الرمز سعود الفيصل.. القصة والمدرسة
الاثنين / 10 / ربيع الثاني / 1440 هـ - 05:45 - الاثنين 17 ديسمبر 2018 05:45
كأنه مازال هنا، في تفاصيل الدولة، في وجه السعودية، في ملامحنا أمام العالم.. في الصور التي تحمل العلم السعودي وهو يرفرف في أفاق الدنيا، مشكلاً الانطباع المشرف عن المملكة العربية السعودية؛ الدولة ذات القيم والمبادئ الإنسانية والإسلامية والعربية الأصيلة.
في عام 2004 أكد الرمز الدبلوماسي الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، أنه آن الأوان للإصلاح السياسي الداخلي في العالم العربي، وتطوير المشاركة السياسية. حديثه جاء خلال فعاليات منبر الجنادرية قبل أكثر من 6 أعوام من اندلاع أحداث ما سمي بـ «الربيع العربي»، فيما عارض بشدة التغيير القسري في العراق، إبان الاحتلال الأمريكي عام 2003، وقال «لو كان تغيير النظام سيأتي بتدمير العراق فإنهم يحلون مشكلة ويخلقون 5 مشكلات أخرى».
استشراف المستقبل، والرؤية التحليلية العميقة للأحداث، والقدرة على التنبوء بالنتائج؛ تلك هي أهم صفات المشتغل في المجال السياسي؛ وهي ذاتها ما جعلت الفيصل قادراً على تجاوز الآخرين في الرؤية السياسية، حتى كان المرجع والمستشار الأول للكثير من قضايا العالم، كما قال عنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بعد إعلان إعفاء الفيصل من مهام وزارة الخارجية: «لم يكن الأمير سعود أقدم وزير خارجية فقط، بل من أكثرهم حكمة وسأواصل استشارته أمام التحديات التي تواجه العالم».
ولد سعود الفيصل عام 1940 في بيت سياسي من الطراز الرفيع، ومنحته الحياة فرصة التدريب المستمر وهو يلازم والده الملك فيصل، وأعمامه الملوك الآخرين. ويقتحم المجال السياسي مبكراً، بعد رحلة من العمل في المجال الاقتصادي في وزارة البترول، فيما تلقى جزءا من تعليمه في مدرسة هون وبرينستون، قبل أن يلتحق بالجامعة البحثية العريقة «برنستون» التي تخرج منها كثير من العظماء، من بينهم: وودر ويلسون، وجيمس ماديسون، وجون كيندي.
تكونت في شخصية الفيصل، الذي حظي بالعمل مع 4 ملوك، الكثير من المزايا التي انعكست على سياسة بلاده التي قاد سفينتها لنحو أربعة عقود. فالحكمة والدهاء والصرامة وسرعة البديهة والشجاعة والتواضع، هي سمات السياسة السعودية، وهي أيضاً أبرز صفاته التي كانت محط إعجاب كل من تعامل معه، الأمر الذي يفسر متانة وعمق العلاقات الدولية بين السعودية ومختلف دول العالم، وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد الجندان، وكيل وزارة الخارجية السعودية «إن سرّ عظمة سعود الفيصل تكمن في قدرته الفائقة على جعل كل من تشرف بالعمل والتعامل معه أن يشعر بتميز علاقته معه».
