جريمة نيوزيلندا والإرهاب التكنولوجي
الاثنين / 11 / رجب / 1440 هـ - 19:15 - الاثنين 18 مارس 2019 19:15
بعد مضي أيام على الهجوم الإرهابي الذي حدث في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا، وأسفر عن استشهاد 50 مسلما على الأقل، وبعد أن استفقنا من هول الصدمة التي حدثت (لا أخفيكم أني لا أزال عالقا فيها لبشاعتها)، لا بد الآن أن نبحث في بعض التفاصيل لهذه الجريمة، وكيفية الحد من تكرارها (إن أمكن).
لن أتحدث عن التفاصيل والتداعيات السياسية أو الدينية فهذه المواضيع قد أشبعت تفصيلا في مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية والصحف، بل سأتطرق لهذه الجريمة من النواحي التكنولوجية التي استخدمها المجرم لبث جريمته إلى العالم بأسره صوتا وصورة وعلى الهواء مباشرة، لإرهاب المسلمين.
لكي نكون على درجة عالية من الصراحة لا بد من الاعتراف بأن المجرم الإرهابي قد نجح من الجانب التكنولوجي أيما نجاح (ولكن فشل أيما فشل في إرهاب المسلمين)!
أرسل الإرهابي تحذيرا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن يبث جريمته على الهواء في موقع Facebook ولمدة 17 دقيقة، ومن ثم تم نشر الخبر والمقطع على جميع المنصات كـ Youtube وTwitter والقنوات، وبعدها انتشر المقطع كالنار في الهشيم.
في هذه الأثناء كان الـ Silicon Valley بكل ما فيه من إمبراطوريات تكنولوجية كـ Google وFacebook في سبات عميق، فلما استيقظت وجدت أن مقطع الجريمة قد انتشر ولم تنفعها جميع الخوارزميات (Algorithms) العملاقة التي اخترعتها للكشف المبكر عن المحتوى السيئ ومنعه ومن ثم حذفه. نجحت تلك الشركات (إلى حد ما) بعد ساعات في الحد من انتشار المقطع بحذفه متى ما تلقت بلاغا من المستخدمين أو في حال وجود علامة (flag) في عنوان المقطع كاسم الإرهابي مثلا!
وللعلم فإن هذه ليست السابقة الأولى لنشر جريمة قتل على تلك المنصات فقد بُثت جرائم عدة خلال الأربع السنوات الماضية.
والسؤال هو: لماذا لم تطور شركات التكنولوجيا وسيلة ناجحة وفعالة للحد من بث وانتشار مقطع أو محتوى سيئ (كهذه الجريمة) إلى الآن؟
كبرى شركات التكنولوجيا كـ Facebook وGoogle قد صرحت بإطلاق برامج مصممة بتقنية الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والتي استطاعتها كشف المقاطع التي تحتوي على مشاهد خطيرة كقطع الرأس أو المُعلَّمة بداعش أو تلك التي تنتهك حقوق الملكية. ولكن مع كل تلك التصريحات لم تستطع هذه الشركات حذف المقاطع 100%، لاحظ أني لم أتحدث عن البث المباشر.
أما بخصوص التحكم في البث المباشر فقد فشلت Facebook (وكذلك باقي الشركات) حتى الآن في تطوير ذكاء اصطناعي يحدد وبشكل مباشر المحتوى السيئ ويحد منه، والكلام هنا على لسان Dipayan Ghosh وهو عضو سابق في فريق عمل Facebook.
عليه فإن الإرهابي استغل كل تلك الثغرات التكنولوجية لنشر فكره وبث ما يريد.
وفي رأيي شركات التكنولوجيا الكبرى ليست جادة بما فيه الكفاية لابتكار وتطوير ذكاء اصطناعي لحل هذه المشكلة، والسبب بسيط وهو عدم وجود تنظيم أو هيئة لها اليد الطولى لتجبرها على تبني محتوى جيد وحذف كل ما هو سيئ وبشكل فوري (وهو حرفيا تطبيق الذكاء الاصطناعي بطريقة غير مباشرة وبدهاء الحكومات المعهود) وإلا فليبشروا بالغرامات.
حسنا، من الواضح أن ما في اليد حيلة نظرا لأن تلك الشركات خاضعة لهيئاتها التي إن شاءت أجبرتها وإن شاءت تركتها!
لكن التساؤل المشروع ماذا لو حدثت (لا سمح الله) جريمة مشابهة في منطقتنا، هل نرغب بالتساهل التكنولوجي مع الإرهابي وإعطائه الفرصة لبث جريمته على مرأى ومسمع من العالم دون أخذ الاحتياطات التكنولوجية شاءت تلك الشركات الكبرى أم أبت؟
أنا لست من دعاة مراقبة المحتوى، ولكني من دعاة الحد من الإرهاب الديني أو المجتمعي، فما هو المانع في أن تتبنى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية تطوير ذكاء اصطناعي لاستخلاص المحتوى السيئ (هنا لا بد من تعريف ما هو المحتوى السيئ بموافقة الحكومة والهيئات) من جميع ما يرفع على منصات التواصل الاجتماعي في السعودية، وأخذ الإجراء اللازم من حذف المحتوى أو السماح به قبل وصوله إلى خوادم تلك الشركات وبثه.
