيقة شجعت صناع السياسة في الولايات المتحدة في المستقبل على البحث عن مفاوضات مع طهران.
في المقابل، سعى كل رئيس أمريكي إلى استخدام العقوبات ضد إيران بعمل ذلك مع توقع أن تتحول حسابات إيران إلى سياسات أكثر بناءة، ولهذا السبب، اعتبر صناع السياسة في الولايات المتحدة العقوبات مصدرا مفيدا للضغط لثني إيران عن دعم الإرهاب أو انتهاكات حقوق الإنسان أو تطوير الأسلحة النووية.
يمكن القول بأن هذا هو حال إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي سعت إلى استخدام ضغط العقوبات لضمان «صفقة أفضل» مع إيران من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) التي تفاوض عليها الرئيس أوباما، مع العلم بأن هذا الإجماع يواجه تحديا من جانب مجموعة كبيرة من المسؤولين المعارضين، بما في ذلك، مستشار الأمن القومي جون بولتون - الذين يرون بدلا من ذلك أن إيران معادية للولايات المتحدة، وبالتالي أقل دافعا عن المصلحة الوطنية.
02 أظهرت تجربة أزمة الرهائن مزايا وقيود ممارسة الضغط المتعدد الأطراف على إيران، حيث استفادت الولايات المتحدة من تعاون الشركاء، حتى لو كان الضغط غير مكتمل، وأحيانا بطيئا، وفي بعض الحالات رمزيا.
وعلى الرغم من أن الضغط الاقتصادي الرئيس جاء من الولايات المتحدة، فإن الإحساس الأوسع بالعزلة المتزايدة من المرجح أن يحفز إيران على التعاون، مع وجود لاعبين مهمين مثل الاتحاد السوفياتي والصين ينشقون دائما، لذا كان على الولايات المتحدة إيجاد حلول مبتكرة لتكثيف عقوباتها، وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب حقيقة أن الدولتين كانتا بالفعل أقل تشابكا اقتصاديا وسياسيا.
وسيجد هذا التطبيق الخلاق لضغط العقوبات الأمريكي نضجا كاملا في برامج العقوبات الثانوية في منتصف العقد الأول من القرن العشرين، حيث كان للولايات المتحدة اتصال اقتصادي ضئيل أو معدوم مع إيران، لكنها كانت لا تزال قادرة على ممارسة نفوذ كبير من خلال تهديد الوصول إلى الاقتصاد الأمريكي لتلك الدول التي لا تزال تتعامل مع طهران.
03 حددت أزمة الرهائن السياق العاطفي والنفسي بين الأمريكيين لكل شيء تقريبا قادم بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما جعل استعادة العلاقات التجارية والتجارية صعبة، حتى لو كانت قانونية، بسبب مخاطر السمعة، كما خلقت في بعض الأحيان إشكالية، وتشابها محتملا لمحاولات مستقبلية لدبلوماسية المعاملات، كما شهد الرئيس أوباما بعد أن تمت تسوية الديون البالغة 1.7 مليار دولار مع إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين في إيران في يناير 2016. وقد يكون هذا أحد أهم تداعيات أزمة الرهائن.
انتقدت إدارة ريجان القادمة اتفاقات الجزائر باعتبارها تنازلا هائلا لعمل إرهابي، وستواجه كل المفاوضات الأمريكية المستقبلية مع إيران التهمة نفسها، لا سيما في أي مكان يتم فيه تطبيق تخفيف العقوبات، وقد كان هذا عنصرا مهما في استقبال JCPOA في واشنطن.
ولم يمنع هذا النقد الإدارات الأمريكية من كلا الحزبين السياسيين من التفكير وإبرام اتفاقيات مع إيران تتضمن تخفيف العقوبات وسداد الديون، وبهذه الطريقة، مثلما ستعرف تجربة العقوبات المفروضة على إيران في الفترة 1979ـ1981 الولايات المتحدة الكثير عن العقلانية الإيرانية في الشؤون الخارجية، فإن إيران أيضا ستدرك أنها يمكن أن تولد نفوذا مع الولايات المتحدة.
