ثرثرة القدم!
سنابل موقوتة
الأربعاء / 1 / جمادى الآخرة / 1440 هـ - 19:30 - الأربعاء 6 فبراير 2019 19:30
كرة القدم في السعودية ليست أكثر من فعالية مصاحبة تقام على هامش البرامج التلفزيونية والظهور الإعلامي لأشخاص لا يفقهون في اللعبة شيئا والتصريحات والبيانات والقرارات والقـرارات المضادة. فيما عدا ذلك فلا شيء يستحق الذكر.
ولو أقام الاتحاد الدولي أو الآسيوي لكرة القدم بطولات للإعلاميين، كأس آسيا للثرثرة مثلا، أو كأس العالم للتطبيل الفارغ، فلا أظن أن البطولتين ستفلتان من بين أيدينا. وسنعود إلى تسيد هذه القارة من جديد حتى ولو من الباب الخلفي، المهم أن نعود إلى الواجهة.
وجعل «كرة القدم» أمرا ثانويا في عالم كرة القدم قد يبدو أمرا غريبا، لكن ذلك ليس سوى حيلة لا أنكر أنها لا تخلو من منطق، فلعبة كرة القدم هي أولا «لعبة»، ثم إنها تعتمد على الجمهور لتستمر وتتحول إلى ترفيه مربح.
وكثرة «البربرة» تتناسب عكسيا مع ارتفاع مستوى اللعبة في أي مكان في العالم، فانخفاض المستوى وقلة المواهب والنتائج المخجلة تزيد فرص الكائنات المتطفلة على اللعبة لتكون في الصورة وتأخذ حيزا أكبر ومساحة أوسع، وحين تحضر كرة القدم الحقيقية والعمل المدروس ـ دراسة حقيقية ـ يصبح وجود هؤلاء عبثيا ولا قيمة لوجودهم.
المشكلة ـ التي لا أفهمها بالمناسبة ـ هي أنه يبدو واضحا وجليا حتى لمن لا علاقة له بالأمر أن هذه الإثارة مفتعلة ورديئة الحبك والإخراج، لكنها مع ذلك تنجح وتجد إقبالا ومتابعة أكثر مما تحظى به مباريات كرة القدم نفسها. وهذا من غرائب الزمان التي لا تنقضي.
ويقال بأن الحديث عن الأدب باب من أبواب الأدب، والحديث عن الفلسفة فلسفة، وربما فهم البعض بأن الحديث عن كرة القدم كرة قدم أيضا، ولذلك أصبح الجمهور يشتم أكثر مما يستمتع، واللاعبون يصرحون أكثر مما يلعبون، والإداريون يستظرفون أكثر مما يخططون، وكلهم يعتقدون أن هذه هي كرة القدم.
وهذا أمر يبدو واضحا في كرة القدم، لأنها محبوبة ومتابعة من كل الفئات والأعمار، ولكن الحديث عن الأشياء بدلا من عملها يبدو أمرا شائعا في كثير من الجهات والمشاريع. فالحديث عن المنجز أكبر من المنجز نفسه، والحديث عن المشروع أضخم من المشروع.
وعلى أي حال..
خير الكلام وأنفعه للجيب ما كثر وقلت فائدته للعقل، و«البربرة» تتحول في بعض الأحيان إلى مشروعات في حد ذاتها ومصدر رزق لكثير من الخلق، فسبحان الله الواهب الرزاق، عليه توكلت وإليه أنيب. وأعترف أني حقود ينهش الحسد فؤادي، لا أعترض على سلوك هؤلاء، لكني فقط مستاء من أن الفرصة لم تتح لي لتكون ثرثرتي هي باب الثراء المنتظر.
agrni@
ولو أقام الاتحاد الدولي أو الآسيوي لكرة القدم بطولات للإعلاميين، كأس آسيا للثرثرة مثلا، أو كأس العالم للتطبيل الفارغ، فلا أظن أن البطولتين ستفلتان من بين أيدينا. وسنعود إلى تسيد هذه القارة من جديد حتى ولو من الباب الخلفي، المهم أن نعود إلى الواجهة.
وجعل «كرة القدم» أمرا ثانويا في عالم كرة القدم قد يبدو أمرا غريبا، لكن ذلك ليس سوى حيلة لا أنكر أنها لا تخلو من منطق، فلعبة كرة القدم هي أولا «لعبة»، ثم إنها تعتمد على الجمهور لتستمر وتتحول إلى ترفيه مربح.
وكثرة «البربرة» تتناسب عكسيا مع ارتفاع مستوى اللعبة في أي مكان في العالم، فانخفاض المستوى وقلة المواهب والنتائج المخجلة تزيد فرص الكائنات المتطفلة على اللعبة لتكون في الصورة وتأخذ حيزا أكبر ومساحة أوسع، وحين تحضر كرة القدم الحقيقية والعمل المدروس ـ دراسة حقيقية ـ يصبح وجود هؤلاء عبثيا ولا قيمة لوجودهم.
المشكلة ـ التي لا أفهمها بالمناسبة ـ هي أنه يبدو واضحا وجليا حتى لمن لا علاقة له بالأمر أن هذه الإثارة مفتعلة ورديئة الحبك والإخراج، لكنها مع ذلك تنجح وتجد إقبالا ومتابعة أكثر مما تحظى به مباريات كرة القدم نفسها. وهذا من غرائب الزمان التي لا تنقضي.
ويقال بأن الحديث عن الأدب باب من أبواب الأدب، والحديث عن الفلسفة فلسفة، وربما فهم البعض بأن الحديث عن كرة القدم كرة قدم أيضا، ولذلك أصبح الجمهور يشتم أكثر مما يستمتع، واللاعبون يصرحون أكثر مما يلعبون، والإداريون يستظرفون أكثر مما يخططون، وكلهم يعتقدون أن هذه هي كرة القدم.
وهذا أمر يبدو واضحا في كرة القدم، لأنها محبوبة ومتابعة من كل الفئات والأعمار، ولكن الحديث عن الأشياء بدلا من عملها يبدو أمرا شائعا في كثير من الجهات والمشاريع. فالحديث عن المنجز أكبر من المنجز نفسه، والحديث عن المشروع أضخم من المشروع.
وعلى أي حال..
خير الكلام وأنفعه للجيب ما كثر وقلت فائدته للعقل، و«البربرة» تتحول في بعض الأحيان إلى مشروعات في حد ذاتها ومصدر رزق لكثير من الخلق، فسبحان الله الواهب الرزاق، عليه توكلت وإليه أنيب. وأعترف أني حقود ينهش الحسد فؤادي، لا أعترض على سلوك هؤلاء، لكني فقط مستاء من أن الفرصة لم تتح لي لتكون ثرثرتي هي باب الثراء المنتظر.
agrni@