ومما يحكى عن شجاعة الرمز سعود الفيصل، ما جاء على لسان أخيه الأمير تركي الفيصل، حول قيامه بالتسلل والدخول إلى سقف الحرم المكي الشريف لاستطلاع الموقف أثناء حادثة جهيمان، معرضا نفسه لنيران القناصة. إضافة إلى تصريحاته الصارمة في عدد من القضايا التي مرت بها الأمة العربية والإسلامية، وكان آخرها تلك المقولة الشهيرة التي ما زالت عالقة في الأذهان «لسنا دعاة حرب لكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون»، وما أوردته هيلاري كلينتون، في مذكراتها حول حادثة المظاهرات البحرينية عام 2011 حين أعلن ملك البحرين حالة الطوارئ (فترة السلامة الوطنية) وتقول «تحدثت إلى وزير الخارجية السعودي وألححت عليه لإيقاف استخدام القوة لإخلاء المحتجين... وبدء حوار بنية حسنة. كان سعود الفيصل عنيدا، وقال إنه على المحتجين الذهاب إلى منازلهم وترك الحياة تستمر، عندها فقط يمكن لنا التحدث عن اتفاق. وقد لام إيران لإثارتها المشاكل ودعمها المتطرفين. وأضاف أنه قد حان الوقت لإنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار إلى الخليج».
الحكمة التاريخية للسياسة السعودية هي جزء لا يتجزأ من حكمة الرجل الذي قادها منذ عام 1975 حتى أصبح بحلول موعد تقاعده في 2015 وزير الخارجية الأطول خدمة في العالم. مساهما طوال تلك المدة بحكمته وعمق بصيرته في إنجاح سياسة بلاده والحيلولة دون تورطها في الكثير من الانقسامات والحروب والقضايا التي عصفت بالعالم، بل ومساهما في معالجة العديد من قضايا الأمة، ومن بينها اتفاق الطائف الذي أوقف نزيف الدم في لبنان، والمساعي التي ساهمت في إيقاف الحرب العراقية الإيرانية، والموقف السعودي المعارض لاحتلال العراق، وغيرها من المواقف السعودية التي اكتسبت احترام العالم أجمع.
قال ذات كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إبان الاحتلال العراقي للكويت، متحدثا باسم بلاده «نحن لا ننكث بالوعود كما لا نرتضي الوعيد، ونحن أهل ذمة وعهد، أكرمنا الله بأن حملنا رسالة الإسلام، ورفعنا بتواضع واعتزاز راية الحق ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وترفعنا عن انتهاك حقوق الجار وحرمة الشقيق واستلاب المغانم، وهذه أخلاقنا العربية الأصيلة ومبادئنا الإسلامية»، فكانت كل تلك القيم هي قيم سعود الفيصل، التي تحفل صفحات الكتب والصحف والمواقع الالكترونية بشهادات الكثير من الزعماء والقيادات السياسية العالمية التي تؤكدها، وتحكي المواقف حولها.
يلخص الوزير السعودي نزار مدني أهم القيم التي شكلت شخصية فقيه السياسة سعود الفيصل، والعوامل المؤدية لنجاحاته وإنجازاته الكبيرة في مسيرته السياسية بقوله «العقلية الاستراتيجية والفكر التكتيكي اللذان كان يتمتع بهما، وأيضا ثقافته الموسوعية الراقية، بجانب أنه كان قويا حين يحتاج الأمر إلى القوة، وحازما، وحاسما حين يحتاج الأمر إلى الحزم والحسم، ودبلوماسيا إذا احتاج الأمر إلى الدبلوماسية، وخبيرا إذا احتاج الأمر إلى الخبرة، وحكيما إذا احتاج الأمر إلى الحكمة، وصبورا إذا كان الأمر يحتاج إلى الصبر».
هنا
مازلت هنا
في العلم..
في ابتسامتنا، ولون بشرتنا..
والبحار، والصحاري، والقمم.
كأنك وجه البلاد
صوتها الذي مازال في المدى..
ينشر الحق والعدالة..
ويرفع البؤس عن العباد..
في سيفنا والقلم
في «سارعي للمجد».. والعرضة النجدية
في وعدنا ووعيدنا
في سمنا الزعاف.. والقهوة العربية.
كنت الشعار
كنت البلاد.. لأربعين عام
تساوقت مع قامتك نخلتنا العتيدة..
وفي ذراعيك السيوف..
سيوفنا الفتية.
هنا
كأنك لاتزال بيننا..
