إيران تستجدي تركمانستان لإعادة ضخ الغاز إليها
شكتها للمحكمة الدولية بعد أن ماطلت في دفع مستحقات متأخرة تصل لـ 1.8 مليار دولار
الاحد / 23 / ربيع الثاني / 1440 هـ - 23:45 - الاحد 30 ديسمبر 2018 23:45
ضربت العقوبات خطط إيران للتوسع في نقل الغاز في مقتل، ودفعتها لمراجعة حساباتها والتوجه إلى استجداء تركمانستان من أجل إعادة ضخ الغاز إليها وإنقاذها من الغضب الأمريكي العارم.
ظلت البنية التحتية للطاقة في إيران، وفقا لموقع ناشونال إنترست، ممهدة لنقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى الأسواق الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم، لكن تغيرت البوصلة وباتت طهران تكافح تحت العقوبات وتعتمد الآن على الإنتاج من جنوب بارس وحقول الغاز الأخرى، وعلى الرغم من أنها كافية لتغذية الطلب المحلي الحالي إلا أنها قد تجعل الواردات من تركمانستان ضرورية مرة أخرى.. لكن هل تستجيب الأخيرة؟
التوجه لتركمانستان.. لماذا؟
في السنوات الأخيرة رفضت الحكومة التركمانية الإصغاء إلى الولايات المتحدة وأوروبا، واستمرت في بيع الغاز لإيران، على الرغم من تأثير ذلك على علاقتها بالغرب.
نما حجم التجارة بين إيران وتركمانستان إلى 1.7 مليار دولار في عام 2017، وحدد محمود فزعي، رئيس هيئة موظفي الرئيس الإيراني، هدف دفع هذا المبلغ إلى قيمة إجمالية تبلغ 60 مليار دولار، ويتطلب تحقيق هذا الهدف تعزيز العلاقات عبر كل صناعة، وتحسين روابط التجارة والنقل والخدمات الهندسية. المنتجات النفطية والبتروكيماويات والكهرباء ومنتجات المنسوجات والصناعات الخفيفة هي أهم الصادرات التي تم تزويد تركمانستان بها لإيران.
قصة النزاع على الغاز
تصدر تركمانستان الغاز إلى إيران وفقا لاتفاقية وقعت عام 1997، لكن الأسعار تشهد زيادات في أشهر الشتاء، وفي عام 2006، توقفت تماما، وطالبت بزيادة 9 أضعاف السعر الذي قبلته إيران لفترة وجيزة. الإجراء نفسه اتخذته تركمانستان في شتاء عام 2016، لكن إيران رفضت هذه المرة.
وفي حين طلبت تركمانستان ما بين 1.5 مليار و1.8 مليار دولار من إيران مقابل تصدير الغاز خلال الفترة من 2007 إلى 2016، فإن إيران لم تقبل هذا الرقم، وأحالت الأمر إلى التحكيم الدولي، وكان السبب الرئيسي في غضب الإيرانيين ما حدث في يناير 2007، عندما بلغ البرد في الشتاء ذروته وعانت أكثر من 20 محافظة، واستغلت تركمانستان الوضع وأعلنت رفع أسعار تصدير الغاز إلى إيران بمقدار تسعة أضعاف السعر، من 40 دولارا لكل ألف متر مكعب إلى 360 دولارا.
ونظرا لحاجة المناطق الشمالية والشرقية من إيران لضخ غاز إضافي من تركمانستان، وبسبب الزيادة في إنتاج الغاز في جنوب بارس ودخول المرحلة الحادية عشرة من شبكة نقل الغاز، فإن أحدث التهديدات والتخفيضات النهائية كانت أقل فعالية بكثير.
ولم يلتهب نزاع الغاز بين إيران وتركمانستان إلا بداية عام 2017 عندما تم إيقاف تصديره بشكل نهائي، ورفضت تركمانستان أي تنازلات رغم المفاوضات الطويلة. وبعد أن تم قطع الغاز التركماني أعلنت إيران أن تركمانستان هي الخاسرة، وفي إشارة إلى خطتها في مقاضاة شركة تركمانستان للغاز، قال وزير النفط الإيراني»لدينا شكوى أخرى لمحكمة التحكيم الدولية من أجل إعادة النظر في سعر غاز التصدير الخاص بها، لأننا نعتقد أن الأسعار مرتفعة للغاية ويجب تخفيضها».