وقد وصفت طهران توسعها النووي في الفترة من 2006 إلى 2013، على سبيل المثال، كوسيلة لتوليد النفوذ للمفاوضات وكذلك تطوير القدرة النووية لإيران، وقد ترى إيران بالمثل القيمة في سوء التصرف الإقليمي كطريقة ليس فقط لتعزيز مصالحها الأمنية، ولكن أيضا بخلق مصادر غير متكافئة للضغط ضد خصومها، الولايات المتحدة في مقدمتها.
طرح تقرير صادر عن خزينة تفكير بروكنز الأمريكية سؤالا يشغل كل المتخوفين من تزايد الأعمال الإجرامية لنظام الملالي الإيراني: هل تنجح العقوبات الأمريكية هذه المرة في محاصرة إرهاب خامنئي وأتباعه؟ هل يتوقفون عن تصرفاتهم التي نشرت القبح والدمار في المنطقة؟
يرى التقرير أن استخدام العقوبات يأتي بناء على فرضية أن طهران ما زالت تسترشد بالتحليل العقلاني للتكاليف والفوائد، وأنه حتى الضغوط الأحادية القاسية التي يمكن أن تستفيد من التعاون متعدد الأطراف كانت آلية موثوقة للولايات المتحدة، ابتداء من عام 1979 وصقلها في السنوات التي تلت ذلك.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حدود سياسة العقوبات قد تم دمجها أيضا في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة من أجل ضمان أنه لا يزال من الممكن استخدامها لتوجيه المفاوضات؟
أول استخدام للعقوبات
يقول التقرير: «في 14 نوفمبر 1979 بعد عشرة أيام من اقتحام الثور الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران، واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن، وقع الرئيس جيمي كارتر على الأمر التنفيذي رقم 12170، بتجميد الأصول الحكومية الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها رئيس أمريكي السلطات الموسعة التي يوفرها قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولي لعام 1977، لكنه كان بالكاد المثال الأخير للضغوط الاقتصادية الأمريكية المطبقة على إيران».
ويضيف: «اليوم، هناك ثمانية أوامر تنفيذية نشطة ضد إيران، يعد كل منها بإعلان «حالة طوارئ وطنية» وينطوي على تطبيق عقوبات ضد البلاد والعديد من كياناتها وأفرادها. وصممت هذه الإجراءات، إلى جانب تشريع العقوبات الذي سنه الكونجرس، لمعالجة النطاق الكامل لقضايا السياسة الأمريكية مع إيران، من حقوق الإنسان إلى انتشار الصواريخ إلى الإرهاب، والأهم من ذلك أن قرار استهداف أصول الحكومة الإيرانية للعقوبات في نوفمبر 1979 قد وضع السياق للعلاقات الأمريكية الإيرانية منذ ذلك الحين. واعتمدت واشنطن بشكل متزايد على الضغوط الاقتصادية ضد إيران، على الرغم من التحديات المستمرة في توليد دعم واسع متعدد الأطراف».
التلويح بالقوة العسكرية
ووفقا للتقرير فإنه عندما بدأت أزمة الرهائن، لم تفرض الولايات المتحدة أي عقوبات رسمية على إيران، فبعد بداية الأزمة، سعى الرئيس كارتر إلى خيارات للضغط على طهران، واختيرت العقوبات لأنها كانت تعد قاسية وتدريجية، وتهدف إلى أن تكون بمثابة مصدر للألم للإيرانيين لتحفيزهم على إطلاق الرهائن بسرعة والتحذير من أن الولايات المتحدة قد تصعد إلى خيارات أخرى، بما في ذلك القوة العسكرية، إذا لزم الأمر.
بدأ كارتر بحظر التجارة العسكرية والنفطية مع إيران وسرعان ما تقدم نحو الخيار الأكثر حزما المتمثل في تجميد الأصول للأمر التنفيذي 12170.
العقوبات وقطع النفط
خلال ثورة إيران التي اندلعت منذ أربعين عاما، وبالتحديد في أواخر ديسمبر 1979، سعت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات متعددة الأطراف على إيران من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن الاتحاد السوفيتي اعترض على القرار، وواصلت واشنطن فرض عقوبات أحادية الجانب وطلبت دعم الحلفاء والشركاء.
