10 أسباب وراء أزمة الصحف الورقية
الاثنين / 11 / رجب / 1440 هـ - 22:45 - الاثنين 18 مارس 2019 22:45
لا يكاد يمر يوم دون أن تقرأ مقالا في صحيفة، أو تشاهد برنامجا تلفزيونيا، أو تستمع لأشخاص في موقع المسؤولية أو خارجها، يتحدثون عن انتهاء زمن الصحافة الورقية، واستبدالها بـ«صحافة المواطن»، أو الاكتفاء بوسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة آخر الأخبار وأهمها.
ويستدلون على ذلك بما أقدمت عليه بعض الصحف الأجنبية (محدودة الانتشار) من مغادرة المشهد الإعلامي بالكلية، أو التحول للنسخة الالكترونية كـ «الإندبندنت» و«التلغراف» البريطانيتين، وكريستيان ساينس مونيتور ومجلة «نيوزويك» الأمريكيتين.
ورغم تنكر بعض من ركبوا قطار الصحف بعد تحقق غايتهم، أو أولئك الذين توقعوا أو تمنوا رؤيتها وهي تغلق أبوابها وتسرح منسوبيها، أو تبقي بعضهم وتتحول إلى الكترونية، إلا أن الصحف ما زالت تمارس مهامها وفق قواعد النشر الجديدة، بأمل أن تعود يوما إلى سابق عهدها، أو تجد من يلقي لها طوق النجاة، لينقذها من طوفان التجاهل والتهميش، أو يبحث معها عن حلول تساعدها في الخروج من حالة الموت السريري التي هي عليها منذ أعوام.
ولتشخيص المشكلة يجب أولا معرفة مكمن الخلل وأسبابه قبل اقتراح الحلول، التي قد يكون جزء منها في الأسطر التالية.
نظام المؤسسات الصحفية
تعمل المؤسسات الصحفية في ظل نظام قديم صدر في العام 1422هـ كبديل عن نظام المؤسسات الصحفية الأهلية الصادر في 1383هـ، واستمر على حاله دون تحديث أسوة بقطاعات الدولة الأخرى، رغم تولي 7 وزراء قبل الوزير الحالي لحقيبة الإعلام.
حتى وقت قريب كانت المؤسسات الصحفية تحقق سنويا أرباحا مليونية، وتوزع على أعضائها ومنسوبيها مكافآت مجزية، كان آخرها في 2017 عندما وزعت مؤسسة اليمامة 29.48 مليون ريال على مساهميها، وقبلها مؤسسة عكاظ في 2012 عندما حققت أعلى معدل صافي أرباح في تاريخها بنحو 134 مليون ريال، وفي نفس العام زادت أرباح مؤسسة الجزيرة على رأسمالها.. فماذا حدث بعد ذلك؟
تحصل وكالات الإعلان الأجنبية على 30%
حرمان الصحف من300 مليون ريال خاصة بإعلانات الشركات المساهمة
الاشتراكات المتناقصة
تعد الاشتراكات الحكومية والنسخ المخصصة للخطوط السعودية ثالث أهم دخل للمؤسسات الصحفية بعد الإعلان التجاري ثم الحكومي، ولأسباب مجهولة قررت الجهات الرسمية تخفيض سعر الاشتراك السنوي تدريجيا من 730 ريالا للنسخة الواحدة حتى وصل إلى 350 ريالا، بما نسبته 52%، وكذلك تخفيض عدد النسخ تدريجيا من 229 ألف نسخة يوميا في 2013 لجميع الصحف إلى 86 ألفا في 2018 بما نسبته 62%، وبالتالي انحدار دخل الاشتراكات الحكومية من 88 مليون ريال في 2013 إلى 23 مليونا في 2018، واشتراكات الخطوط السعودية من 38 مليون ريال إلى 2.5 مليون لذات الفترة.
الإعلان الرقمي
رغم وضوح حجم الإعلان التجاري وحصصه المخصصة للوسائط المختلفة، وإجمالي المبالغ التي تحصل عليها المؤسسات الصحفية ووكالات الإعلان، إلا أن الصورة ما زالت مشوشة حيال الإعلان الرقمي، حيث يقدر خبراء في التسويق والإعلانات الرقمية أن الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية استحوذ في 2017 على 10% من الإنفاق الإعلاني، وهذه الإعلانات رغم نموها المتواصل، إلا أن غالبية إيراداتها تذهب للشركات الأمريكية العملاقة «جوجل» و«فيس بوك».
