تفاعل

ذوو الإعاقة وقرارات وزارة العمل

نورة عبدالكريم الرشيد
لطالما كان وطننا شجرة وارفة تظلل جميع أبنائه بعظيم خيره وعطائه، وسيظل كذلك أبد الدهر إن شاء الله.

ونحن كأسر تضم أفرادا من ذوي الإعاقة، نلاحظ أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد تحاملت كثيرا على ذوي الإعاقة وزادت أوجاعهم من حيث تدري ولا تدري.

وسنفصل الآن بعض القرارات التي حرمت بها الوزارة أبناء الوطن من ذوي الإعاقة من التمتع بظلاله وعطائه:

أولا: ربط إعانة المعاق بدخله، بحيث لو تجاوز 4000 ريال يحرم من الإعانة، ليعلم الجميع أن مستلزمات ذوي الإعاقة كثيرة ومكلفة، وهذا المبلغ الذي يحرمه حقه في الإعانة لا يكفي الفرد المتعافي فكيف بمعاق أجبرته ظروفه على أن يخدمه الآخرون؟ وأعني المعاق حركيا بالذات، كيف سيوفر خادمة وسائقا؟ علما أن الإعانة أقرت للمعاق تحت مسمى «إعانة» أي تعينه على مواجهة الإعاقة ويفترض ألا ترتبط بدخل.

صدقوني مؤلم جدا أن يجتمع فقر مع الإعاقة، فاتقوا الله فيهم.

ثانيا: أصدرت وزارة العمل قرارا يتيح للمعاق إصدار تأشيرة (خادم - سائق) من نفس جنس ذي الإعاقة. للتوضيح كان الهدف من القرار القاضي بإعفاء المعاق من رسوم التأشيرات هو التخفيف عليهم وأسرهم.

لماذا تحاول الوزارة جاهدة التضييق عليهم الآن؟ مثلا إذا كان المعاق شابا وأمه ترعاه، أليس من حق هذه الأم استقدام خادمة تعينها في أعمال المنزل؟ هل من المنطق أن يستقدم خادما يعيش مع الأسرة مثلا؟ أم يعزل المعاق مع خادمه؟ أمر عجيب فعلا. التضييق على الأسر وعدم مساندتهم وتقديم العون لهم قد يضطران بعضهم للتخلي عن المعاق وإيوائه في مراكز التأهيل، وفي ذلك ضرر على جميع الأطراف؛ المعاق والأسرة والدولة (تكلفة إيواء المعاق على الوزارة تصل إلى 5000 ريال شهريا) فمن المجدي إنسانيا واقتصاديا دعم الأسر لا التضييق عليها.

ثالثا: عطلت الوزارة قرار صرف الأجهزة التعويضية من مراكز التأهيل وأمرت بصرف قيمتها لذي الإعاقة أو ولي أمره، وهنا يحق لنا مناقشة الأمر:

- لماذا صرفت المبالغ أقل من قيمة الأجهزة بكثير، وصرفت بعد تعطيل للمستفيد لأشهر عدة؟

- بعض أولياء الأمور غير أمناء مع من هم تحت رعايتهم، فلماذا لا تفعل الوزارة الزيارات المنزلية لتفقد ذوي الإعاقة وترى واقعهم؟

- لماذا لا تمنح الإعانة لأمهات الأطفال ذوي الإعاقة؟ فهن أجدر بذلك وأكثر حنانا وأعلم بما يحتاجه أطفالهن.

وسمعنا كثيرا عن آباء استغلوا المبالغ لهم شخصيا.

رابعا: برنامج الرعاية المنزلية أطلقته الوزارة في 2016/‏12/‏1

م لمدة 34 شهرا وبقيمة إجمالية تجاوزت 82 مليونا، يقدم خدماته لذوي الإعاقة وكبار السن في منازلهم، مع الأسف انتهى البرنامج وكثير من ذوي الإعاقة لم يستفيدوا منه أو لم يسمعوا عنه.

ليت الوزارة تراجع فعالية برامجها ووصولها لجميع من خصصت لهم، ونتمنى أن تفعل دورها في رعاية ذوي الإعاقة رعاية حقيقية، بحيث تهتم بتكامل الخدمات المقدمة لهم ولا تحرم أولئك الذين يعيشون في أسر مهملة أو غير واعية أو فقيرة. الله الله بالزيارات المنزلية فهي عينكم التي لا تكذب.

خامسا: الضمان والإعاقة حكاية أخرى، لا بد من سردها لعلها تجد أذنا واعية وقلوبا مليئة بالرحمة فتتغير الأنظمة للأفضل. تنص الأنظمة على أن أي معاق لا يستطيع العمل ويتجاوز عمره الـ 18 عاما يحق له التقديم للضمان إذا لم يتجاوز دخله ألفي ريال. أسألكم بالله، هل هذا المبلغ يعد دخلا كافيا لمعاق؟ ارفعوا الحد رجاء.

حكاية أخرى، شاب توفي والده وعمره 17 عاما مثلا، وحين بلغ الـ 18 قدم على الضمان، ورفضه برنامج الضمان لأنه يحصل على ألفي ريال من تقاعد والده! شعر بالظلم لأنه فقد والده وحرم الضمان، بينما آخر مثلا سيسجله الضمان الاجتماعي حتى لو كان دخل والده (الحي) مئة ألف! أظنه تناقض، وعلى الوزارة أن تبحث في تفاصيل أنظمتها، وأن تنظر بعين الرحمة والتفهم لأوضاع ذوي الإعاقة. وليتذكر الجميع أن الإعاقة لم تكن خيارا لهم ولا لأسرهم. وليكن شعار العاملين في الوزارة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم».

سادسا: نعلم يقينا أن ولاة الأمر - حفظهم الله وسدد خطاهم - يطمحون ويسعون لرفاهية المواطنين وأن ذوي الإعاقة في قائمة اهتمام الدولة أعزها الله. لذلك أقرت تنظيم هيئة رعاية ذوي الإعاقة في 2018/‏2/‏13

، والذي لم يفعل حتى الآن، ورغم مرور تسعة أشهر إلا أن ذوي الإعاقة ينتظرون تفعيل هذه الهيئة على أحر من الجمر، ويتطلعون إلى أن تقوم هذه الهيئة بدورها، بحيث تجمع وتستفيد من الجهود الكثيرة المبعثرة من وزارات الصحة والتعليم والتنمية والبلدية والقروية والنقل. هيئة تستغل الجهود وتوحدها وتحسن الخدمات والأهم تحفظ كرامة وحقوق ذوي الإعاقة.

ولتحقيق ذلك لا بد أن تكون الهيئة مستقلة عن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وخارج سلطتها وليست تحت مظلتها.

ختاما، ومع احتفال العالم باليوم العالمي للإعاقة في 3 ديسمبر نرجو أن تسعى الوزارة لتحقيق طموحات الدولة في إعطاء ذوي الإعاقة حقوقهم ورعايتهم، ونثق بأن ذلك لن يكون إلا بتواصلها الفعلي معهم وتحسسها لهمومهم، والسعي الجاد والحثيث لتقديم الأفضل لهم. ولكل مخلص أمين من أبناء الوطن صادق الدعاء بالتوفيق والسداد.