الرأي

هيا بنا نترفه..!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
قررت ـ ولا أعلم لماذا ـ أن أرفه عن نفسي في هذه الإجازة، ولكثرة ما أسمع عن الترفيه وفعالياته كنت خائفا من كثرة الخيارات التي ستوقعني في الحيرة وتفسد علي ترفيهي.

وأنا محظوظ لأني أعيش في منطقة ساحلية تجاور البحر الذي يعتبر وجوده وحده ودون إي إضافات بابا عظيما من أبواب الترفيه والترويح عن النفس.

الأشياء التي تجعلني أشعر بالرفاهية أشياء بسيطة وليست معقدة كثيرا ولا تحتاج إلى عقود وإعلانات ومناقصات. كنت أطمح أن أستيقظ صباحا وأذهب إلى أحد المقاهي المطلة على البحر في أجواء هذه الأيام الفاتنة والمغرية بالخروج واستقبال الشمس وتوديعها.

بالطبع يمكنني الذهاب إلى البحر شخصيا مصطحبا قهوتي و»شاهيي» لكن رغبتي في أجواء المقهى والناس كانت أكبر، وكنت واثقا أني سأحتار في اختيار المكان، لكن المفاجأة أني لم أجد مكانا يحقق أحلامي الترفيهية. الأماكن يمكن وصفها بالمجمل بأنها سيئة الخدمة قليلة النظافة غالية الأسعار، إضافة إلى أن أغلبها لا يعمل في الصباح.

وأظن ـ والله أعلم ـ أن مفهوم الترفيه معني بالأشياء الدائمة التي يمكن أن يجدها الإنسان في كل الأيام، وليس فقط بالفعاليات التي تكون محدودة بوقت محدد ويحضرها عدد محدد فقط، هذه أشياء رغم أنها تبدو أساسية في مفهوم هيئة الترفيه إلا أنها ثانوية في حاجات الباحثين عن الترفيه.

وجدت بعد رحلتي القصيرة في البحث عن الترفيه أن الشرقية لديها نفس مشكلة الجنوب، وهي أن مقومات الترفيه والسياحة فيها هي الأشياء الطبيعية التي خلقها الله، وأن التدخل البشري في هذا الموضوع يفسد الأمر ولا يصلحه ولا يستغله بالطريقة الصحيحة والمفيدة.

ولك أن تتخيل عزيزي الباحث عن الترفيه أنه في منطقة فيها أكثر من واجهة بحرية وأكثر من ساحل لا يوجد مطعم عائم مثلا. وهي الفكرة البديهية التي توجد في كل مكان يطل على الماء في كل بقاع العالم غنيها وفقيرها، ومرفهها وتعيسها.

ثم تخيل أن جولة في قارب مهترئ من مخلفات الحرب العالمية الأولى تكلفك ثلاثمئة ريال تقريبا، أي أن ساعة واحدة قد تكلفك قيمة تذكرة إلى أي وجهة سياحية حقيقية في أرجاء المعمورة.

في مقارنة سريعة فإن عائلة من خمسة أشخاص يمكنها الذهاب للبحرين وحضور فيلم في السينما وتناول العشاء في مطعم محترم بتكلفة أقل من دخول «فعالية» في الدمام فيها بسطات لبيع أشياء لا معنى لها ومطاعم «فود ترك» تبيع الوجبات بسعر أغلى من سعر فنادق السبعة نجوم.

وأظن ـ لست واثقا ـ أن المسؤولين عن السياحة والترفيه قد جربوا دخول مواقع حجز الفنادق وشاهدوا بأعينهم أن سعر غرفة تطل على بحيرة في أوروبا أرخص من سعر غرفة في شقة مفروشة تطل على محطة وقود في الثقبة.

وعلى أي حال ..

فالحكومة «أبخص» بتوزيع وزارتها، ولكني أظن أن السياحة والترفيه يجب أن تكون وزارة واحدة، والآثار والثقافة وزارة أخرى، الخدمات البسيطة التي يحتاجها الناس يوميا كالمقاهي والمطاعم والشقق والفنادق، وجودة الخدمة وعدالة الأسعار هي الترفيه الذي ستستفيد منه شريحة أكبر بكثير من أولئك الذين حضروا حفلة أو فعالية موقتة. ولعلنا نتفاءل، فالمسؤول عن الترفيه الآن ـ صدقوني هذه المرة فقط ـ شخصية تتقبل الآراء برحابة صدر ويستفيد من النقد ويسعى إلى البحث عن حلول حقيقية وأتمنى له التوفيق.