دراسات عالمية
توقع تقرير شركة CARAT الإعلامية مطلع 2018 أن يشهد الإنفاق الإعلاني على مستوى العالم نموا بنسبة 3.6 %وبقيمة 589.5 مليار دولار من إجمالي الإنفاق الإعلاني
- في حال انتشار الانترنت 12.6 %
- سيشكل الإنفاق الإعلاني الرقمي 38.3 %
- ستشكل مشاهدة التلفزيون 35.5 %
- تفوق الانفاق الإعلاني للجوال على أجهزة الكمبيوتر المكتبية بقيمة 121.1 مليار دولار
أكد تقرير شركة Zenith Optimedia أن ثلثي نمو الإنفاق الإعلاني مدعوم من الإعلانات المدفوعة في محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذا يقودنا للتساؤل:
هل السوق الإعلاني الرقمي لدينا يستوعب مئات الصحف الورقية والالكترونية والمواقع الإخبارية، بحسب أرقام وزارة الإعلام؟ وهل السوق منضبط بحيث يمكن تحقيق أقصى درجات الاستفادة منه، أم إن الفوضى تسيّره كما تسيّر الإعلان التجاري؟
تأخر المستحقات
تأثرت المؤسسات الصحفية كغيرها من القطاعات التجارية والاستثمارية الأخرى بحالة الركود والانكماش الاقتصادي التي مرت بها المنطقة بشكل عام، ومع ذلك نجحت بالتفاهمات المباشرة مع نظيراتها في شركات ومؤسسات القطاع الخاص في تجاوز تلك الأزمة، بالتأجيل تارة، والخصم والسداد على دفعات ميسرة تارة أخرى.
في المقابل فشلت في علاج وضعها مع الجهات الحكومية، رغم تأخر الأخيرة عن سداد المستحق عليها لسنوات طويلة، حتى تجاوزت تلك المتأخرات حاجز الـ 200 مليون ريال.
كما لم تكتف هذه الجهات بالتأخير فقط، بل مارست سلطتها بتغريم وإيقاف خدمات أي مؤسسة تتأخر عن سداد رسومها في موعدها، في وقت كان بإمكانها خصم رسومها أو انتظار تحصيلها بعد سداد المستحق عليها.
كذلك الحال لمنصة «اعتماد» التي خصصتها وزارة المالية لتسهيل حصول الشركات والمؤسسات المتعاملة مع الحكومة على مستحقاتها بيسر وسهولة، لا يمكن للمؤسسات الصحفية الاستفادة منها، كونها تشترط وجود سجل تجاري قبل المطالبة بمستحقاتها، الأمر الذي يعيدها لاتباع الطرق البيروقراطية القديمة، بإرسال فواتيرها بالبريد الممتاز لكل جهة حكومية أصدرت فاتورة لها، مشفوعة بشهادة السعودة والزكاة والدخل وضريبة القيمة المضافة وشهادة التأمينات الاجتماعية، وانتظار البت في الطلب، والدعاء إلى الله ألا تجد في طريقها موظفا مهملا أو «متفزلكا» يرى في فرق هللتين فرصة لتعطيل المعاملة بالتجاهل أو إعادتها للجهة المرسلة منها للتعديل.
ما هو الحل؟
نجحت المؤسسات الصحفية طوال تاريخها في الربط بين المواطن والمسؤول. وتمكنت بصفتها «صانعة محتوى» من إدارة المشهد الإعلامي، بما يعزز انتماء المواطنة لدى الناس والمحافظة على مقدرات البلد ومكانتها، بخلاف «صحافة المواطن» التي أثبتت أنها «ناقلة محتوى» ويمكن التلاعب بها عند الحاجة وفق أجندات خاصة.
