أبحث عن حرب مستخدمة معتدلة الحرارة..!
سنابل موقوتة
الاحد / 28 / جمادى الأولى / 1440 هـ - 20:30 - الاحد 3 فبراير 2019 20:30
أمريكا ـ أم العالم ـ تصرح بنيتها في الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، وهي اتفاقية وقعت في آخر ثمانينات القرن الماضي بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، يلتزمان بموجبها بالقضاء على صواريخهما متوسطة المدى. وقد أعلنت روسيا من جانبها أنها أيضا ستعلق العمل بهذه الاتفاقية.
والحقيقة أيها الناس أني كنت أتمنى أن أكون خبيرا استراتيجيا حتى أفيدكم بما وراء الأخبار، وكيف ستؤثر هذه التطورات في حياتكم وتجعلكم بؤساء.
لكني لم أبدأ بعد في العمل في هذه الوظيفة، ولذلك فإني سأتحدث عن الخبر كواحد من البشر القلائل الذين لم يصبحوا خبراء عسكريين ومحللين استراتيجيين بعد.
يقول المحظوظون الذين أصبحوا خبراء بأن هذه التطورات تعني العودة إلى الحرب الباردة، وإلى سباق التسلح بين القطبين الكبيرين ـ أم العالم وضرتها ـ وحين تكون مخلوقا فضائيا قادما من كوكب يسبح بعيدا خارج المجموعة الشمسية وتأتي إلى الأرض للمرة الأولى هذه الأيام للسياحة والترفيه وتسمع مثل هذه الأخبار فإنك تتصور بأن الحياة على كوكبنا بعد نهاية الحرب الباردة كانت خالية من القتل وصناعة السلاح. وقد تشفق علينا وتدعو الله بأن «لا يغير علينا».
لن تعلم لو كنت مخلوقا بعين واحدة في وسط رأسه يزور الأرض للمرة الأولى بأن أعداد القتلى منذ توقيع هذه الاتفاقية أكثر من الذين قتلوا قبل توقيعها. وأن الحروب لم تتوقف وأن مصانع الأسلحة شهدت في هذه الفترة قفزات كمية ونوعية في صناعة أدوات الموت والتخريب والتدمير.
وأن الذي تغير هو «سياسة التوزيع» فلم تعد الحروب الكبرى مجدية اقتصاديا، فتم اللجوء إلى الحروب الصغيرة وإلى ازدهار سوق وسطاء «التجزئة» الذين يقاتلون بالنيابة عن الآخرين. أما الضحايا فلا زالوا يموتون وتقتلهم الحروب ويشردهم السلاح كما كان يفعل في كل زمان ومكان.
السباق لم يتوقف وعدد المنضمين للنادي النووي يتزايد، ولو استمر على هذه الوتيرة فربما يأتي يوم تستخدم فيه القنابل النووية والهيدروجينية للتعبير عن الفرح والابتهاج، وقد تشاهد طالبا يتجول بصاروخ يحمل رؤوسا نووية في فناء مدرسته. البشر مصممون أكثر من أي وقت مضى على الوصول إلى نهاية المطاف وإشعال كوكب الأرض بما فيه ابتهاجا بانتهاء حقبة الوجود البشري المؤذية.
وعلى أي حال..
لا تقلق أيها الإنسان الذي يعمل في هذا الكوكب بوظيفة «ضحية»، أنت لن تؤثر في الاتفاقية ولن يتغير عليك شيء، فلا تشغل نفسك بالوسيلة التي ستؤدي إلى هلاكك، حين تأتي لحظة المغادرة فستغادر كما فعل من سبقك، ولن تكون مهتما حين تصل إلى «المرحلة التالية» بالطريقة التي أوصلتك إليها. صدقني لن يكون هناك فرق، سواء وصلت إليها عن طريق الموت جوعا أو عن طريق الذوبان نتيجة هجوم نووي. في تلك المرحلة التي تلي مرحلة الحياة لن يكون هناك فصل عنصري بين ضحايا الحروب بناء على درجة حرارة الحرب التي قتلوا فيها.
agrni@
والحقيقة أيها الناس أني كنت أتمنى أن أكون خبيرا استراتيجيا حتى أفيدكم بما وراء الأخبار، وكيف ستؤثر هذه التطورات في حياتكم وتجعلكم بؤساء.
لكني لم أبدأ بعد في العمل في هذه الوظيفة، ولذلك فإني سأتحدث عن الخبر كواحد من البشر القلائل الذين لم يصبحوا خبراء عسكريين ومحللين استراتيجيين بعد.
يقول المحظوظون الذين أصبحوا خبراء بأن هذه التطورات تعني العودة إلى الحرب الباردة، وإلى سباق التسلح بين القطبين الكبيرين ـ أم العالم وضرتها ـ وحين تكون مخلوقا فضائيا قادما من كوكب يسبح بعيدا خارج المجموعة الشمسية وتأتي إلى الأرض للمرة الأولى هذه الأيام للسياحة والترفيه وتسمع مثل هذه الأخبار فإنك تتصور بأن الحياة على كوكبنا بعد نهاية الحرب الباردة كانت خالية من القتل وصناعة السلاح. وقد تشفق علينا وتدعو الله بأن «لا يغير علينا».
لن تعلم لو كنت مخلوقا بعين واحدة في وسط رأسه يزور الأرض للمرة الأولى بأن أعداد القتلى منذ توقيع هذه الاتفاقية أكثر من الذين قتلوا قبل توقيعها. وأن الحروب لم تتوقف وأن مصانع الأسلحة شهدت في هذه الفترة قفزات كمية ونوعية في صناعة أدوات الموت والتخريب والتدمير.
وأن الذي تغير هو «سياسة التوزيع» فلم تعد الحروب الكبرى مجدية اقتصاديا، فتم اللجوء إلى الحروب الصغيرة وإلى ازدهار سوق وسطاء «التجزئة» الذين يقاتلون بالنيابة عن الآخرين. أما الضحايا فلا زالوا يموتون وتقتلهم الحروب ويشردهم السلاح كما كان يفعل في كل زمان ومكان.
السباق لم يتوقف وعدد المنضمين للنادي النووي يتزايد، ولو استمر على هذه الوتيرة فربما يأتي يوم تستخدم فيه القنابل النووية والهيدروجينية للتعبير عن الفرح والابتهاج، وقد تشاهد طالبا يتجول بصاروخ يحمل رؤوسا نووية في فناء مدرسته. البشر مصممون أكثر من أي وقت مضى على الوصول إلى نهاية المطاف وإشعال كوكب الأرض بما فيه ابتهاجا بانتهاء حقبة الوجود البشري المؤذية.
وعلى أي حال..
لا تقلق أيها الإنسان الذي يعمل في هذا الكوكب بوظيفة «ضحية»، أنت لن تؤثر في الاتفاقية ولن يتغير عليك شيء، فلا تشغل نفسك بالوسيلة التي ستؤدي إلى هلاكك، حين تأتي لحظة المغادرة فستغادر كما فعل من سبقك، ولن تكون مهتما حين تصل إلى «المرحلة التالية» بالطريقة التي أوصلتك إليها. صدقني لن يكون هناك فرق، سواء وصلت إليها عن طريق الموت جوعا أو عن طريق الذوبان نتيجة هجوم نووي. في تلك المرحلة التي تلي مرحلة الحياة لن يكون هناك فصل عنصري بين ضحايا الحروب بناء على درجة حرارة الحرب التي قتلوا فيها.
agrni@