الرأي

أجرة ساعة العمل.. هي الحل

محمد العـوفي
لا أحد يشكك في أن العلاقة بين زيادة الرواتب وارتفاع الإنتاجية علاقة طردية وإيجابية، وأن اختلال العلاقة بين متغيري الرواتب أو الأجور وتكاليف المعيشة له آثار سلبية على المديين المتوسط والطويل، لأنه سيؤدي إلى ضعف الادخارات وتثبيط عملية التنمية الاقتصادية، وأن تحديد أجرة ساعة العمل هي مسؤولية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولا أحد يشاركها في هذا الحق.

لكن هذا الحق - كما يبدو لي - وزارة العمل تنازلت عنه، أو لا تريد أن تبادر في فرضه على القطاع الخاص، كما يتضح من تصريح وزيرها أحمد الراجحي خلال لقائه برجال وسيدات الأعمال في غرفة جازان؛ عندما دعا القطاع الخاص إلى أن يرتفع بالرواتب بحيث تكون مجزية، مضيفا في حديثه أن على القطاع الخاص أن يتأكد من أنه عندما يدفع راتبا زيادة فإن إنتاجية الموظف قد تتضاعف، قائلا «هؤلاء في الأخير أبناؤنا وبناتنا.. ولما تعطي راتبا قليلا لن يستطيع العامل أن يستمر».

سأقف قليلا عند عبارة «ولما تعطي راتبا قليلا لن يستطيع العامل أن يستمر»، هذه العبارة شخص فيها وزير العمل مشكلة سوق العمل واعترف بها، وألمح إلى الحل دون أن يقدم وصفة للوصول إلى هذا الحل الذي يرفع سقف الرواتب كي تكون مغرية وجذابة للاستمرار والاستدامة، فهو يدرك أن سوق العمل لم ينضج بعد، وأن القطاع الخاص لن يبادر برفع الأجور، وأن الدعوة لرفع الأجور ستموت في مهدها ما لم يكن هناك حد أدنى لأجرة الساعة تكون ملزمة للقطاع الخاص.

وتحديد حد أدنى لأجرة الساعة لا يكون عشوائيا أو يترك للقطاع الخاص تحديده وفقا مصالحه، بل يرتبط بشكل كبير بمتغير تكاليف المعيشة وبما يوفر الحماية الاجتماعية، لذا تعمد كثير من الدول التي تطبق أجرة الساعة إلى رفعها وفقا للتغير في تكاليف المعيشة، ففي بريطانيا مثلا يبلغ الحد الأدنى لأجرة الساعة 7 جنيهات إسترلينية (11 دولارا) بعد رفعها في أكتوبر 2016، وتهدف الحكومة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 9 جنيهات في الساعة بحلول عام 2020، وفي الولايات المتحدة يبلغ أجر ساعة العمل 8.75 دولارات.

أعتقد جازما أن وزارة العمل لن تحقق ما تصبو إليه من استدامة التوظيف في القطاع الخاص في حال استمرت في نهجها الحالي دون أن تفرض حدا أدنى لأجرة الساعة يكون ملزما للقطاع الخاص، لأن الحد الأدنى للأجور يعني أن أي عامل أو موظف يجب ألا يقل أجر ساعة عمله عن هذا المبلغ للداخلين الجدد لسوق العمل، وليس هناك سقف أعلى لهذه الأجور، بل ترتفع وفقا للمستويات التعليمية والمهارات التي يتقنها والخبرات التي يمتلكها الموظف.

mohdalofi@