يعزز ذلك أحدث دراسة فرنسية أجرتها شركة Toluna المتخصصة في الأبحاث الاستطلاعية المسحية عبر الإنترنت بعنوان «المطبوع والورقيّ في عالم رقميّ»، استطلعت فيه آراء 10700 مستهلك من 10 دول هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا والبرازيل وأستراليا، فأظهرت أن الصحف الورقية ما زالت تتمتع لدى المتلقين بمصداقية أكثر من نظيرتها الرقمية، التي بات رصيد مصداقيتها يتراجع عاماً بعد عام، نتيجة تزايد ظاهرة الأخبار المفبركة والمضللة، ومخاوف المستهلكين من احتمالات تعرض بياناتهم الشخصية للقرصنة. وخلصت الدراسة إلى:
- 34 % يميلون لاستقاء الأخبار من تطبيقات التواصل الاجتماعي
- -56 % يثقون في أخبار ومعلومات الصحف الورقية
- 10 % على الحياد
- 74 % يرون في منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار الأخبار الكاذبة
- 64 % لا يرغبون في اختفاء الصحف الورقية
- 8 من 10 اختاروا تلقي الأخبار من الصحف الورقية
والحديث عن صحف غادرت المشهد الإعلامي أو تحولت إلى رقمية، ينبغي ألا يعمينا عن أخرى آثرت الاستمرار على وضعها الورقي أو الحضور في الاثنين معا، وتقديم ما يلائم متابعيها بحسب المنصة التي تطل عليهم منها، مثل «وول ستريت جورنال »
«لوس أنجليس تايمز »،« واشنطن بوست »،« إس أي تودي»،« نيويورك تايمزأخيرا »،«اليوم السابع » المصرية التي استجابت لرغبة قرائها ومعلنيها بإصدار نسخة ورقية بجانب الالكترونية، وهو ما تقوم به جميع المؤسسات الصحفية السعودية اليوم،
وإن ليس بذات الكفاءة المطلوبة. غير أن الأمر يحتاج لحلول عملية لتحقيق النتيجة المرجوة، بازدهار هذه الصناعة، وقيامها بدورها داخليا وخارجيا، وذلك عبر:
فهل هناك رغبة بتعديل مائل هذا القطاع وعودته لممارسة نشاطه كما كان، أم سنكتفي بالحديث فقط عن موت الصحافة الورقية؟
ويستدلون على ذلك بما أقدمت عليه بعض الصحف الأجنبية (محدودة الانتشار) من مغادرة المشهد الإعلامي بالكلية، أو التحول للنسخة الالكترونية كـ «الإندبندنت» و«التلغراف» البريطانيتين، وكريستيان ساينس مونيتور ومجلة «نيوزويك» الأمريكيتين.
ورغم تنكر بعض من ركبوا قطار الصحف بعد تحقق غايتهم، أو أولئك الذين توقعوا أو تمنوا رؤيتها وهي تغلق أبوابها وتسرح منسوبيها، أو تبقي بعضهم وتتحول إلى الكترونية، إلا أن الصحف ما زالت تمارس مهامها وفق قواعد النشر الجديدة، بأمل أن تعود يوما إلى سابق عهدها، أو تجد من يلقي لها طوق النجاة، لينقذها من طوفان التجاهل والتهميش، أو يبحث معها عن حلول تساعدها في الخروج من حالة الموت السريري التي هي عليها منذ أعوام.
ولتشخيص المشكلة يجب أولا معرفة مكمن الخلل وأسبابه قبل اقتراح الحلول، التي قد يكون جزء منها في الأسطر التالية.
نظام المؤسسات الصحفية
تعمل المؤسسات الصحفية في ظل نظام قديم صدر في العام 1422هـ كبديل عن نظام المؤسسات الصحفية الأهلية الصادر في 1383هـ، واستمر على حاله دون تحديث أسوة بقطاعات الدولة الأخرى، رغم تولي 7 وزراء قبل الوزير الحالي لحقيبة الإعلام.
- المادة (3) من النظام تشير إلى أن المؤسسات الصحفية لا تمتلك سوى «رخصة نشر» لتسيير أعمالها.
