الرأي

دور البنوك الغائب في هذه المجالات!

علي صالح الخبتي
لنبدأ بالسؤال المهم: كم مدرسة متميزة وكم جامعة متميزة وكم مستشفى متميزا وكم مركز تدريب أسستها البنوك؟ الإجابة بلا شك لديكم. تحمل لنا الصحف المحلية تقارير ربع سنوية وتقارير سنوية عن الأرباح الهائلة التي تحققها البنوك من أبناء هذا الوطن الذين يودعون أموالهم فيها، والذين يجرون عمليات مالية معها تتمثل في القروض والتمويل وغيره، والذي نتجت عنه تلك الأرباح الكبيرة من المليارات، في إشارة واضحة إلى الأوضاع المالية الجيدة لهذه البنوك. وتتكرر الأرباح السنوية لهذه البنوك في ظل غياب عن المشاركة المجتمعية في مشروعات تعود على المجتمع بالنفع والفائدة. مجتمعنا يحتاج إلى مزيد من المدارس المتميزة والجامعات ومراكز التدريب المتنوعة والمستشفيات المتميزة التي تسهم في تطوير وطننا وتقدمه.

لا نرى في أي مدينة مدرسة متميزة أسسها بنك ولا جامعة ولا مستشفى. البنوك بالملاءة المالية التي تملكها وبالأرباح الطائلة التي تحققها تستطيع الإسهام بفاعلية في هذا الجانب. لتتذكر البنوك أن الأرباح التي تحققها هي من المجتمع التي تتواجد فيه، ولتتذكر أن من حق هذا المجتمع وهذا الوطن عليها أن تسهم بوضع لبنات في بنائه وتطويره. إننا نستغرب أشد الاستغراب عدم مساهمة البنوك في هذا الجانب. هي تعرف تماما حقها على المواطن عندما يقترض أو يرغب في تمويل مشروع، وكيف تبرم معه العقود الدقيقة التي تضمن أموالها، وهذا حق لها، لكن الذي ليس حقا لها هو أنها لا تعرف حق المواطن والمجتمع والوطن عليها.

البنوك لا شك مؤسسات اقتصادية تحرص أن تكون على درجة كبيرة من القوة والمتانة لأنها جزء من اقتصاد الوطن. ونحن فخورون بقوتها ومتانة أوضاعها، لكننا نعتب عليها، بل نلومها في غيابها عن المساهمة في الخدمة المجتمعية بالمستوى الذي يتناسب مع حجم الأرباح التي تحققها. ولتتذكر البنوك أمرا مهما للغاية، وهو أن التأهيل العالي للمواطن والصحة الجيدة له يعودان عليها هي بالنفع، فكلما ارتقى مستوى المواطن تعليما وتأهيلا ضمن الحصول على الوظيفة وأصبح له دخل وانعكس ذلك إيجابيا على اقتصاد الوطن الذي تمثل البنوك إحدى ركائزه الأساسية، وهذه حقيقة اقتصادية البنوك أكثر فهما لها.

وخلاصة القول لا بد للبنوك أن تخصص جزءا من دخلها للمساهمة المجتمعية المتمثلة تحديدا في تأسيس كيانات تعليمية وصحية تتمثل في مدارس وجامعات ومراكز تدريب ومستشفيات تساهم في حل مشكلات المجتمع وتقدم الوطن. وإن عدم مساهمة البنوك في الأمر يعتبر تقصيرا كبيرا من جانبها، وأرى أنه إذا استمرت البنوك في عدم التفاعل مع المجتمع وعدم المساهمة الفاعلة مع ما يتناسب مع دخلها الذي يشكل المواطن إحدى ركائزه الأساسية، أرى أن تتدخل الدولة وتناقش مع البنوك مثل هذه المساهمات. إننا نعلم جميعا وتعلم البنوك نفسها أنها مقصرة في هذا الجانب وهذا التقصير أرى أنه يجب ألا يستمر. الملاءة المالية التي تتمتع بها البنوك كفيلة بأن تجعل مساهماتها فاعلة وتحدث فرقا في المجتمع.

المجتمع له حق كبير على البنوك التي تستفيد منه وتكون دخلها منه وتضمن استمراره، المجتمع الذي توجد فيه البنوك تستفيد منه البنوك وهو لا يستفيد منها، ويجب أن تعيد البنوك النظر في هذا الأمر وتشرع في المساهمة في ارتقائه بمشروعات تعليمية وصحية يشار إليها بالبنان. فهل تفعل؟!