ورقة ضغط تركمانية
تبلغ طاقة نقل الغاز للخط بين تركمانستان وإيران 14.5 مليار متر مكعب في السنة، واستوردت إيران نحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز من تركمانستان في عام 2015، لكن في شتاء عام 2016 تم تخفيض الكمية بسبب الدين البالغ 1.8 مليار دولار، وأصبح هذا الدين بمثابة ورقة ضغط، وتلقت إيران فقط حوالي 6 مليارات متر مكعب من الغاز.
ومنذ بداية عام 2018 واصلت تركمانستان احتجاز صادرات الغاز إلى إيران بسبب ما وصفته «بتأخر الأعوام التسعة في تسوية ديون طهران البالغة 1.8 مليار دولار». وعلى الرغم من قيود التصدير فقد استمر تبادل الغاز، بموجب ما يسمى باتفاقية المبادلة، حيث قامت بتوصيل الكمية نفسها إلى أذربيجان.
وبعد شهر واحد من قطع إمدادات الغاز التركماني إلى إيران، زعم مسؤولون في إيران أن الغاز التركماني لا يزال يتم تبادله، وأعربت وزارة النفط إلى تركمانستان عن استعدادها للمشاركة في تعاون طويل الأجل في قطاع الطاقة، وكذلك الصادرات المشتركة إلى الهند وباكستان ودول الخليج.
مفاوضات ومشاريع مشتركة
أسفرت المفاوضات بين تركمانستان وشركتين هنديتين عن توقيع اتفاقية تعاقد لتزويد الهند بالغاز من خلال خط أنابيب بحري، وهو ما يعني مروره من خلال الأنابيب الإيرانية، ولا سيما أن تركمانستان تريد تصدير الغاز إلى الهند بأسعار معقولة وبطريقة آمنة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال المفاوضات الثنائية المشتركة بين تركمانستان وإيران والهند، ورحبت بخطط إطلاق خط أنابيب وطالبت بنقل غازها مرة أخرى عبر الأنابيب الإيرانية.
وتعد زيادة الإنتاج في الحقول المشتركة أولوية بالنسبة لإيران التي تفتقر إلى استثمارات في الحقول على طول حدودها مع العراق ودول الخليج. وتتمتع الحقول المشتركة مع تركمانستان بفرصة قوية لتحقيق نتائج مثمرة، حيث إن الأولوية هي استغلال حقول الغاز المشتركة في الشمال والشمال الشرقي، حيث يمكن استهلاكها على الفور بأقل تكاليف عبور في ظل مشاريع مشتركة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات مع الدول المجاورة، لذلك فإن إيران مستعدة لتنفيذ تصميم وبناء خطوط نقل النفط والغاز ومحطات تعزيز الضغط وتكرير وفصل السوائل من الغاز وتحويلها إلى منتجات بتروكيماوية أخرى، والتفاوض مع تركمانستان بالطريقة نفسها.
العقوبات عطلت المصالح
مع عودة العقوبات الأمريكية لم تعد هناك فرصة لإيران لزيادة قدرتها على المبادلة مع تركمانستان، ولا يمكن أن تتوقع الحصول على كميات كبيرة من فرص الاستثمار لاستكشافها بعد أن كانت الهند مهتمة باستيراد الغاز التركماني عن طريق البنية التحتية لإيران، ولكن يبدو الآن أنها عازمة على الانتظار حتى يتم حل مشاكل إيران مع الولايات المتحدة.
ففي ظل الظروف العادية يمكن للبنية التحتية للطاقة في إيران أن تنقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى الأسواق الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم، لكن البلاد تكافح تحت العقوبات، وتعتمد الآن على الإنتاج من جنوب بارس وحقول الغاز الأخرى التي، على الرغم من أنها كافية لتغذية الطلب المحلي الحالي، قد تتخلف مرة أخرى وتجعل الواردات من تركمانستان ضرورية مرة أخرى.
