أعمال

الخطط المحكمة تقرب مرحلة تحقيق التوازن بشهادات دولية

أكد مختصون أن التوازن المالي للمملكة قابل للتحقق قبل موعده في 2023، نتيجة النمو المضطرد الذي أكدته تقارير التصنيف الدولية حيث أشارت بوضوح إلى أن النمو السريع جاء نتيجة خطط محكمة وضعت بعد تغيير عام للتوازن الاقتصادي من 2020 إلى 2030، فيما لم تكن أسعار النفط وازدياد حصة المملكة هي العامل الوحيد لنمو الإيرادات.

وأوضح المختصون أن تأجيل التوازن إلى 2023 كان هدفا تنمويا بحتا، مشيرين إلى أن صندوق النقد الدولي عدل منذ نهاية 2017 حتى الآن توقعاته للنمو الاقتصادي للمملكة 5 مرات، وهو ما يعكس صحة التوجه نحو تحقيق التوازن المالي في الميزانية.

وفق المخطط

وقال عضو مجلس الشورى والمستشار

المالي الدكتور سعيد الشيخ، إن مؤشرات النمو والإيرادات غير النفطية والإصلاحات الاقتصادية تشير إلى أننا يمكن أن نحقق التوازن بين المصروفات والإيرادات قبل الموعد المحدد في 2023، وهو ما توقعته أيضا جهات تصنيف دولية مختلفة، إلا أننا في الوقت نفسه نتحدث عن أمر مستقبلي لا يمكن التيقن منه.

وأضاف الشيخ، المهم أن الأمور تسير وفق المخطط لها والأمر الذي ينبغي ذكره هنا هو أن اعتماد التوازن تم على أساس متوسط سعر 60 دولارا لبرميل النفط، وقد تجاوزنا هذا السعر منذ فترة، وقاومت الأسعار النزول أخيرا لتعود للارتفاع مجددا ما يدعو للتفاؤل، خاصة وأن ارتفاع الأسعار مصحوب أيضا برفع إنتاج المملكة إلى ما يقارب 11 مليون برميل يوميا، وهو رقم قياسي لم يحدث منذ سنوات عدة، ولا شك فإن زيادة الأسعار والكميات معا ستعمل على تحقيق التوازن في فترة تسبق المقرر.

تحسين الأداء

وأفاد الشيخ بأن رسوم العمالة والضرائب المختلفة وإيرادات بعض مشاريع التحول وغيرها رفعت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى مايقارب 40%، وهي نسبة لم تحدث أبدا في تاريخ المملكة، وفي الوقت نفسه، جرت بعض الإصلاحات التي حررت الاقتصاد من بعض التكاليف ما أسهم في تحسين أداء بعض القطاعات.

زيادة في التفاؤل

وأفاد الاقتصادي الدكتور أنور العيسى بأن الاتفاق الأخير بين المملكة وروسيا وضع النقاط على الحروف وثبت التوازن في سوق النفط بما يحفظ الأسعار من التذبذب الكبير، لافتا إلى أن هناك تفاؤلا بزيادة الطلب على النفط مع ازدياد مشاريع تحويل النفط الخام إلى منتجات كيميائية أو بتروكيماوية، مشيرا إلى أن الإيرادات غير النفطية دخلت كعامل مؤثر في مسألة النمو والتوازن الاقتصادي، مشددا على أن رحيل العمالة غير الماهرة من السعودية جيد وسيرفع الكثير من الأعباء حيث إن هذه العمالة لم تضف إلى الاقتصاد شيئا يذكر بل بالعكس استنزفت الاقتصاد عبر تحويل المبالغ المالية بكاملها للخارج.

مسارات عدة

بدوره أكد عضو اللجنة المالية السابق بمجلس الشورى المهندس صالح العفالق، أن الدولة عملت على مسارات عدة للوصول إلى مرحلة التوازن، سواء عندما كان في 2020 أو عندما مدد إلى 2023، فمن جهة تم العمل على زيادة الإيرادات النفطية وغير النفطية عبر زيادة حجم تصدير النفط وفرض الرسوم والضرائب التي لا تكون في الوقت نفسه مرهقة، ومن جانب آخر عبر إصلاحات هيكلية للمشاريع وتقليص النفقات غير الضرورية.

رافعة النمو

وعبر عضو مجلس الشورى السابق الدكتور عبدالعزيز المشاري عن تفاؤله بتحقيق التوازن الاقتصادي قبل موعده المقرر في 2023، مشيرا إلى أن حرص الدولة على برامج التنمية وعدم تأثر رفاهية المواطن كان سببا موضوعيا لتقديم مرحلة التوازن من 2020 إلى 2023، والآن مع تحقيق معدلات نمو جيدة أثبتها مراكز التصنيف الدولية، أصبح يمكننا الصرف على المشاريع دون الحاجة إلى تقديم مرحلة تحقيق التوازن، منوها أن تنويع مصادر الدخل إلى جانب ارتفاع إنتاج النفط وأسعاره، كانت بمثابة الرافعة لنمو الإيرادات التي قربت بشكل كبير من مرحلة تحقيق التوازن الاقتصادي للمملكة.

إدارة الملف

وأكد المشاري قدرة مجلس الشؤون الاقتصادية برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في إدارة الملف وتقريب مرحلة التوازن بأقل قدر من الخسائر، حيث إن المشاريع التنموية على عكس الكثير من البلاد الأخرى التي تأثرت كثيرا بانخفاض أسعار النفط والطاقة بشكل عام.

إصلاح التشوهات

وشدد عضو مجلس الشورى السابق محمد آل زلفة، على أن المملكة اختارت أسلوب موازنة الاقتصاد الوطني بين التنمية والتطوير ورفاه المجتمع والإصلاح الاقتصادي والقضاء على كل التكاليف غير الضرورية، وتؤدي إلى تشوهات في الاقتصاد، ولذلك فقد فرضت الضرائب ليس فقط باعتبارها موردا مهما للاقتصاد بل لإصلاح تشوهات طالما ساهمت في تآكل إيرادات الكثير من القطاعات الاقتصادية، مثل وجود أعداد هائلة من العمالة التي لا تضيف شيئا وتعمل في الظل عن طريق أشخاص يتسترون عليها، وقد وجدنا تحسنا كبيرا بعد مغادرة أعداد كبيرة من هؤلاء، مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني لن يتضرر من ذهاب هذه العمالة لأنها لم تكن تؤدي شيئا أصلا.

وتوقع آل زلفة تحقيق التوازن الاقتصادي في وقت أقرب من المقرر، لافتا إلى أن ارتفاع إيرادات الميزانية مهم جدا لمسألة التوازن كما أن انخفاض مستوى حدة التوتر الجيوسياسي في المنطقة مهم هو الآخر.