أعمال

مصفاة لأرامكو في جودار.. قرار استراتيجي للتوسع شرقا

ميناء جودار الباكستاني (مكة)
أكد مختصون في الطاقة أن توجه أرامكو السعودية لإنشاء مصفاة ضخمة بميناء جودار الباكستاني على المحيط الهندي سيفتح آفاقا أوسع لسوق الطاقة السعودي باتجاه التوسع باتجاه أسواق آسيا وتخفيض تكاليف النقل والتأمين، والتقليل من آثار العوامل الجيوسياسية والتهديدات المتعلقة بالإمدادات من منطقة الخليج العربي، مشيرين إلى أن المصفاة ستغطي ما يزيد على 30% من الحاجة المحلية للطاقة في باكستان، فيما سيتم تصدير الفائض للخارج.

وقال المستشار في شؤون الطاقة مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا الدكتور فيصل مرزا إن توقيع المملكة مذكرة تفاهم لبناء مصفاة تكرير في ميناء جوادر جنوب غرب باكستان قرار استراتيجي للغاية، حيث إن الموقع خارج مضيق هرمز وملامس لطرق الملاحة البحرية لأكبر الإمدادات النفطية في العالم القادمة من الخليج العربي، وقريب من الأسواق الرئيسة للمنتجات البترولية في آسيا.

ازدياد مطرد في الطلب

وأضاف مرزا أن اعتماد باكستان على النفط ومشتقاته ينمو بشكل كبير جدا، حيث تستورد باكستان كميات كبيرة من النفط ومنتجاته. وعلى الرغم من تحرك باكستان إلى اقتصاد الطاقة القائم على الغاز أخيرا في قطاع الكهرباء، ونمو واردات الغاز الطبيعي المسال لمحطات الكهرباء، إلا أن استهلاك باكستان من وقود المواصلات في ازدياد مطرد بسبب الزيادة في الطلب مع تزايد عدد الدراجات النارية والسيارات والشاحنات ووقود الطائرات.

فرص لتصدير الفائض

وأشار مرزا إلى أن باكستان يفوق تعداد سكانها 200 مليون نسمة، كما أن قطاعي النقل والطاقة هما القطاعان الرئيسان لاستهلاك النفط، حيث يبلغ استهلاك باكستان من النفط حوالي 600 ألف برميل يوميا، بينما مصافي التكرير الست الحالية في باكستان لا يتجاوز إنتاجها 390 ألف برميل يوميا، وبناء مصفاة جديدة بطاقة تكريرية تتراوح ما بين 200 و300 ألف برميل يوميا سوف يسد هذا العجز في الطلب على المشتقات البترولية، بل وقد يتم تصدير الفائض للسوق الآسيوي نظرا لموقع المصفاة الاستراتيجي، ولذلك قد لا يكون فقط لتزويد باكستان بالمنتجات المكررة، لذلك سيكون استثمارا استراتيجيا متعدد الأبعاد.

نظرة مستقبلية

وذكر أستاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، المهتم بالشأن النفطي الدكتور خالد بن علي، أن توجه أرامكو لإنشاء أكبر مصفاة في ميناء جودار الباكستاني بقيمة 10 مليارات دولار يأتي ضمن استراتيجية الشركة للتوسع باتجاه أسواق آسيا، نظرا للتوسع الكبير في تلك الأسواق العالمية، مشيرا إلى التوجه التوسعي لأرامكو لاختيار باكستان باعتبارها من الاقتصادات الناشئة، وكذلك الأمر بالنسبة للهند والفلبين وماليزيا وإندونيسيا، مؤكدا أن تلك البلدان من الأسواق الواعدة للمملكة في المستقبل، لافتا إلى أن المملكة تبحث عن الزبائن، وهذه البلدان تمتاز بالكثافة السكانية، مما ينعكس إيجابيا على التوسع الاقتصادي المستقبلي.

انفتاح أكبر على آسيا

ولفت إلى أن النمو الاقتصادي هناك أعلى من النمو الاقتصادي في القارة الأوروبية، لافتا إلى أن الاقتصادات الأوروبية تشهد حالة من التشبع، بخلاف الاقتصاد في آسيا التي يمتاز بكونه من الاقتصادات النامية، مبينا أن تلك الاقتصادات تشهد نموا مستمرا، مما يدلل على توجه الصين للاستثمار في تلك البلدان، مؤكدا أن العائد الاقتصادي لإنشاء مصافي التكرير مجز للغاية، مما يحفز على التوسع الأفقي من خلال التوجه مباشرة للزبائن وكذلك مصادر الإنتاج، لافتا إلى أن استحواذ أرامكو على «سابك» يزيد من قوتها والتوسع.

الدخول لصناعة التكرير

من جانبه أفاد المختص في الطاقة، الدكتور تيسير الخنيزي بأن توجه أرامكو لإنشاء المصفاة في ميناء جودار الباكستاني يأتي تعزيزا للتوجه لتعظيم القيمة المضافة للذهب الأسود، لافتا إلى أن أرامكو تعمل ضمن استراتيجية للدخول في صناعة التكرير وعدم الاعتماد على تصدير النفط الخام، مضيفا أن باكستان من الأسواق الكبيرة في آسيا، حيث يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة، وبالتالي فإن إنشاء مصفاة في باكستان يسهم في ضمان حصة من السوق هناك، موضحا أن الاستثمار في المصفاة يقلل من المصاريف فيما يتعلق بعملية تصدير المشتقات النفطية، مما يخفض التكلفة على أرامكو، مبينا أن المصفاة الجديدة ستعظم من إيرادات أرامكو في السنوات المقبلة، مؤكدا أن أرامكو تعمل وفق توجه استراتيجي صائب.

آفاق أوسع لسوق الطاقة

وأكد الأمين العام للجمعية السعودية للطاقة المتجددة المهندس عبدالله السبيعي أن إنشاء مصفاة لأرامكو على المحيط الهندي سيفتح آفاقا أوسع لسوق الطاقة السعودي، خاصة في ظل موقع المصفاة على ما يعرف بطريق الحرير القريب من حقول النفط السعودية، كما سيؤمن بدائل مهمة في أوقات الأزمات، ويقلل من تكاليف النقل والتأمين الكبيرة، لافتا إلى أن المصفاة يمكن أن تؤمن ما يزيد على 30 % من حاجة السوق الباكستانية للطاقة، ويمكن تصدير الفائض إلى دول أخرى مثل ماليزيا وإندونيسيا وغيرهما، حيث تقع المصفاة في البحار المفتوحة.