الشنفرى وأمريكا وجميل!
سنابل موقوتة
الاثنين / 10 / ربيع الثاني / 1440 هـ - 19:15 - الاثنين 17 ديسمبر 2018 19:15
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
تذكرت هذا البيت من لامية الشنفرى بعد المواقف التي تبناها مؤخرا مجلس الشيوخ الأمريكي، ولا أعلم لماذا خطر في ذهني هذا البيت تحديدا مع أن أمريكا ليست من «بني أمي» ولا بني أم أي أحد آخر، ربما لأن فكرته تشبه فكرة أن العالم أوسع من أمريكا، وربما لأن قائله هو الشنفرى أحد صعاليك العرب الأوائل، مما جعلني أتذكر مقولة أخرى لجميل الرويلي ـ أحد صعاليك العرب المتأخرين ـ الذي يقول بأن مشكلة دول الخليج الرئيسية هي أنها تعتبر أمريكا هي العالم. وأظنه على غير عادته قد أصاب هذه المرة.
أنا كسعودي أشعر بالحزن والأسى والألم لجريمة مقتل مواطن سعودي بهذه الطريقة، وأشعر أن ما حدث لا يمثلني، وأن القتلة لا يشبهون السعودية التي أعرفها، ومع أن ما حدث خطأ بشع لكني أصر دائما على أن بعض الأخطاء لا يمكن معرفة ضررها وكارثيتها إلا بعد وقوعها، وهذا يجعل تكرارها صعبا أو مستحيلا. ورغم كارثية الخطأ إلا أنه كان لا بد من وقوعه، لأنه لم يكن أحد ليتجرأ على التحذير منه، ولم يكن أحد ليتجرأ على القول بأن نتائج وقوعه ضارة ومؤذية. أما الآن فإن الواقع هو خير الناصحين.
ومن الخير الذي أتى مختبئا في ثنايا شر هذه القضية هو أن الأمور أصبحت أكثر وضوحا حتى لدى عامة الناس، بأنه لا يوجد صديق حقيقي للوطن إلا الشعب نفسه، كل الآخرين خارج الحدود يبحثون عن مصالحهم وقد يبيعون من أجلها كل شيء وأي أحد.
ومن آثار هذه الجريمة الضارة إضافة إلى كونها قتل نفس حرمها الله بغير حق، أن المتردية والنطيحة وما أكل السبع اتخذوا هذه القضية قاعدة للهجوم على كل ما هو سعودي، وأمريكا مثلها مثل البقية من الأصدقاء والأعداء وما بينهما، لم يكن تبني مؤسساتها لهذه القضية انتصارا لحقوق الإنسان أو تعاطفا مع حرية الصحافة ولا الحرص على حياة الإعلاميين والحقوقيين. كل ما في الأمر أنهم وجدوا في القضية فرصة لا تعوض للابتزاز، حتى وأمريكا تحشر أنفها في القضايا الداخلية فإنها لا تفعل ذلك بشكل يوحي بإنسانيتها، فعلى سبيل المثال حين تتحدث عن المعتقلين فإنها تفعل ذلك بشكل انتقائي مثير للاشمئزاز، لأن الفكرة تدور حول توجه المعتقل وليس حول الاعتقال نفسه.
والحقيقة أن تصريح الخارجية السعودية الأخير عن مجلس الشيوخ كان يقول لأمريكا ببساطة كما قال الشنفرى «وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى». لأن الاستمرار في الابتزاز والتطفل على قضايا تخص الشأن الداخلي حتى فيما يخص ثقافة وفكر وحياة الناس منذ أحداث سبتمبر 2001 أصبح أمرا مملا وسمجا وغير مقبول.
وعلى أي حال..