تحتاج إيران إلى استهلاك محلي عال للغاز الطبيعي والمزيد من التكنولوجيا الأجنبية ورأس المال، ولا شك أن تخفيف التوتر مع المجتمع الدولي هو أفضل أداة لإيران لتحقيق مصالحها الخاصة، فعلى الرغم من التعاون القائم لا يزال هناك عدد من المجالات في قطاع الطاقة التي يمكن استخدامها لتعزيز العلاقات الثنائية في مصلحة الجارتين، ولكن توسيع التعاون يعتمد على حل التحديات وتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص التي تأتي.
ظلت البنية التحتية للطاقة في إيران، وفقا لموقع ناشونال إنترست، ممهدة لنقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى الأسواق الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم، لكن تغيرت البوصلة وباتت طهران تكافح تحت العقوبات وتعتمد الآن على الإنتاج من جنوب بارس وحقول الغاز الأخرى، وعلى الرغم من أنها كافية لتغذية الطلب المحلي الحالي إلا أنها قد تجعل الواردات من تركمانستان ضرورية مرة أخرى.. لكن هل تستجيب الأخيرة؟
التوجه لتركمانستان.. لماذا؟
في السنوات الأخيرة رفضت الحكومة التركمانية الإصغاء إلى الولايات المتحدة وأوروبا، واستمرت في بيع الغاز لإيران، على الرغم من تأثير ذلك على علاقتها بالغرب.
نما حجم التجارة بين إيران وتركمانستان إلى 1.7 مليار دولار في عام 2017، وحدد محمود فزعي، رئيس هيئة موظفي الرئيس الإيراني، هدف دفع هذا المبلغ إلى قيمة إجمالية تبلغ 60 مليار دولار، ويتطلب تحقيق هذا الهدف تعزيز العلاقات عبر كل صناعة، وتحسين روابط التجارة والنقل والخدمات الهندسية. المنتجات النفطية والبتروكيماويات والكهرباء ومنتجات المنسوجات والصناعات الخفيفة هي أهم الصادرات التي تم تزويد تركمانستان بها لإيران.
قصة النزاع على الغاز
تصدر تركمانستان الغاز إلى إيران وفقا لاتفاقية وقعت عام 1997، لكن الأسعار تشهد زيادات في أشهر الشتاء، وفي عام 2006، توقفت تماما، وطالبت بزيادة 9 أضعاف السعر الذي قبلته إيران لفترة وجيزة. الإجراء نفسه اتخذته تركمانستان في شتاء عام 2016، لكن إيران رفضت هذه المرة.
وفي حين طلبت تركمانستان ما بين 1.5 مليار و1.8 مليار دولار من إيران مقابل تصدير الغاز خلال الفترة من 2007 إلى 2016، فإن إيران لم تقبل هذا الرقم، وأحالت الأمر إلى التحكيم الدولي، وكان السبب الرئيسي في غضب الإيرانيين ما حدث في يناير 2007، عندما بلغ البرد في الشتاء ذروته وعانت أكثر من 20 محافظة، واستغلت تركمانستان الوضع وأعلنت رفع أسعار تصدير الغاز إلى إيران بمقدار تسعة أضعاف السعر، من 40 دولارا لكل ألف متر مكعب إلى 360 دولارا.
ونظرا لحاجة المناطق الشمالية والشرقية من إيران لضخ غاز إضافي من تركمانستان، وبسبب الزيادة في إنتاج الغاز في جنوب بارس ودخول المرحلة الحادية عشرة من شبكة نقل الغاز، فإن أحدث التهديدات والتخفيضات النهائية كانت أقل فعالية بكثير.
ولم يلتهب نزاع الغاز بين إيران وتركمانستان إلا بداية عام 2017 عندما تم إيقاف تصديره بشكل نهائي، ورفضت تركمانستان أي تنازلات رغم المفاوضات الطويلة. وبعد أن تم قطع الغاز التركماني أعلنت إيران أن تركمانستان هي الخاسرة، وفي إشارة إلى خطتها في مقاضاة شركة تركمانستان للغاز، قال وزير النفط الإيراني»لدينا شكوى أخرى لمحكمة التحكيم الدولية من أجل إعادة النظر في سعر غاز التصدير الخاص بها، لأننا نعتقد أن الأسعار مرتفعة للغاية ويجب تخفيضها».
