ثم إنكم إلى ربكم لمنقلبون..!
سنابل موقوتة
الاحد / 23 / ربيع الثاني / 1440 هـ - 20:30 - الاحد 30 ديسمبر 2018 20:30
لا أخفيكم أني شعرت بالإحباط عندما لم أجد اسمي مع الأسماء التي جاءت بها القرارات الأخيرة، ثم إني بعد ذلك اطمأنت نفسي وهدأت قليلا بعد أن تبصرت وفكرت وتأملت في الصعوبة التي أجدها في إدارة شؤون منزلي وإدارة العلاقات الخارجية مع الجيران والاستراحة والبقالات والمطاعم. فالمسؤولية عن الشأن العام فيها تعقيدات أصعب بكثير من تلك التي فشلت في حلها مع أبنائي. والقناعة مريحة فعلا، لأني بعد أن اقتنعت بأن الدولة تعرف من وكيف تعين الناس وجدت ما يكفي من الرضا الذي يجنبني التورط في ذنب النظر إلى أصحاب تلك المناصب بشيء من الحسد وتمني زوال النعمة عنهم.
والحق أنه بقليل من التفكر فإنه لا أحد يحسد على منصب كبير، لأنه أمام خيارين ـ لهما ثالث ـ إما أن يكون فاشلا فاسدا، وهذا يفسد آخرته، فيخرج من المنصب ملعونا كما دخله أول مرة، أو أن يكون متفانيا مخلصا نزيها وهذا يعني أنه سيخسر دنياه، لأنه سيصطدم بالكثير من العقبات وسيخسر الكثر من الناس، ولن يجد الكثير من الوقت لإدارة شؤون منزله ـ كما أفعل ـ وكلا الخيارين غير مغريين البتة قبل الحصول على المنصب، فإن وصل أحدهم إلى منصب وأصبح أمرا واقعا فإنه لا بد أن يختار أي الطريقين سيسلك. أما الطريق الثالث فإنه غالبا لا يكون اختياريا، هو بسبب قدرات الشخص نفسه التي تكون أقل من أن يدير أي شيء، وهذا يعني أن الشخص ليس فاسدا ولكنه غير مفيد، لا يحل ولا يربط يكتفي من المنصب «بالبشت» والحضور إلى العمل يوميا، مع أن حضوره لا يختلف في شيء عن غيابه لا يسرق ولا يفيد ولا يطور ولا يخرب. ولعلي أنصح أي مسؤول ـ أيا كان ـ أن يقضي الأسبوع الأول كاملا بعد تعيينه في منصبه الجديد دون عمل أي شيء، يكتفي فقط بالتأمل وتخيل ماذا سيقول عنه الناس حين يغادر منصبه، وكيف سيتذكرونه.
والمسؤول والمسؤولية مشتقتان من الفعل سأل، أي إنه إنسان سيسأل عما يفعل، من الناس في الدينا ومن رب الناس في الأخرى. ولذلك فإن «المسؤول» الذي لا يريد أن يسأله أحد يبدو مؤمنا بفكرة تتعارض حتى مع معنى اسم وظيفته.
وعلى أي حال..
إن كنت من المسؤولين، سواء الجدد أو القدماء أو السابقين أو اللاحقين، ووفقت إلى قراءة هذا المقال، فاختبر نفسك هذا الاختبار اليسير بينك وبين نفسك ولا تخبر به أحدا. إن وجدت سعادتك وفرحك بالمنصب أكبر من خوفك ورهبتك من عظم المسؤولية فأنت غالبا تفكر في نفسك أكثر مما تفكر في الناس، وهذا ليس مؤشرا جيدا ولا يبشر بالخير. وإن وجدت أن خوفك وإحساسك بالمسؤولية أعلى من سعادتك فاعلم أنك من القلة الذين سينقذون الكوكب فلا تبخس نفسك حقها.
agrni@
والحق أنه بقليل من التفكر فإنه لا أحد يحسد على منصب كبير، لأنه أمام خيارين ـ لهما ثالث ـ إما أن يكون فاشلا فاسدا، وهذا يفسد آخرته، فيخرج من المنصب ملعونا كما دخله أول مرة، أو أن يكون متفانيا مخلصا نزيها وهذا يعني أنه سيخسر دنياه، لأنه سيصطدم بالكثير من العقبات وسيخسر الكثر من الناس، ولن يجد الكثير من الوقت لإدارة شؤون منزله ـ كما أفعل ـ وكلا الخيارين غير مغريين البتة قبل الحصول على المنصب، فإن وصل أحدهم إلى منصب وأصبح أمرا واقعا فإنه لا بد أن يختار أي الطريقين سيسلك. أما الطريق الثالث فإنه غالبا لا يكون اختياريا، هو بسبب قدرات الشخص نفسه التي تكون أقل من أن يدير أي شيء، وهذا يعني أن الشخص ليس فاسدا ولكنه غير مفيد، لا يحل ولا يربط يكتفي من المنصب «بالبشت» والحضور إلى العمل يوميا، مع أن حضوره لا يختلف في شيء عن غيابه لا يسرق ولا يفيد ولا يطور ولا يخرب. ولعلي أنصح أي مسؤول ـ أيا كان ـ أن يقضي الأسبوع الأول كاملا بعد تعيينه في منصبه الجديد دون عمل أي شيء، يكتفي فقط بالتأمل وتخيل ماذا سيقول عنه الناس حين يغادر منصبه، وكيف سيتذكرونه.
والمسؤول والمسؤولية مشتقتان من الفعل سأل، أي إنه إنسان سيسأل عما يفعل، من الناس في الدينا ومن رب الناس في الأخرى. ولذلك فإن «المسؤول» الذي لا يريد أن يسأله أحد يبدو مؤمنا بفكرة تتعارض حتى مع معنى اسم وظيفته.
وعلى أي حال..
إن كنت من المسؤولين، سواء الجدد أو القدماء أو السابقين أو اللاحقين، ووفقت إلى قراءة هذا المقال، فاختبر نفسك هذا الاختبار اليسير بينك وبين نفسك ولا تخبر به أحدا. إن وجدت سعادتك وفرحك بالمنصب أكبر من خوفك ورهبتك من عظم المسؤولية فأنت غالبا تفكر في نفسك أكثر مما تفكر في الناس، وهذا ليس مؤشرا جيدا ولا يبشر بالخير. وإن وجدت أن خوفك وإحساسك بالمسؤولية أعلى من سعادتك فاعلم أنك من القلة الذين سينقذون الكوكب فلا تبخس نفسك حقها.
agrni@