الرأي

الحب في زمن الفار!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
من تفضل، مارادونا أم ميسي؟

ماجد أم الثنيان؟

محمد عبده أم طلال؟

اللون الأحمر أم البنفسجي؟

القهوة الأمريكية أم العربية؟

الشاهي بالنعناع أم بالحبق أم بدون أي منهما؟

أم كلثوم أم فيروز؟

عيسى الأحسائي أم فريد الأطرش؟

المتنبي أم بندر بن سرور؟

المندي أم البخاري؟

الأغنيات الحقيقية أم الشيلات؟

البرتقال أم المشمش؟

الاتفاق أم ليفربول؟

والقائمة طويلة جدا من الأشياء التي يجوز فيها الاختلاف دون عداوة ولا تشنج ولا حاجة للصوت المرتفع، ولكن لا داعي للقلق، لأنه يوجد أمور أخرى في الحياة يمكن توفير الشتائم والسباب كوسائل للتعبير عن «حرية» الاختلاف فيها.

الذين يختلفون معك في الأمور «الذوقية» ليسوا أعداء محتملين، ولا يجتمعون سرا للتخطيط للقضاء عليك وإزاحتك من هذا الكوكب المليء بالاختيارات. أن يكون أحدهم مقتنعا أن ماردونا أفضل من ميسي فهذا رأيه الذي لم تكن «إغاظتك» سببا مباشرا في تبنيه له، وأن يكون آخر مقتنعا بأن ميسي أفضل من ماردونا ـ نسأل الله السلامة ـ فهذه أيضا وجهة نظره للأمور وقد تبناها لأنه مقتنع بها ولم يكن ضمن مخططاته حين وجد نفسه ميالا لهذا الاختيار أن يكيد لك ولذوقك ولاختياراتك.

وأظن ـ والله أعلم ـ أن سبب الميل للعدائية مع من يختلفون معنا في أمور لا تؤثر على حياتنا ولا حياتهم ولا تضرهم ولا تنفعنا هو أننا في لحظة ما ننظر إلى أنفسنا على أننا معيار الأشياء، الصواب والخطأ أمران نقيسهما حسب بعدهما وقربهما من أذواقنا.

تجد أحدهم يناضل بشدة من أجل أن يقنع آخرين بعدم أكل الضب، وآخر يتحمس لإثبات أن معدة الإنسان هي الجحر الأنسب للضب. مع أن مذاق الضب لن يتغير لأن البعض لا يحبه أو لأن الجميع اقتنع بأنه لذيذ، وأنا أستخدم هذا الحيوان شريكنا في هذه الأرض كمثال فقط، وليس بيني وبينه خلاف شخصي وأتمنى له السعادة حيا وميتا.

يناقشني أصدقائي أحيانا بشدة ويسخرون من الفرق التي أحبها، ويسألون «لماذا تشجع هذا الفريق؟ وغالبا أجيب بأني حين رغبت في تشجيع فرقهم وجدت الأرقام المخصصة قد انتهت، فكان لزاما عليّ أن أبحث عن بديل.

وأنا بدوري أحاول إقناع بعض الأصدقاء أن يتعاملوا مع «المشاعر» كما يتعاملون مع المال، لا مبرر للإسراف وتبذير مشاعر على أشياء غير مفيدة، لا تحزن ولا تفرح ولا تغضب بسبب أمور لن يضرك وجودها، ولن يفيدك زوالها. وحين تغضب وتنفعل لأن شخصا آخر يحب لاعبا لا تحبه أو فريقا لا تشجعه أو طريقا لا تود السير فيه، فإنك ببساطة تبدد مشاعرك وتصرفها في غير موضعها، تماما كما يفعل من يستخدم الأوراق النقدية لتنظيف الزجاج. وفر انفعالاتك ومشاعرك السوداء للأيام السوداء أيضا.

وعلى أي حال..

كرة القدم ملائمة دائما لاستخدامها كمثال، لأنها تشبه الحياة تقريبا في كثير من تفاصيلها، اللهم إلا أن الحياة لا يوجد فيها تقنية الـ VAR. ولا يمكن التراجع وعدم احتساب بعض الأيام من العمر. لذلك يفضل أن تعاش بأفضل طريقة ممكنة.

agrni@