ابتسموا قبل موعد الإقلاع..!
سنابل موقوتة
الخميس / 18 / جمادى الأولى / 1440 هـ - 20:15 - الخميس 24 يناير 2019 20:15
لو قيل لنا إن لصا اقتحم منزلا عنوة أثناء وقت قيلولة صاحب المنزل، ثم هدده بسلاح وقتل بعض أهله وسرق ماله واستولى على مقتنياته، لما وجدنا أي صعوبة في تصديق هذه القصة، فهي متوقعة وهكذا يفعل اللصوص منذ أن اكتشف الإنسان أن السرقة أحد الطرق للحصول على الأشياء.
لكن لو قيل لنا إن هذا اللص ذهب في اليوم التالي إلى المحكمة ليرفع قضية على صاحب المنزل يطالبه فيها بدفع أجرته، لأنه بذل جهدا في السرقة يستحق عليه الأجر مضاعفا، فإننا سنعتبر القصة برمتها مجرد «سوالف استراحة» ورسائل واتس اب.
لم يصل اللصوص في أي مرحلة من مراحل تاريخ اللصوصية إلى هذه الدرجة من الوقاحة، بل ربما أن اللصوص أنفسهم يعتقدون أن هذه المرحلة من الوقاحة لا تليق حتى بعالم الإجرام والمجرمين.
لكن الحقيقة أن هذا يحدث بالفعل، فكاليان الصهيوني ـ وهو أيقونة اللصوصية والإجرام في هذا الكوكب البائس ـ يعتزم المطالبة بتعويضات تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تدفعها بعض الدول العربية وغير العربية التي هاجر منها اليهود إلى الأرض المحتلة بحجة أن هؤلاء تركوا خلفهم أملاكا صادرتها تلك الدول.
هذا ليس نصا ساخرا أو مشهدا عابرا في فيلم خيال علمي كوميدي، ولكنه حقيقة كوميدية في واقع بغيض. وهذا يعزز فكرة أن الكتابة الساخرة في هذا العصر لم تعد أمرا صعبا، الحقيقة مجردة تعتبر نصا ساخرا مضحكا مبكيا.
أما النص الأكثر سخرية هو أن العالم سيتقبل هذه المطالبات وينظر إليها بجدية، وستناقش في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية كما تناقش أي قضية «منطقية»، وسيستعملها الصهاينة كورقة في مفاوضاتهم.
لكن المشهد الرئيسي الذي سيجعل هذا الفيلم الكوميدي يخطف الأوسكار هو تلك اللحظة التي يوافق العرب فيها فعلا على دفع تلك التعويضات، سيكون «المانشيت» الذي يحمل هذا الخبر هو أفضل نص ساخر كتبه الإنسان منذ اختراع الكتابة كوسيلة للتعبير. وستكون مشاهد توقيع تلك الاتفاقيات هي أعظم مشاهد الكوميديا السوداء منذ ابتداع فكرة «التمثيل» والعروض الفنية.
وعلى أي حال..
لست قلقا، ربما لأني أتعامل مع كل الأحداث والأخبار والأشياء من حولي كما أتعامل مع الأشياء التي تمر أمامي مصادفة في محطات السفر التي أكون موجودا فيها بشكل مؤقت، أنتظر رحلتي ثم أغادر، وسأنسى الوجوه التي رأيتها ولن يتذكرني أحد في المطار، لا يهمني نوع السيراميك الذي استخدموه في ممرات صالة المغادرة ولا عدد ألواح الرخام، ولا اسم الذي يقف أماما في الطابور ولا المشاكل التي يواجهها بائع القهوة مع زوجته حين يعود إلى منزله، لا يهمني من الأساس أن يكون له زوجة أو منزل. المطار محطة عبور، وغاية البؤس أن يكون المطار غاية.
agrni@
لكن لو قيل لنا إن هذا اللص ذهب في اليوم التالي إلى المحكمة ليرفع قضية على صاحب المنزل يطالبه فيها بدفع أجرته، لأنه بذل جهدا في السرقة يستحق عليه الأجر مضاعفا، فإننا سنعتبر القصة برمتها مجرد «سوالف استراحة» ورسائل واتس اب.
لم يصل اللصوص في أي مرحلة من مراحل تاريخ اللصوصية إلى هذه الدرجة من الوقاحة، بل ربما أن اللصوص أنفسهم يعتقدون أن هذه المرحلة من الوقاحة لا تليق حتى بعالم الإجرام والمجرمين.
لكن الحقيقة أن هذا يحدث بالفعل، فكاليان الصهيوني ـ وهو أيقونة اللصوصية والإجرام في هذا الكوكب البائس ـ يعتزم المطالبة بتعويضات تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تدفعها بعض الدول العربية وغير العربية التي هاجر منها اليهود إلى الأرض المحتلة بحجة أن هؤلاء تركوا خلفهم أملاكا صادرتها تلك الدول.
هذا ليس نصا ساخرا أو مشهدا عابرا في فيلم خيال علمي كوميدي، ولكنه حقيقة كوميدية في واقع بغيض. وهذا يعزز فكرة أن الكتابة الساخرة في هذا العصر لم تعد أمرا صعبا، الحقيقة مجردة تعتبر نصا ساخرا مضحكا مبكيا.
أما النص الأكثر سخرية هو أن العالم سيتقبل هذه المطالبات وينظر إليها بجدية، وستناقش في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية كما تناقش أي قضية «منطقية»، وسيستعملها الصهاينة كورقة في مفاوضاتهم.
لكن المشهد الرئيسي الذي سيجعل هذا الفيلم الكوميدي يخطف الأوسكار هو تلك اللحظة التي يوافق العرب فيها فعلا على دفع تلك التعويضات، سيكون «المانشيت» الذي يحمل هذا الخبر هو أفضل نص ساخر كتبه الإنسان منذ اختراع الكتابة كوسيلة للتعبير. وستكون مشاهد توقيع تلك الاتفاقيات هي أعظم مشاهد الكوميديا السوداء منذ ابتداع فكرة «التمثيل» والعروض الفنية.
وعلى أي حال..
لست قلقا، ربما لأني أتعامل مع كل الأحداث والأخبار والأشياء من حولي كما أتعامل مع الأشياء التي تمر أمامي مصادفة في محطات السفر التي أكون موجودا فيها بشكل مؤقت، أنتظر رحلتي ثم أغادر، وسأنسى الوجوه التي رأيتها ولن يتذكرني أحد في المطار، لا يهمني نوع السيراميك الذي استخدموه في ممرات صالة المغادرة ولا عدد ألواح الرخام، ولا اسم الذي يقف أماما في الطابور ولا المشاكل التي يواجهها بائع القهوة مع زوجته حين يعود إلى منزله، لا يهمني من الأساس أن يكون له زوجة أو منزل. المطار محطة عبور، وغاية البؤس أن يكون المطار غاية.
agrni@