وبذلك نكون قد قطعنا دابر الإرهاب التكنولوجي (إلى حد كبير جدا) وتم إفشال المخططات التي تحاك لنا ليل نهار.
أعلم أن هذه فكرة يراها البعض ضربا من خيال، ولكن مصلحة الوطن تستحق أن ننفذ مانتخيل!
@3bdullahal3jlan
لن أتحدث عن التفاصيل والتداعيات السياسية أو الدينية فهذه المواضيع قد أشبعت تفصيلا في مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية والصحف، بل سأتطرق لهذه الجريمة من النواحي التكنولوجية التي استخدمها المجرم لبث جريمته إلى العالم بأسره صوتا وصورة وعلى الهواء مباشرة، لإرهاب المسلمين.
لكي نكون على درجة عالية من الصراحة لا بد من الاعتراف بأن المجرم الإرهابي قد نجح من الجانب التكنولوجي أيما نجاح (ولكن فشل أيما فشل في إرهاب المسلمين)!
أرسل الإرهابي تحذيرا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن يبث جريمته على الهواء في موقع Facebook ولمدة 17 دقيقة، ومن ثم تم نشر الخبر والمقطع على جميع المنصات كـ Youtube وTwitter والقنوات، وبعدها انتشر المقطع كالنار في الهشيم.
في هذه الأثناء كان الـ Silicon Valley بكل ما فيه من إمبراطوريات تكنولوجية كـ Google وFacebook في سبات عميق، فلما استيقظت وجدت أن مقطع الجريمة قد انتشر ولم تنفعها جميع الخوارزميات (Algorithms) العملاقة التي اخترعتها للكشف المبكر عن المحتوى السيئ ومنعه ومن ثم حذفه. نجحت تلك الشركات (إلى حد ما) بعد ساعات في الحد من انتشار المقطع بحذفه متى ما تلقت بلاغا من المستخدمين أو في حال وجود علامة (flag) في عنوان المقطع كاسم الإرهابي مثلا!
وللعلم فإن هذه ليست السابقة الأولى لنشر جريمة قتل على تلك المنصات فقد بُثت جرائم عدة خلال الأربع السنوات الماضية.
والسؤال هو: لماذا لم تطور شركات التكنولوجيا وسيلة ناجحة وفعالة للحد من بث وانتشار مقطع أو محتوى سيئ (كهذه الجريمة) إلى الآن؟
كبرى شركات التكنولوجيا كـ Facebook وGoogle قد صرحت بإطلاق برامج مصممة بتقنية الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، والتي استطاعتها كشف المقاطع التي تحتوي على مشاهد خطيرة كقطع الرأس أو المُعلَّمة بداعش أو تلك التي تنتهك حقوق الملكية. ولكن مع كل تلك التصريحات لم تستطع هذه الشركات حذف المقاطع 100%، لاحظ أني لم أتحدث عن البث المباشر.
أما بخصوص التحكم في البث المباشر فقد فشلت Facebook (وكذلك باقي الشركات) حتى الآن في تطوير ذكاء اصطناعي يحدد وبشكل مباشر المحتوى السيئ ويحد منه، والكلام هنا على لسان Dipayan Ghosh وهو عضو سابق في فريق عمل Facebook.
عليه فإن الإرهابي استغل كل تلك الثغرات التكنولوجية لنشر فكره وبث ما يريد.
وفي رأيي شركات التكنولوجيا الكبرى ليست جادة بما فيه الكفاية لابتكار وتطوير ذكاء اصطناعي لحل هذه المشكلة، والسبب بسيط وهو عدم وجود تنظيم أو هيئة لها اليد الطولى لتجبرها على تبني محتوى جيد وحذف كل ما هو سيئ وبشكل فوري (وهو حرفيا تطبيق الذكاء الاصطناعي بطريقة غير مباشرة وبدهاء الحكومات المعهود) وإلا فليبشروا بالغرامات.
حسنا، من الواضح أن ما في اليد حيلة نظرا لأن تلك الشركات خاضعة لهيئاتها التي إن شاءت أجبرتها وإن شاءت تركتها!
لكن التساؤل المشروع ماذا لو حدثت (لا سمح الله) جريمة مشابهة في منطقتنا، هل نرغب بالتساهل التكنولوجي مع الإرهابي وإعطائه الفرصة لبث جريمته على مرأى ومسمع من العالم دون أخذ الاحتياطات التكنولوجية شاءت تلك الشركات الكبرى أم أبت؟
أنا لست من دعاة مراقبة المحتوى، ولكني من دعاة الحد من الإرهاب الديني أو المجتمعي، فما هو المانع في أن تتبنى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية تطوير ذكاء اصطناعي لاستخلاص المحتوى السيئ (هنا لا بد من تعريف ما هو المحتوى السيئ بموافقة الحكومة والهيئات) من جميع ما يرفع على منصات التواصل الاجتماعي في السعودية، وأخذ الإجراء اللازم من حذف المحتوى أو السماح به قبل وصوله إلى خوادم تلك الشركات وبثه.
وبذلك نكون قد قطعنا دابر الإرهاب التكنولوجي (إلى حد كبير جدا) وتم إفشال المخططات التي تحاك لنا ليل نهار.
أعلم أن هذه فكرة يراها البعض ضربا من خيال، ولكن مصلحة الوطن تستحق أن ننفذ مانتخيل!
@3bdullahal3jlan