- تتعامل الجهات الحكومية مع المؤسسات الصحفية باعتبارها كيانات تجارية ملزمة بعرض بياناتها وميزانياتها عليها، ودفع الزكاة، وتحقيق مطالب السعودة، وحماية الأجور، وتسديد اشتراكات الغرف التجارية والتأمينات الاجتماعية والبلديات، رغم عدم امتلاكها سجلا تجاريا، وهناك صعوبة في تكييف أوضاع القائم منها حاليا لتلائم أنظمة الجهات الرسمية.
- المادة (7/أ) تشير إلى تساوي أعضاء المؤسسة في حقوق التصويت، بمعنى أن المساهم صاحب الـ10 ملايين ريال يتساوى صوته مع ذي الـ10 آلاف، في حين يوزن صوت المساهم في الشركات الأخرى بوزن المبلغ المساهم به.
- المادة (7/ث) تتحدث عن الإرث، حيث لا يحق للمساهم توريث حصته لورثته بحسب الحصص الشرعية، وإنما يرشح الورثة واحدا منهم، فإن لم تتوفر في أحدهم شروط العضوية يصبحوا مجبرين على بيع الأسهم لعضو أو أعضاء من داخل المؤسسة أو خارجها. أما إن وجد من تنطبق عليه الشروط وحصل على موافقة المؤسسة ثم الوزارة، فإلى من ستؤول حصته بعد وفاته.. لإخوانه أم لأبنائه؟
- تجهل العديد من الجهات الرسمية حدود صلاحيات إدارات مجالس المؤسسات الصحفية، خلافا لما عليه نظراؤهم في الشركات المساهمة والفردية، كحالة غير موصوفة في نظام وزارة التجارة للشركات.
حتى وقت قريب كانت المؤسسات الصحفية تحقق سنويا أرباحا مليونية، وتوزع على أعضائها ومنسوبيها مكافآت مجزية، كان آخرها في 2017 عندما وزعت مؤسسة اليمامة 29.48 مليون ريال على مساهميها، وقبلها مؤسسة عكاظ في 2012 عندما حققت أعلى معدل صافي أرباح في تاريخها بنحو 134 مليون ريال، وفي نفس العام زادت أرباح مؤسسة الجزيرة على رأسمالها.. فماذا حدث بعد ذلك؟
- في عام 2014 تراجع الدخل الإعلاني، العمود الفقري للمؤسسات الصحفية بنسبة 58% من 2.763 مليار ريال إلى 1.170 مليار. وهذا الرقم لا يمثل صافي القيمة الموردة للمؤسسات الصحفية، حيث تتبعه حسومات على شكل إعلان مجاني أو ترويجي أو تعويض عن إعلان خاطئ، إضافة إلى نحو 30% (تتراوح بين 400 و600 مليون ريال) تذهب لوكالات إعلان أجنبية مملوكة لـ«شربل، طوني، جوني»، وتسيطر على سوق الإعلان في المملكة منذ عشرات السنين.
- حرمت وزارة التجارة المؤسسات الصحفية من نحو 300 مليون ريال سنويا، عندما أعفت الشركات المساهمة (قيمتها السوقية 2.02 تريليون ريال وأرباحها تتجاوز الـ100 مليار ريال) من نشر بياناتها وقوائمها المالية الربع سنوية في الصحف، واكتفت بالنشر مرة واحدة في نهاية العام.
- معظم الحملات الإعلانية الحكومية تذهب للمؤسسات الصحفية عبر نفس الوكيل الإعلاني الأجنبي «شربل، طوني، جوني»، وبالتالي لا يصلها أكثر من 25% من القيمة الحقيقية للحملات.
- أسندت وزارة العدل مسؤولية توزيع إعلانات «التنفيذ» لشركة ثقة لخدمات الأعمال (شركة حكومية 100% تمتلكها هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين)، حيث تتقاضى عن كل إعلان يردها من محاكم التنفيذ مبلغ 350 ريالا، تدفع منه 200 ريال للمؤسسة الصحفية الناشرة للإعلان، وتحتفظ بالباقي لنفسها (تقدر أوامر التنفيذ بنحو 770 ألف إعلان في السنة) بحسب موقع وزارة العدل.