انضمت عدة دول بما في ذلك المكسيك والنمسا وبولندا والسويد إلى الاتحاد السوفيتي والصين في مواجهة العقوبات الأمريكية عن طريق تطبيع العلاقات التجارية مع طهران بدلا من ذلك، بل وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران لتعويض التأثيرات الأمريكية في بعض الحالات، في هذا، تصرفوا كثيرا مثلما فعل الاتحاد السوفيتي مع كوبا بعد الحظر الأمريكي المفروض على البلاد في أوائل الستينيات، عملوا على مساعدة بلد يعتمد على التجارة والأعمال مع العالم الغربي لتعويض العقوبات المفاجئة. ومع ذلك، انضم آخرون متأخرين أو غير متحمسين للجهود الأمريكية للضغط على طهران طوال عام 1980، وكان عدد قليل من الحكومات على استعداد لقطع واردات النفط من إيران.
التأثير على إيران
كان للأثر التراكمي للعقوبات تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، ويصعب تقييم التكاليف النهائية، لأن الثورة والفوضى الناجمة عنها فرضتا بالفعل خسائر فادحة على الاقتصاد الإيراني. على سبيل المثال.. في عام 1980، انخفضت التجارة بين الولايات المتحدة وإيران عندما انخفضت صادرات واشنطن إلى طهران من 3.7 مليارات دولار إلى 23 مليون دولار، بينما انخفضت الواردات من إيران من 2.9 مليار دولار إلى 458 مليون دولار معظمها من النفط. وقدرت إحدى دراسات الحالة أن إجمالي التكلفة الاقتصادية على إيران من 1980 إلى 1981 كان حوالي 3.3 مليارات دولار. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام مهمة، إلا أن فشل الولايات المتحدة في تحفيز شركائها على الاستجابة بقوة أكبر لأزمة الرهائن، أكد على الدرجة التي لا يزال ينظر إليها على أنها شأن أمريكي إيراني.
علاوة على ذلك، وكما أشارت سوزان مالوني في كتابها «الاقتصاد السياسي الإيراني منذ الثورة»، فإن الإحجام الأوروبي عن فرض عقوبات على طهران بسبب احتجاز الرهائن حافظ على مكانتها التفضيلية التقليدية في السوق الإيرانية، وظلت التجارة ثابتة خلال أوائل سنوات الحرب، حيث تضاعفت تقريبا في عام 1983 مع أكثر من 6 مليارات دولار من الصادرات الأوروبية إلى إيران.
تجميد الأصول
الإجراء الأكثر فاعلية بالولايات المتحدة تمثل في تجميد الأصول، والذي ساهم بتجميع 12 مليار دولار من الأصول الإيرانية، بما في ذلك معظم احتياطياتها من العملات الأجنبية، وفقا لروبرت كارسويل وريتشارد ج. ديفيس.
استفادت واشنطن من حقيقة أنه بعد اضطرابات الثورة، كان الإيرانيون ما زالوا يبحثون عن كيفية إدارة علاقاتهم المالية الدولية، وما زالوا يحتفظون باحتياطيات كبيرة مصرفية في الولايات المتحدة، وبالتالي، كانت واشنطن في وضع يمكنها من ممارسة ضغط حاد وموجه ومضطرب للغاية على نقطة ضعف رئيسية في ذلك الوقت.
كان التعرض لمثل هذه الضغوط المباشرة من الولايات المتحدة خطأ، سعت الحكومة الثورية إلى تصحيحه بعد رفع العقوبات في نهاية المطاف، حيث عملت طهران على الاحتفاظ باحتياطياتها أقرب إلى الوطن. لكن في الوقت نفسه، كان التأثير التراكمي للتكاليف المحددة التي تفرضها الولايات المتحدة - إلى جانب الضغط الدولي الدبلوماسي والمالي المتزايد للإفراج عن الرهائن - فعالا في إقناع الإيرانيين بالتفاوض.