في أغنياتنا الوطنية
في الحمية
بالمواثيق القديمة.. والسفارات القوية.
يا سيد السياسة
يا مجدها.. يا مجدنا
يا وجهنا الصادق.. وكفنا الندية
ذكراك لم تزل هنا..
مدرسة قائمة.. وقصة مروية.
في عام 2004 أكد الرمز الدبلوماسي الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، أنه آن الأوان للإصلاح السياسي الداخلي في العالم العربي، وتطوير المشاركة السياسية. حديثه جاء خلال فعاليات منبر الجنادرية قبل أكثر من 6 أعوام من اندلاع أحداث ما سمي بـ «الربيع العربي»، فيما عارض بشدة التغيير القسري في العراق، إبان الاحتلال الأمريكي عام 2003، وقال «لو كان تغيير النظام سيأتي بتدمير العراق فإنهم يحلون مشكلة ويخلقون 5 مشكلات أخرى».
استشراف المستقبل، والرؤية التحليلية العميقة للأحداث، والقدرة على التنبوء بالنتائج؛ تلك هي أهم صفات المشتغل في المجال السياسي؛ وهي ذاتها ما جعلت الفيصل قادراً على تجاوز الآخرين في الرؤية السياسية، حتى كان المرجع والمستشار الأول للكثير من قضايا العالم، كما قال عنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بعد إعلان إعفاء الفيصل من مهام وزارة الخارجية: «لم يكن الأمير سعود أقدم وزير خارجية فقط، بل من أكثرهم حكمة وسأواصل استشارته أمام التحديات التي تواجه العالم».
ولد سعود الفيصل عام 1940 في بيت سياسي من الطراز الرفيع، ومنحته الحياة فرصة التدريب المستمر وهو يلازم والده الملك فيصل، وأعمامه الملوك الآخرين. ويقتحم المجال السياسي مبكراً، بعد رحلة من العمل في المجال الاقتصادي في وزارة البترول، فيما تلقى جزءا من تعليمه في مدرسة هون وبرينستون، قبل أن يلتحق بالجامعة البحثية العريقة «برنستون» التي تخرج منها كثير من العظماء، من بينهم: وودر ويلسون، وجيمس ماديسون، وجون كيندي.
تكونت في شخصية الفيصل، الذي حظي بالعمل مع 4 ملوك، الكثير من المزايا التي انعكست على سياسة بلاده التي قاد سفينتها لنحو أربعة عقود. فالحكمة والدهاء والصرامة وسرعة البديهة والشجاعة والتواضع، هي سمات السياسة السعودية، وهي أيضاً أبرز صفاته التي كانت محط إعجاب كل من تعامل معه، الأمر الذي يفسر متانة وعمق العلاقات الدولية بين السعودية ومختلف دول العالم، وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد الجندان، وكيل وزارة الخارجية السعودية «إن سرّ عظمة سعود الفيصل تكمن في قدرته الفائقة على جعل كل من تشرف بالعمل والتعامل معه أن يشعر بتميز علاقته معه».
ومما يحكى عن شجاعة الرمز سعود الفيصل، ما جاء على لسان أخيه الأمير تركي الفيصل، حول قيامه بالتسلل والدخول إلى سقف الحرم المكي الشريف لاستطلاع الموقف أثناء حادثة جهيمان، معرضا نفسه لنيران القناصة. إضافة إلى تصريحاته الصارمة في عدد من القضايا التي مرت بها الأمة العربية والإسلامية، وكان آخرها تلك المقولة الشهيرة التي ما زالت عالقة في الأذهان «لسنا دعاة حرب لكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون»، وما أوردته هيلاري كلينتون، في مذكراتها حول حادثة المظاهرات البحرينية عام 2011 حين أعلن ملك البحرين حالة الطوارئ (فترة السلامة الوطنية) وتقول «تحدثت إلى وزير الخارجية السعودي وألححت عليه لإيقاف استخدام القوة لإخلاء المحتجين... وبدء حوار بنية حسنة. كان سعود الفيصل عنيدا، وقال إنه على المحتجين الذهاب إلى منازلهم وترك الحياة تستمر، عندها فقط يمكن لنا التحدث عن اتفاق. وقد لام إيران لإثارتها المشاكل ودعمها المتطرفين. وأضاف أنه قد حان الوقت لإنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار إلى الخليج».