تحصل وكالات الإعلان الأجنبية على 30%
حرمان الصحف من300 مليون ريال خاصة بإعلانات الشركات المساهمة
الاشتراكات المتناقصة
تعد الاشتراكات الحكومية والنسخ المخصصة للخطوط السعودية ثالث أهم دخل للمؤسسات الصحفية بعد الإعلان التجاري ثم الحكومي، ولأسباب مجهولة قررت الجهات الرسمية تخفيض سعر الاشتراك السنوي تدريجيا من 730 ريالا للنسخة الواحدة حتى وصل إلى 350 ريالا، بما نسبته 52%، وكذلك تخفيض عدد النسخ تدريجيا من 229 ألف نسخة يوميا في 2013 لجميع الصحف إلى 86 ألفا في 2018 بما نسبته 62%، وبالتالي انحدار دخل الاشتراكات الحكومية من 88 مليون ريال في 2013 إلى 23 مليونا في 2018، واشتراكات الخطوط السعودية من 38 مليون ريال إلى 2.5 مليون لذات الفترة.
الإعلان الرقمي
رغم وضوح حجم الإعلان التجاري وحصصه المخصصة للوسائط المختلفة، وإجمالي المبالغ التي تحصل عليها المؤسسات الصحفية ووكالات الإعلان، إلا أن الصورة ما زالت مشوشة حيال الإعلان الرقمي، حيث يقدر خبراء في التسويق والإعلانات الرقمية أن الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية استحوذ في 2017 على 10% من الإنفاق الإعلاني، وهذه الإعلانات رغم نموها المتواصل، إلا أن غالبية إيراداتها تذهب للشركات الأمريكية العملاقة «جوجل» و«فيس بوك».
دراسات عالمية
توقع تقرير شركة CARAT الإعلامية مطلع 2018 أن يشهد الإنفاق الإعلاني على مستوى العالم نموا بنسبة 3.6 %وبقيمة 589.5 مليار دولار من إجمالي الإنفاق الإعلاني
- في حال انتشار الانترنت 12.6 %
- سيشكل الإنفاق الإعلاني الرقمي 38.3 %
- ستشكل مشاهدة التلفزيون 35.5 %
- تفوق الانفاق الإعلاني للجوال على أجهزة الكمبيوتر المكتبية بقيمة 121.1 مليار دولار
أكد تقرير شركة Zenith Optimedia أن ثلثي نمو الإنفاق الإعلاني مدعوم من الإعلانات المدفوعة في محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذا يقودنا للتساؤل:
هل السوق الإعلاني الرقمي لدينا يستوعب مئات الصحف الورقية والالكترونية والمواقع الإخبارية، بحسب أرقام وزارة الإعلام؟ وهل السوق منضبط بحيث يمكن تحقيق أقصى درجات الاستفادة منه، أم إن الفوضى تسيّره كما تسيّر الإعلان التجاري؟
تأخر المستحقات
تأثرت المؤسسات الصحفية كغيرها من القطاعات التجارية والاستثمارية الأخرى بحالة الركود والانكماش الاقتصادي التي مرت بها المنطقة بشكل عام، ومع ذلك نجحت بالتفاهمات المباشرة مع نظيراتها في شركات ومؤسسات القطاع الخاص في تجاوز تلك الأزمة، بالتأجيل تارة، والخصم والسداد على دفعات ميسرة تارة أخرى.
في المقابل فشلت في علاج وضعها مع الجهات الحكومية، رغم تأخر الأخيرة عن سداد المستحق عليها لسنوات طويلة، حتى تجاوزت تلك المتأخرات حاجز الـ 200 مليون ريال.
كما لم تكتف هذه الجهات بالتأخير فقط، بل مارست سلطتها بتغريم وإيقاف خدمات أي مؤسسة تتأخر عن سداد رسومها في موعدها، في وقت كان بإمكانها خصم رسومها أو انتظار تحصيلها بعد سداد المستحق عليها.
كذلك الحال لمنصة «اعتماد» التي خصصتها وزارة المالية لتسهيل حصول الشركات والمؤسسات المتعاملة مع الحكومة على مستحقاتها بيسر وسهولة، لا يمكن للمؤسسات الصحفية الاستفادة منها، كونها تشترط وجود سجل تجاري قبل المطالبة بمستحقاتها، الأمر الذي يعيدها لاتباع الطرق البيروقراطية القديمة، بإرسال فواتيرها بالبريد الممتاز لكل جهة حكومية أصدرت فاتورة لها، مشفوعة بشهادة السعودة والزكاة والدخل وضريبة القيمة المضافة وشهادة التأمينات الاجتماعية، وانتظار البت في الطلب، والدعاء إلى الله ألا تجد في طريقها موظفا مهملا أو «متفزلكا» يرى في فرق هللتين فرصة لتعطيل المعاملة بالتجاهل أو إعادتها للجهة المرسلة منها للتعديل.