دول ساندت أمريكا
- كانت البرتغال أول حليف رئيس للولايات المتحدة لحظر كل التجارة مع إيران في أبريل 1980.
- توقفت اليابان، أكبر مشتر للخام الإيراني في ذلك الوقت، عن جميع واردات النفط من إيران في منتصف الأزمة التي استمرت 15 شهرا.
- وافق وزراء خارجية المجتمع الأوروبي ودول أوروبا الغربية الأخرى على تقليص العلاقات المالية والدبلوماسية مع إيران.
- فرضت أستراليا ببطء حظرا تجاريا دون أي شرط على جميع السلع باستثناء المواد الغذائية ومصلحتها الرئيسة مع إيران والدواء.
- على عكس الأوروبيين الذين طبقوا العقوبات فقط على العقود الجديدة أو تلك التي دخلت حيز التنفيذ بعد نوفمبر 1979، أوضحت أستراليا أن عقوباتهم ستكون على كل عقد غير غذائي مع إيران حتى يتم إطلاق سراح الرهائن.
- استدعت كل من الدنمارك وبريطانيا والنرويج وأستراليا سفراءها من إيران.
- أقرت حكومتا الدنمارك والولايات المتحدة عقوباتهما الاقتصادية التي أعقبتها فترة قصيرة ألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا.
- حظرت كندا جميع الصادرات إلى إيران.
في العقود التي تلت أزمة الرهائن عام 1979، سعت الولايات المتحدة وإيران إلى إظهار استعدادهما للمشاركة، وكذلك حدود الاشتباك. إن استخدام العقوبات بناء على فرضية أن طهران ما زالت تسترشد بالتحليل العقلاني للتكاليف والفوائد، وأنه حتى الضغوط الأحادية القاسية التي يمكن أن تستفيد من التعاون متعدد الأطراف كانت آلية موثوقة للولايات المتحدة، ابتداء من عام 1979 وصقلها في السنوات التالية، والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حدود سياسة العقوبات قد تم دمجها أيضا في الفكر الاستراتيجي للولايات المتحدة من أجل ضمان أنه لا يزال من الممكن استخدامها لتوجيه المفاوضات؟.
الدروس المستفادة
تم إطلاق سراح الرهائن في 20 يناير 1981 عبر اتفاقات الجزائر، ومنحت هذه العملية تسوية لعقد ما قبل الثورة للمعدات العسكرية، بالإضافة إلى الفائدة والتي أسفرت عن تحويل 1.7 مليار دولار إلى إيران في يناير 2016.
وعلى الرغم من ذلك، ظهرت ثلاث نتائج أوسع نطاقا من الأزمة التي لا تزال تؤثر على العلاقات والاستراتيجية الأمريكية الإيرانية حتى الآن.
01 علمت الولايات المتحدة أن القادة الإيرانيين ما زالوا يسترشدون بحسابات التكلفة والفوائد المنطقية، وساعد الحماس الثوري الذي استغله قادة إيران لتعزيز سلطتهم على المنافسين الداخليين في نوفمبر 1979 في تنشيط قرار إطالة الأزمة.
ومع ذلك، بعد مرور عام على وفاة الشاه وغزو إيران من قبل العراق المجاور، أدرك قادة إيران أن استمرار الأزمة يشكل مخاطر أكثر بكثير من الفوائد، لم يفرج قادة إيران عن الرهائن لأنهم غيروا نظرتهم للولايات المتحدة أو فقدوا الاهتمام باستخدام الأزمة محليا، بدلا من ذلك، تراجع قادة إيران وسعوا إلى التوصل إلى نتيجة تفاوضية لأنهم قرروا أن ذلك في مصلحتهم الوطنية، وهذه حقيقة شجعت صناع السياسة في الولايات المتحدة في المستقبل على البحث عن مفاوضات مع طهران.
في المقابل، سعى كل رئيس أمريكي إلى استخدام العقوبات ضد إيران بعمل ذلك مع توقع أن تتحول حسابات إيران إلى سياسات أكثر بناءة، ولهذا السبب، اعتبر صناع السياسة في الولايات المتحدة العقوبات مصدرا مفيدا للضغط لثني إيران عن دعم الإرهاب أو انتهاكات حقوق الإنسان أو تطوير الأسلحة النووية.