الحكمة التاريخية للسياسة السعودية هي جزء لا يتجزأ من حكمة الرجل الذي قادها منذ عام 1975 حتى أصبح بحلول موعد تقاعده في 2015 وزير الخارجية الأطول خدمة في العالم. مساهما طوال تلك المدة بحكمته وعمق بصيرته في إنجاح سياسة بلاده والحيلولة دون تورطها في الكثير من الانقسامات والحروب والقضايا التي عصفت بالعالم، بل ومساهما في معالجة العديد من قضايا الأمة، ومن بينها اتفاق الطائف الذي أوقف نزيف الدم في لبنان، والمساعي التي ساهمت في إيقاف الحرب العراقية الإيرانية، والموقف السعودي المعارض لاحتلال العراق، وغيرها من المواقف السعودية التي اكتسبت احترام العالم أجمع.
قال ذات كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إبان الاحتلال العراقي للكويت، متحدثا باسم بلاده «نحن لا ننكث بالوعود كما لا نرتضي الوعيد، ونحن أهل ذمة وعهد، أكرمنا الله بأن حملنا رسالة الإسلام، ورفعنا بتواضع واعتزاز راية الحق ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وترفعنا عن انتهاك حقوق الجار وحرمة الشقيق واستلاب المغانم، وهذه أخلاقنا العربية الأصيلة ومبادئنا الإسلامية»، فكانت كل تلك القيم هي قيم سعود الفيصل، التي تحفل صفحات الكتب والصحف والمواقع الالكترونية بشهادات الكثير من الزعماء والقيادات السياسية العالمية التي تؤكدها، وتحكي المواقف حولها.
يلخص الوزير السعودي نزار مدني أهم القيم التي شكلت شخصية فقيه السياسة سعود الفيصل، والعوامل المؤدية لنجاحاته وإنجازاته الكبيرة في مسيرته السياسية بقوله «العقلية الاستراتيجية والفكر التكتيكي اللذان كان يتمتع بهما، وأيضا ثقافته الموسوعية الراقية، بجانب أنه كان قويا حين يحتاج الأمر إلى القوة، وحازما، وحاسما حين يحتاج الأمر إلى الحزم والحسم، ودبلوماسيا إذا احتاج الأمر إلى الدبلوماسية، وخبيرا إذا احتاج الأمر إلى الخبرة، وحكيما إذا احتاج الأمر إلى الحكمة، وصبورا إذا كان الأمر يحتاج إلى الصبر».
هنا
مازلت هنا
في العلم..
في ابتسامتنا، ولون بشرتنا..
والبحار، والصحاري، والقمم.
كأنك وجه البلاد
صوتها الذي مازال في المدى..
ينشر الحق والعدالة..
ويرفع البؤس عن العباد..
في سيفنا والقلم
في «سارعي للمجد».. والعرضة النجدية
في وعدنا ووعيدنا
في سمنا الزعاف.. والقهوة العربية.
كنت الشعار
كنت البلاد.. لأربعين عام
تساوقت مع قامتك نخلتنا العتيدة..
وفي ذراعيك السيوف..
سيوفنا الفتية.
هنا
كأنك لاتزال بيننا..
في أغنياتنا الوطنية
في الحمية
بالمواثيق القديمة.. والسفارات القوية.
يا سيد السياسة
يا مجدها.. يا مجدنا
يا وجهنا الصادق.. وكفنا الندية
ذكراك لم تزل هنا..
مدرسة قائمة.. وقصة مروية.