الشاتمة المستأجرة..!
الاحد / 14 / جمادى الأولى / 1440 هـ - 20:00 - الاحد 20 يناير 2019 20:00
في الحقيقة أني ـ غالبا ـ لا أحب أن أشتم أحدا، وفي ذات الوقت فإني ـ دائما ـ لا أحب أن يشتمني أحد. وعند الدخول في حوار أو جدال أو مناظرة أو أي شيء من هذا القبيل ثم تجد أن حججك قد انتهت وأن الطرف الآخر محق فيما يقول فإنك أمام ثلاثة خيارات لا رابع لها، الأول أن تذعن للحق لأنه من المفترض أن هذا ما كنت تبحث عنه من الأساس. والثاني هو أن تلتزم الصمت. وهذان الطريقان لا يتمتعان بشعبية كبيرة عند الذين تتهاوى حججهم سريعا، ويختارون غالبا سلك الطريق الثالث وهو الشتائم والتعرض لشخص المحاور والابتعاد عن الموضوع.
والانطباع الذي يتولد لدى المتابع «العاقل» حين يجد شخصا يكيل الشتائم لمخالفيه هو أنه بلا حجة، أو أنه يدافع في الأساس عن رأي هو غير مقتنع به، والشتائم لا تتطلب إلماما بالموضوع ولا فهما له. كل ما يلزم هو استعارة كلمات موجودة في القاموس وترتيبها في جمل مفيدة أو حتى غير مفيدة. وبإمكانك تجربة هذه الفكرة الخلاقة في أي خلاف. خذ مثلا هذه الكلمات (غبي، جاهل، حيوان، قذر، منحط، حمار، لص، عميل، واطي، خائن)، ضع هذه الكلمات أو بعضها في جملة وسيتولد لديك إحساس بأنك ألجمت خصمك وأفحمته ودمرت حججه وجعلتها هباء منثورا، بغض النظر عن الموضوع الذي تتحدثون عنه، سواء كان نتيجة مباراة في كرة القدم أو حديثا عن شكل الأرض ـ المسطح بالطبع ـ أو كان حديثا سياسيا أو اجتماعيا أو حتى خلافا على «قطة الاستراحة». المجهود الإبداعي الذي تحتاجه هو فقط في اختيار الكلمات المناسبة، فلا يبدو منطقيا اختيار كلمة مثل «عميل أو لص» أثناء إفحامك لشخص يحدثك عن النظرية النسبية.
وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن نظرياتي المحترمة أعلاه في علم الشتائم الواسع، فإني أجد أحيانا بعض المنطق للذين يميلون لاستخدام الشتائم أثناء حواراتهم حين يتعلق الأمر بشيء يخصهم ويمس ذواتهم.
على سبيل المثال في الأزمة الخليجية الحالية فإني أجد أنه أمر مقبول ـ على مضض ـ أن يتبادل الخليجيون الشتائم فيما بينهم، وحين يشتمني «قطري» على سبيل المثال لأني أمتدح موقفا سعوديا فإني أتفهم الأمر، لأنه يدافع عن بلده ويعتقد أن هذه الطريقة هي أفضل ما يمكن أن يقوم به.
الذي لا أتقبله وأجده عصيا على الفهم هو التغير في مهنة «النائحة المستأجرة» التي كانت تبكي بالنيابة عن الآخرين في مصائبهم، ولكنها اليوم بعد تعديل مهامها الوظيفية أصبحت تشتم بالنيابة عن الآخرين في خلافاتهم.
وأنتم دون شك تعرفون رموزا وأعلاما يشار إليهم بالبنان ـ الأوسط غالبا ـ في هذه المهنة المستحدثة أو المعدلة. فيصل والشنقيطي وريان وبقية الجوقة، وأظن الطرف الآخر أيضا لديه بعض الأسماء الواعدة لكنها ليست في موهبة هؤلاء الرواد في تقمص الأدوار والنزول إلى الدرك الأسفل من الوضاعة.
وعلى أي حال..
وكما ترون فقد مارست بدوري شتم الآخرين، وهذا باب لم أتطرق إليه في نظرياتي عن علم الشتائم، وهو أن الشتيمة أحيانا تكون السبيل الوحيد حين لا تجد أمامك رأيا لترد عليه.
agrni@
والانطباع الذي يتولد لدى المتابع «العاقل» حين يجد شخصا يكيل الشتائم لمخالفيه هو أنه بلا حجة، أو أنه يدافع في الأساس عن رأي هو غير مقتنع به، والشتائم لا تتطلب إلماما بالموضوع ولا فهما له. كل ما يلزم هو استعارة كلمات موجودة في القاموس وترتيبها في جمل مفيدة أو حتى غير مفيدة. وبإمكانك تجربة هذه الفكرة الخلاقة في أي خلاف. خذ مثلا هذه الكلمات (غبي، جاهل، حيوان، قذر، منحط، حمار، لص، عميل، واطي، خائن)، ضع هذه الكلمات أو بعضها في جملة وسيتولد لديك إحساس بأنك ألجمت خصمك وأفحمته ودمرت حججه وجعلتها هباء منثورا، بغض النظر عن الموضوع الذي تتحدثون عنه، سواء كان نتيجة مباراة في كرة القدم أو حديثا عن شكل الأرض ـ المسطح بالطبع ـ أو كان حديثا سياسيا أو اجتماعيا أو حتى خلافا على «قطة الاستراحة». المجهود الإبداعي الذي تحتاجه هو فقط في اختيار الكلمات المناسبة، فلا يبدو منطقيا اختيار كلمة مثل «عميل أو لص» أثناء إفحامك لشخص يحدثك عن النظرية النسبية.
وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن نظرياتي المحترمة أعلاه في علم الشتائم الواسع، فإني أجد أحيانا بعض المنطق للذين يميلون لاستخدام الشتائم أثناء حواراتهم حين يتعلق الأمر بشيء يخصهم ويمس ذواتهم.
على سبيل المثال في الأزمة الخليجية الحالية فإني أجد أنه أمر مقبول ـ على مضض ـ أن يتبادل الخليجيون الشتائم فيما بينهم، وحين يشتمني «قطري» على سبيل المثال لأني أمتدح موقفا سعوديا فإني أتفهم الأمر، لأنه يدافع عن بلده ويعتقد أن هذه الطريقة هي أفضل ما يمكن أن يقوم به.
الذي لا أتقبله وأجده عصيا على الفهم هو التغير في مهنة «النائحة المستأجرة» التي كانت تبكي بالنيابة عن الآخرين في مصائبهم، ولكنها اليوم بعد تعديل مهامها الوظيفية أصبحت تشتم بالنيابة عن الآخرين في خلافاتهم.
وأنتم دون شك تعرفون رموزا وأعلاما يشار إليهم بالبنان ـ الأوسط غالبا ـ في هذه المهنة المستحدثة أو المعدلة. فيصل والشنقيطي وريان وبقية الجوقة، وأظن الطرف الآخر أيضا لديه بعض الأسماء الواعدة لكنها ليست في موهبة هؤلاء الرواد في تقمص الأدوار والنزول إلى الدرك الأسفل من الوضاعة.
وعلى أي حال..
وكما ترون فقد مارست بدوري شتم الآخرين، وهذا باب لم أتطرق إليه في نظرياتي عن علم الشتائم، وهو أن الشتيمة أحيانا تكون السبيل الوحيد حين لا تجد أمامك رأيا لترد عليه.
agrni@