ما هو الحل؟
نجحت المؤسسات الصحفية طوال تاريخها في الربط بين المواطن والمسؤول. وتمكنت بصفتها «صانعة محتوى» من إدارة المشهد الإعلامي، بما يعزز انتماء المواطنة لدى الناس والمحافظة على مقدرات البلد ومكانتها، بخلاف «صحافة المواطن» التي أثبتت أنها «ناقلة محتوى» ويمكن التلاعب بها عند الحاجة وفق أجندات خاصة.
يعزز ذلك أحدث دراسة فرنسية أجرتها شركة Toluna المتخصصة في الأبحاث الاستطلاعية المسحية عبر الإنترنت بعنوان «المطبوع والورقيّ في عالم رقميّ»، استطلعت فيه آراء 10700 مستهلك من 10 دول هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا والبرازيل وأستراليا، فأظهرت أن الصحف الورقية ما زالت تتمتع لدى المتلقين بمصداقية أكثر من نظيرتها الرقمية، التي بات رصيد مصداقيتها يتراجع عاماً بعد عام، نتيجة تزايد ظاهرة الأخبار المفبركة والمضللة، ومخاوف المستهلكين من احتمالات تعرض بياناتهم الشخصية للقرصنة. وخلصت الدراسة إلى:
- 34 % يميلون لاستقاء الأخبار من تطبيقات التواصل الاجتماعي
- -56 % يثقون في أخبار ومعلومات الصحف الورقية
- 10 % على الحياد
- 74 % يرون في منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار الأخبار الكاذبة
- 64 % لا يرغبون في اختفاء الصحف الورقية
- 8 من 10 اختاروا تلقي الأخبار من الصحف الورقية
والحديث عن صحف غادرت المشهد الإعلامي أو تحولت إلى رقمية، ينبغي ألا يعمينا عن أخرى آثرت الاستمرار على وضعها الورقي أو الحضور في الاثنين معا، وتقديم ما يلائم متابعيها بحسب المنصة التي تطل عليهم منها، مثل «وول ستريت جورنال »
«لوس أنجليس تايمز »،« واشنطن بوست »،« إس أي تودي»،« نيويورك تايمزأخيرا »،«اليوم السابع » المصرية التي استجابت لرغبة قرائها ومعلنيها بإصدار نسخة ورقية بجانب الالكترونية، وهو ما تقوم به جميع المؤسسات الصحفية السعودية اليوم،
وإن ليس بذات الكفاءة المطلوبة. غير أن الأمر يحتاج لحلول عملية لتحقيق النتيجة المرجوة، بازدهار هذه الصناعة، وقيامها بدورها داخليا وخارجيا، وذلك عبر:
- تنظيم قطاع النشر الذي أهملت الجهات الرسمية تحديث أنظمته وإزالة المعوقات عن طريقه، مما تسبب في جمود هذه المؤسسات، وبقاء مسؤوليها لعقود طويلة دون إحداث تغيير يذكر في هذه الصناعة.
- تنظيف قطاع الإعلان من طفيليات « شربل ،طوني،جوني» التي بخلاف أنها استنزفت موارد البلد المالية، تحارب كل سعودي أو سعودية يحاول مزاحمة أبناء جلدتهم فيه.
- منع منافسة الجهات الحكومية للمؤسسات الصحفية وتفريغها من كفاءاتها وتحويلهم لموظفي علاقات عامة لديها أو «صانعي محتوى»
- تولي المؤسسات الصحفية إنتاج المحتوى نيابة عن الجهات الحكومية بمقابل مالي.
فهل هناك رغبة بتعديل مائل هذا القطاع وعودته لممارسة نشاطه كما كان، أم سنكتفي بالحديث فقط عن موت الصحافة الورقية؟