صحيح أن أمريكا دولة مهمة، بل هي الأهم، ولكنها قطعا ليست كل العالم، ولا يجب أن يعتقد أنها كذلك لأي أحد سوى للأمريكان أنفسهم. ثم إنكم إلى ربكم لمنقلبون.. والسلام.
agrni@
وفيها لمن خاف القلى متعزل
تذكرت هذا البيت من لامية الشنفرى بعد المواقف التي تبناها مؤخرا مجلس الشيوخ الأمريكي، ولا أعلم لماذا خطر في ذهني هذا البيت تحديدا مع أن أمريكا ليست من «بني أمي» ولا بني أم أي أحد آخر، ربما لأن فكرته تشبه فكرة أن العالم أوسع من أمريكا، وربما لأن قائله هو الشنفرى أحد صعاليك العرب الأوائل، مما جعلني أتذكر مقولة أخرى لجميل الرويلي ـ أحد صعاليك العرب المتأخرين ـ الذي يقول بأن مشكلة دول الخليج الرئيسية هي أنها تعتبر أمريكا هي العالم. وأظنه على غير عادته قد أصاب هذه المرة.
أنا كسعودي أشعر بالحزن والأسى والألم لجريمة مقتل مواطن سعودي بهذه الطريقة، وأشعر أن ما حدث لا يمثلني، وأن القتلة لا يشبهون السعودية التي أعرفها، ومع أن ما حدث خطأ بشع لكني أصر دائما على أن بعض الأخطاء لا يمكن معرفة ضررها وكارثيتها إلا بعد وقوعها، وهذا يجعل تكرارها صعبا أو مستحيلا. ورغم كارثية الخطأ إلا أنه كان لا بد من وقوعه، لأنه لم يكن أحد ليتجرأ على التحذير منه، ولم يكن أحد ليتجرأ على القول بأن نتائج وقوعه ضارة ومؤذية. أما الآن فإن الواقع هو خير الناصحين.
ومن الخير الذي أتى مختبئا في ثنايا شر هذه القضية هو أن الأمور أصبحت أكثر وضوحا حتى لدى عامة الناس، بأنه لا يوجد صديق حقيقي للوطن إلا الشعب نفسه، كل الآخرين خارج الحدود يبحثون عن مصالحهم وقد يبيعون من أجلها كل شيء وأي أحد.
ومن آثار هذه الجريمة الضارة إضافة إلى كونها قتل نفس حرمها الله بغير حق، أن المتردية والنطيحة وما أكل السبع اتخذوا هذه القضية قاعدة للهجوم على كل ما هو سعودي، وأمريكا مثلها مثل البقية من الأصدقاء والأعداء وما بينهما، لم يكن تبني مؤسساتها لهذه القضية انتصارا لحقوق الإنسان أو تعاطفا مع حرية الصحافة ولا الحرص على حياة الإعلاميين والحقوقيين. كل ما في الأمر أنهم وجدوا في القضية فرصة لا تعوض للابتزاز، حتى وأمريكا تحشر أنفها في القضايا الداخلية فإنها لا تفعل ذلك بشكل يوحي بإنسانيتها، فعلى سبيل المثال حين تتحدث عن المعتقلين فإنها تفعل ذلك بشكل انتقائي مثير للاشمئزاز، لأن الفكرة تدور حول توجه المعتقل وليس حول الاعتقال نفسه.
والحقيقة أن تصريح الخارجية السعودية الأخير عن مجلس الشيوخ كان يقول لأمريكا ببساطة كما قال الشنفرى «وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى». لأن الاستمرار في الابتزاز والتطفل على قضايا تخص الشأن الداخلي حتى فيما يخص ثقافة وفكر وحياة الناس منذ أحداث سبتمبر 2001 أصبح أمرا مملا وسمجا وغير مقبول.
وعلى أي حال..
صحيح أن أمريكا دولة مهمة، بل هي الأهم، ولكنها قطعا ليست كل العالم، ولا يجب أن يعتقد أنها كذلك لأي أحد سوى للأمريكان أنفسهم. ثم إنكم إلى ربكم لمنقلبون.. والسلام.
agrni@