حديث الصمغ والماء
السبت / 1 / ربيع الثاني / 1440 هـ - 18:45 - السبت 8 ديسمبر 2018 18:45
في صبح شتوي يتنفس حيوية فاجأني حفيدي وكنت أعد قهوتي مستمتعا بتحضيرها وعبقها ولونها، مازحته سائلا: هل تناسبك قهوتي؟ أجاب: أنا صغير على القهوة. سألته ثانية: ماذا تحب أن نفطر سويا؟ واختار هاني - الذي استيقظ مبكرا - أن يشاركني البيض المقلي في هذا الصباح المفعم بالبرد بعد ليل طويل ماطر.
عاد هاني إلي وقد قرر إلغاء مشاركتي، قائلا: سيدي سنخرج كلنا مع ماما لنفطر خارج البيت، شربت قهوتي وانتظرت الخروج معهما مدعوا إلى مكان قريب.
كنت أتجاذب الحديث مع هاني عن المدرسة التي تعد ميدانا عنده لأحداث أسبوعه ومسرحا يوميا لعلاقته بأصدقائه ومدرسيه، أخبرني عن حادثة مختلفة وقعت له في الأسبوع الأخير في مدرسته، قال هاني: وضعت يا سيدي عبوة الماء البلاستيكية في الحقيبة مع الكتب، ولم أحكم إغلاقها وعندما أردت إخراج كتابي وجدته مبللا بالماء الذي انسكب في الحقيبة وأصاب كل كتبي ودفاتري، مما أخجلني من مدرستي التي أخذت بسرعة كل محتويات حقيبتي خارج الفصل وغابت قليلا وعادت وقد جففت كل محتواها.
استيقظت لحظتها في ذاكرتي تفاصيل قديمة - ظننتها قد محيت - لحادثة مشابهة عشتها في الصف الأول الابتدائي قبل أكثر من نصف قرن، كنت يومها أحمل في حقيبتي البسيطة أدوات الأوراق الملونة والمقص الصغير نستخدمها للأعمال الفنية، حيث كنا نقص الورق الملون على أشكال الشجر والناس والبيوت والحيوانات ونلصقها بالصمغ في كراسات الرسم، وهي جزء من حصة الرسم عندنا يومها. استرجعت في خيالي صوت معلم القراءة الذي نهرني عندما لاحظ كتاب «تسهيل الهجا» وقد التصقت أطرافه بالصمغ الذي انسكبت زجاجته في حقيبتي ولوثت كل ما فيها حتى السندويتش الذي الذي أتناوله في ساعة الفسحة، أذكر وقد استشاط المدرس غضبا وكنت أجبته «هذا غرا»، أجبته مرتعبا من سؤاله بلهجته عندما قال منزعجا «إي ده؟» الذي التفت إثره كل الفصل، حيث أدرك الطلاب أن المدرس لم يعرف كلمة «غرا» وأظنه مع الأسف أساء فهمها، مما زاد غضبه وزاد في رعبي.
تدخل لحظتها خالد لفك فتيل هذا التوتر الذي خيم على الفصل وكنت ضحيته، فقال محاولا مساعدتي: يا أستاذ هذا صمغ، عندها هدأ المدرس وكانت «صمغ» كلمة جديدة في قاموسي أنا الطفل الذي لم يتجاوز السادسة، تدخله للمرة الأولى. خالد ما زال صديقي إلى اليوم أشاركه جلسة المقهى الشهرية التي تجمع كل زملاء الفصل الأول الابتدائي، نتذكر فيها كثيرا من أيام المدرسة، وأحجم أنا عن ذكر حادثة «الغرا» معهم.
عاد هاني إلي وقد قرر إلغاء مشاركتي، قائلا: سيدي سنخرج كلنا مع ماما لنفطر خارج البيت، شربت قهوتي وانتظرت الخروج معهما مدعوا إلى مكان قريب.
كنت أتجاذب الحديث مع هاني عن المدرسة التي تعد ميدانا عنده لأحداث أسبوعه ومسرحا يوميا لعلاقته بأصدقائه ومدرسيه، أخبرني عن حادثة مختلفة وقعت له في الأسبوع الأخير في مدرسته، قال هاني: وضعت يا سيدي عبوة الماء البلاستيكية في الحقيبة مع الكتب، ولم أحكم إغلاقها وعندما أردت إخراج كتابي وجدته مبللا بالماء الذي انسكب في الحقيبة وأصاب كل كتبي ودفاتري، مما أخجلني من مدرستي التي أخذت بسرعة كل محتويات حقيبتي خارج الفصل وغابت قليلا وعادت وقد جففت كل محتواها.
استيقظت لحظتها في ذاكرتي تفاصيل قديمة - ظننتها قد محيت - لحادثة مشابهة عشتها في الصف الأول الابتدائي قبل أكثر من نصف قرن، كنت يومها أحمل في حقيبتي البسيطة أدوات الأوراق الملونة والمقص الصغير نستخدمها للأعمال الفنية، حيث كنا نقص الورق الملون على أشكال الشجر والناس والبيوت والحيوانات ونلصقها بالصمغ في كراسات الرسم، وهي جزء من حصة الرسم عندنا يومها. استرجعت في خيالي صوت معلم القراءة الذي نهرني عندما لاحظ كتاب «تسهيل الهجا» وقد التصقت أطرافه بالصمغ الذي انسكبت زجاجته في حقيبتي ولوثت كل ما فيها حتى السندويتش الذي الذي أتناوله في ساعة الفسحة، أذكر وقد استشاط المدرس غضبا وكنت أجبته «هذا غرا»، أجبته مرتعبا من سؤاله بلهجته عندما قال منزعجا «إي ده؟» الذي التفت إثره كل الفصل، حيث أدرك الطلاب أن المدرس لم يعرف كلمة «غرا» وأظنه مع الأسف أساء فهمها، مما زاد غضبه وزاد في رعبي.
تدخل لحظتها خالد لفك فتيل هذا التوتر الذي خيم على الفصل وكنت ضحيته، فقال محاولا مساعدتي: يا أستاذ هذا صمغ، عندها هدأ المدرس وكانت «صمغ» كلمة جديدة في قاموسي أنا الطفل الذي لم يتجاوز السادسة، تدخله للمرة الأولى. خالد ما زال صديقي إلى اليوم أشاركه جلسة المقهى الشهرية التي تجمع كل زملاء الفصل الأول الابتدائي، نتذكر فيها كثيرا من أيام المدرسة، وأحجم أنا عن ذكر حادثة «الغرا» معهم.