يمكن القول بأن هذا هو حال إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي سعت إلى استخدام ضغط العقوبات لضمان «صفقة أفضل» مع إيران من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) التي تفاوض عليها الرئيس أوباما، مع العلم بأن هذا الإجماع يواجه تحديا من جانب مجموعة كبيرة من المسؤولين المعارضين، بما في ذلك، مستشار الأمن القومي جون بولتون - الذين يرون بدلا من ذلك أن إيران معادية للولايات المتحدة، وبالتالي أقل دافعا عن المصلحة الوطنية.
02 أظهرت تجربة أزمة الرهائن مزايا وقيود ممارسة الضغط المتعدد الأطراف على إيران، حيث استفادت الولايات المتحدة من تعاون الشركاء، حتى لو كان الضغط غير مكتمل، وأحيانا بطيئا، وفي بعض الحالات رمزيا.
وعلى الرغم من أن الضغط الاقتصادي الرئيس جاء من الولايات المتحدة، فإن الإحساس الأوسع بالعزلة المتزايدة من المرجح أن يحفز إيران على التعاون، مع وجود لاعبين مهمين مثل الاتحاد السوفياتي والصين ينشقون دائما، لذا كان على الولايات المتحدة إيجاد حلول مبتكرة لتكثيف عقوباتها، وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب حقيقة أن الدولتين كانتا بالفعل أقل تشابكا اقتصاديا وسياسيا.
وسيجد هذا التطبيق الخلاق لضغط العقوبات الأمريكي نضجا كاملا في برامج العقوبات الثانوية في منتصف العقد الأول من القرن العشرين، حيث كان للولايات المتحدة اتصال اقتصادي ضئيل أو معدوم مع إيران، لكنها كانت لا تزال قادرة على ممارسة نفوذ كبير من خلال تهديد الوصول إلى الاقتصاد الأمريكي لتلك الدول التي لا تزال تتعامل مع طهران.
03 حددت أزمة الرهائن السياق العاطفي والنفسي بين الأمريكيين لكل شيء تقريبا قادم بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما جعل استعادة العلاقات التجارية والتجارية صعبة، حتى لو كانت قانونية، بسبب مخاطر السمعة، كما خلقت في بعض الأحيان إشكالية، وتشابها محتملا لمحاولات مستقبلية لدبلوماسية المعاملات، كما شهد الرئيس أوباما بعد أن تمت تسوية الديون البالغة 1.7 مليار دولار مع إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين في إيران في يناير 2016. وقد يكون هذا أحد أهم تداعيات أزمة الرهائن.
انتقدت إدارة ريجان القادمة اتفاقات الجزائر باعتبارها تنازلا هائلا لعمل إرهابي، وستواجه كل المفاوضات الأمريكية المستقبلية مع إيران التهمة نفسها، لا سيما في أي مكان يتم فيه تطبيق تخفيف العقوبات، وقد كان هذا عنصرا مهما في استقبال JCPOA في واشنطن.
ولم يمنع هذا النقد الإدارات الأمريكية من كلا الحزبين السياسيين من التفكير وإبرام اتفاقيات مع إيران تتضمن تخفيف العقوبات وسداد الديون، وبهذه الطريقة، مثلما ستعرف تجربة العقوبات المفروضة على إيران في الفترة 1979ـ1981 الولايات المتحدة الكثير عن العقلانية الإيرانية في الشؤون الخارجية، فإن إيران أيضا ستدرك أنها يمكن أن تولد نفوذا مع الولايات المتحدة.
وقد وصفت طهران توسعها النووي في الفترة من 2006 إلى 2013، على سبيل المثال، كوسيلة لتوليد النفوذ للمفاوضات وكذلك تطوير القدرة النووية لإيران، وقد ترى إيران بالمثل القيمة في سوء التصرف الإقليمي كطريقة ليس فقط لتعزيز مصالحها الأمنية، ولكن أيضا بخلق مصادر غير متكافئة للضغط ضد خصومها، الولايات المتحدة في مقدمتها.