الرأي

جريمة وصمت وخيانة

حسن علي القحطاني
أستكمل ما بدأته في المقال السابق عن أهم أسباب ما يحدث في اليمن، فالخيانة سلوك ذميم تأصل بين بعض اليمنيين بسبب ركام تاريخي واجتماعي، وما أقسى أن يطعن اليمني وطنه ومواطنيه، فميليشيات الحوثي بعد فشلها في مواجهة حجور لجأت للخونة من أبناء المنطقة، واختارتهم بعناية لشق صف هذه الجبهة من الداخل، واستخدمت صواريخ باليستية إيرانية أطلقتها من اليمن على أرض اليمن، وأطلقت مختلف أنواع الأسلحة بشكل هستيري على منازل ومزارع المواطنين والمدارس والمساجد في قرى العبيسة، ولولا عناية الله ثم الشجاعة في إصدار وتنفيذ قرار الإمداد الجوي - رغم شدة خطورته - من قوى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لحدثت جرائم إبادة جماعية وفظائع مروعة بحق اليمنيين في قرى مديرية كشر حجور بمحافظة حجة، وإن كان الخطر لا زال قائما إلا أن هذا الدعم غير موازين المعركة، وساعد الحجوريين في استعادة ما خسروه من مواقع وطرد الحوثي والمتحوثين الخونة، ومن الواجب على جيران حجور في عمران أن يدركوا أن ما يربطهم بأبناء عمومتهم في حجور أقوى مما يربطهم بسدنة أسرة بدرالدين الحوثي، وأنا أثق في أن المناطق المجاورة لحجور تستطيع بشكل أو بآخر فك الحصار المفروض عليها، ولعل هذا يساعد القادة العسكريين في الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي في إدخال قوات المنطقة العسكرية الخامسة لمناطق حجور بعد أن يتم تمهيد الأرض لهم من خلال إيجاد جبهة وطنية شعبية تكون محل ثقة تساند هذه القوات في تحرير بقية مناطق حجة.

إن من أهم أسباب ما يحدث في اليمن هو ضعف الجبهة الداخلية بسبب تباين المصالح أو اختلاف المواقف السياسية التي استعصى توحيدها على الدكتور معين عبدالملك سعيد الصبري الذي يرأس مجلس وزراء حكومته من العاصمة المؤقتة عدن، وللأمانة فإن أداء الحكومة الحالية غير مقنع داخليا، ولعل الإرث الكبير لملفات الفساد من الحكومات السابقة أثقل كاهلها، إلا أن هناك قضايا تمس المجتمع المدني يجب معالجتها بشكل فوري كاستخدام النفوذ وسوء التنظيم الإداري والمالي وانتشار الرشا وتدهور الوضع الصحي، ومن الضروري أن توجد حكومة الدكتور معن مشاريع ومبادرات تعمل على تعميق مفاهيم اللحمة الوطنية بحيث يكون المجتمع اليمني متفقا فكريا حول قضايا وطنه، وله أهداف موحدة يترجمها سلوك مقبول على أقل تقدير، وأرى أن من الواجب الوقوف بحزم في وجه أصحاب الرؤى الضبابية الذين يثبطون ويخذلون اليمن وأهله في فترة الأزمات بهدف التشويش على الأهداف الكبرى للقيادة اليمنية والدولة المدنية، كل هذا سيجعل الجبهة الداخلية في اليمن الشقيق متماسكة وملتحمة مع بعضها في مواجهة الأخطار والانتكاسات والمؤامرات.

أخيرا، ما هي إلا أيام وتعود جبهة الحديدة للاشتعال من جديد، فلم تعد مسرحية المفاوضات الوهمية خيارا بعد تنصل ومراوغة ميليشيات الحوثي الإيرانية، وصبر الجيش اليمني المدعوم من قوى التحالف العربي على عبث الحوثيين كان لتعريتهم أمام المجتمع الدولي، أما أداء المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث وفريق عمله فلا يزال يترك الكثير من علامات الاستفهام بسبب التواطؤ مع الحوثي وميليشياته الانقلابية، والصمت المريب على جرائم ميليشيات الحوثي الإيرانية يجعلني على يقين جازم بأن تحت الأكمة ما تحتها.

hq22222@