الرأي

عقل المخبول مصدر قوته..!

عبدالله المزهر
بعد أن تم توقيع الاتفاق بين الأطراف اليمنية في السويد قبل أسابيع، قلت إني لست متفائلا بهذا الاتفاق، لأن عصابة فتى الكهوف لو التزمت بأي عهد أو ميثاق فإن هذا يعني ببساطة أنها غيرت مبدأها الذي نشأت عليه. هم موجودون فقط لأنه لا خلاق لهم ولا عهد ولا ذمة. وأي تغيير في صفاتهم هذه يجعلهم شيئا آخر لا علاقة له بما يقومون به في اليمن منذ زراعتهم فيه كنبتة خبيثة أصلها فاسد وفرعها في طهران.

وغبي أحمق ممعن في الحمق والتناحة وربما «العبط» من يعتقد أن هدوء اليمن واستقراره مطمع أو هدف لهذه العصابة، لأن استقرار اليمن يعني تلقائيا فساد المشروع الذي أوجدها.

لم تترك مكانا في اليمن لم تقلع فيه شجرة وتزرع مكانها لغما، وهذا يشرح بوضوح الطريقة التي تفكر بها تلك العصابة، لأن المنطق يقول ببساطة إنهم يمنيون، وإن هذه الحرب ستنتهي يوما ما، وليس من الحكمة أن يخربوا بيوتهم بأيديهم إن كان هدفهم النهائي هو يمن مستقر. لكن وجود كلمتي العقل والحوثي في جملة واحدة سيجعلها تبدو كجملة لا معنى لها من الأساس.

وأطفال اليمن ومستقبله اقتلعوا من مدارسهم اقتلاعا وزج بهم في الجبهات، وهذا يعني أن تفكير من يخطط لهم ـ لأنهم أغبى من أن يخططوا لأي شيء ـ معني بتدمير حاضر اليمن ومستقبله أيضا. مكانا وإنسانا.

والتفاوض مع الحوثيين يشبه التفاوض مع مختل عقليا، عملية لا يمكن أن يكتب لها النجاح، لأن التفاوض يعتمد على الحجج والمنطق ووضوح الرؤية والأهداف وتقديم التنازلات والحصول على المكتسبات، هذه الأشياء هي جوهر كل عملية تفاوض، لكنك حين تفاوض مختلا فهو لا يبحث عن مكتسبات ولا يفكر في تقديم تنازلات وليس لديه رؤية واضحة ولا يعلم أصلا ما الذي تريده ولا ماذا يريد هو نفسه. وهذا أيضا ذات السبب الذي يجعل الحرب ضده ليست سهلة لأنه ببساطة لا يدافع عن شيء وليس لديه أي شيء يخسره، لن يعنيه إن احترق اليمن بما ومن فيه.

وسرقة الأدوية والمساعدات الإنسانية هي آخر تقليعات فتى الكهوف، ورغم بشاعة هذه السرقة التي هي دون شك أقذر أنواع السرقات التي فكر فيها اللصوص منذ أول لص في التاريخ، إلا أنها تبدو من الأفعال المنطقية النادرة التي تقوم بها عصابة الحوثي، لأن أحد أهم أسلحة الحوثيين في اليمن هو تجويع الشعب اليمني، وتفشي المرض والجوع والفقر والحاجة سلاح مهم يعطي هذه الجماعة عمرا أطول، ولذلك فهي لا تتورع عن عمل أي شيء يطيل أمد هذه المعاناة.

وعلى أي حال..

الحوثي ومن يسوقه من خلفه ومن يقوده من أمامه والشعب اليمني والعالم المتحضر والمتخلف وما بينهما يعلمون يقينا من الذي يتسبب في معاناة اليمن العظيم. ويعلمون أن تحميل السعودية هذه المأساة قد يلقى رواجا لبعض الوقت، لكنه لن يلغي الحقيقة إلى الأبد.

agrni@