الرأي

هو نفسه، يغير اسمه ويعود!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
يوم أمس كان اليوم الأخير من عام 2018، واليوم هو اليوم الأول من عام 2019، ماذا يعني هذا؟

في الحقيقة أنه لا يعني أي شيء، أنتم ـ أيها الناس ـ تعلمون ذلك جيدا، لن نستيقظ غدا ـ إن قدر لنا ذلك ـ ونجد السماء وقد بدت التجاعيد على وجهها، ولن يقفز أشخاص إلى قلبك لمجرد أن الرقم على ورقة التقويم قد تغير، ولن يغادره أحد لذات السبب. لن يفوز فريقك الذي يخسر أكثر مما يتدرب لمجرد أن رقم العام قد تغير في جدول مبارياته، والشخص الذي تؤمن أنه ثقيل إلى درجة تؤذي ظهر الأرض لن يصبح ريشة في اليوم الأول من العام الجديد. والذي أنهى العام المنصرم وهو يمارس الكذب هاويا أو محترفا ويتوهم أن الآخرين يصدقونه لن يبدأ العام الجديد وقد أصبح الصادق الأمين. هذه أشياء لا تحدث فجأة ولا يدخل رقم السنة في معادلات تغييرها. التافه في 31 ديسمبر 2018 سيكون تافها في 1 يناير 2019، هذا أمر شبه مؤكد، والمؤكد أننا نعرف هذا مسبقا، لكننا نحب صناعة الأشياء غير المفيدة، كصناعة حلم كل مقوماته أن رقم السنة قد تغير.

الاختلاف الوحيد في هذه الأيام عن غيرها من الأيام هو أني أجدها فرصة سانحة لكي أكتب مقالا أقول فيه إنها لا تختلف عن غيرها، وقد أقول أحيانا إن البشر اخترعوا التقويم لأنهم مهووسون بالنهايات الرقمية، مع أنه في كل ثانية تمر يكون قد انتهى عام وبدأ آخر.

ومع أني أؤمن بهذه الحقائق البدهية إلا أني مؤمن أيضا أنه لا أحد يهتم بما أؤمن به، العالم يحتفل كل عام بنهايته، ويبتهج بقدوم العام الجديد. وهذا أمر طبيعي وكما أجد هذه الأيام فرصة للكتابة فإن «الوحش الرأسمالي» لن يفوت اختراعا بسيطا مثل هذا ويجعل منه سلعة وسوقا في ذات الوقت. فكل الأشياء ـ حتى الوهمي منها ـ قابلة للبيع والشراء والاستثمار المادي.

ولأن العالم مادي جدا فإن الأمر المهم ـ ربما الوحيد ـ الذي يهمني فيه متابعة أرقام التقويم وعد الأيام هو موعد الراتب الشهري، فيما عدا ذلك فإن الأرقام لا تعنيني في شيء. ربما لو كنت غنيا فاحش الثراء ـ كما هو متوقع، ولم أكن معلقا بعرقوبي في سنارة الراتب لما كنت أعلم هل نحن في عام 2019 أم في عام 1300، لم أكن لأعير الأرقام أي اهتمام.

وعلى أي حال..

وبعيدا عن الأرقام، فإني أتمنى أياما سعيدة دائمة للجميع، ولو أنها أمنية لن تحدث، فلا بد أن يعاني البعض لبعض الوقت وأن يعاني البعض الآخر كل الوقت. لكن الأمنيات والأحلام مجانية، ومن الغباء أن أبخل بشيء مجاني لا يكلفني سوى كلمات.

agrni@