ورقة ضغط تركمانية
تبلغ طاقة نقل الغاز للخط بين تركمانستان وإيران 14.5 مليار متر مكعب في السنة، واستوردت إيران نحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز من تركمانستان في عام 2015، لكن في شتاء عام 2016 تم تخفيض الكمية بسبب الدين البالغ 1.8 مليار دولار، وأصبح هذا الدين بمثابة ورقة ضغط، وتلقت إيران فقط حوالي 6 مليارات متر مكعب من الغاز.
ومنذ بداية عام 2018 واصلت تركمانستان احتجاز صادرات الغاز إلى إيران بسبب ما وصفته «بتأخر الأعوام التسعة في تسوية ديون طهران البالغة 1.8 مليار دولار». وعلى الرغم من قيود التصدير فقد استمر تبادل الغاز، بموجب ما يسمى باتفاقية المبادلة، حيث قامت بتوصيل الكمية نفسها إلى أذربيجان.
وبعد شهر واحد من قطع إمدادات الغاز التركماني إلى إيران، زعم مسؤولون في إيران أن الغاز التركماني لا يزال يتم تبادله، وأعربت وزارة النفط إلى تركمانستان عن استعدادها للمشاركة في تعاون طويل الأجل في قطاع الطاقة، وكذلك الصادرات المشتركة إلى الهند وباكستان ودول الخليج.
مفاوضات ومشاريع مشتركة
أسفرت المفاوضات بين تركمانستان وشركتين هنديتين عن توقيع اتفاقية تعاقد لتزويد الهند بالغاز من خلال خط أنابيب بحري، وهو ما يعني مروره من خلال الأنابيب الإيرانية، ولا سيما أن تركمانستان تريد تصدير الغاز إلى الهند بأسعار معقولة وبطريقة آمنة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال المفاوضات الثنائية المشتركة بين تركمانستان وإيران والهند، ورحبت بخطط إطلاق خط أنابيب وطالبت بنقل غازها مرة أخرى عبر الأنابيب الإيرانية.
وتعد زيادة الإنتاج في الحقول المشتركة أولوية بالنسبة لإيران التي تفتقر إلى استثمارات في الحقول على طول حدودها مع العراق ودول الخليج. وتتمتع الحقول المشتركة مع تركمانستان بفرصة قوية لتحقيق نتائج مثمرة، حيث إن الأولوية هي استغلال حقول الغاز المشتركة في الشمال والشمال الشرقي، حيث يمكن استهلاكها على الفور بأقل تكاليف عبور في ظل مشاريع مشتركة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات مع الدول المجاورة، لذلك فإن إيران مستعدة لتنفيذ تصميم وبناء خطوط نقل النفط والغاز ومحطات تعزيز الضغط وتكرير وفصل السوائل من الغاز وتحويلها إلى منتجات بتروكيماوية أخرى، والتفاوض مع تركمانستان بالطريقة نفسها.
العقوبات عطلت المصالح
مع عودة العقوبات الأمريكية لم تعد هناك فرصة لإيران لزيادة قدرتها على المبادلة مع تركمانستان، ولا يمكن أن تتوقع الحصول على كميات كبيرة من فرص الاستثمار لاستكشافها بعد أن كانت الهند مهتمة باستيراد الغاز التركماني عن طريق البنية التحتية لإيران، ولكن يبدو الآن أنها عازمة على الانتظار حتى يتم حل مشاكل إيران مع الولايات المتحدة.
ففي ظل الظروف العادية يمكن للبنية التحتية للطاقة في إيران أن تنقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى الأسواق الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم، لكن البلاد تكافح تحت العقوبات، وتعتمد الآن على الإنتاج من جنوب بارس وحقول الغاز الأخرى التي، على الرغم من أنها كافية لتغذية الطلب المحلي الحالي، قد تتخلف مرة أخرى وتجعل الواردات من تركمانستان ضرورية مرة أخرى.
تحتاج إيران إلى استهلاك محلي عال للغاز الطبيعي والمزيد من التكنولوجيا الأجنبية ورأس المال، ولا شك أن تخفيف التوتر مع المجتمع الدولي هو أفضل أداة لإيران لتحقيق مصالحها الخاصة، فعلى الرغم من التعاون القائم لا يزال هناك عدد من المجالات في قطاع الطاقة التي يمكن استخدامها لتعزيز العلاقات الثنائية في مصلحة الجارتين، ولكن توسيع التعاون يعتمد على حل التحديات وتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص التي تأتي.