الرأي

لماذا ألغيت الكلية التقنية بمكة؟

أحمد صالح حلبي
قبل سنوات مضت برزت المؤسسة العامة للتدريب الفني والتعليم المهني ـ آنذاك ـ كجهة حكومية تعنى بإعداد وتأهيل الشباب للأعمال المهنية، فافتتحت العديد من مراكز التدريب المهني التي كانت تقبل الطلاب الحاصلين على المؤهل الابتدائي، وكانت الدراسة بها على فترتين صباحية وأخرى مسائية للراغبين من الموظفين وغيرهم، غير أن هذه المراكز ألغيت مع مرور السنين وكأننا بلغنا درجة الاكتفاء الذاتي من الأيدي العاملة في مجالات السباكة والنجارة والحدادة وميكانيكا السيارات وغيرها، وأصبح قبول الطلاب بالتعليم الفني والمهني يعتمد على المؤهل الثانوي في الكليات التي أنشئت وبنسب عالية، فالتحق عدد من الشباب بها على أمل أن يجدوا بعد تخرجهم الفرص الوظيفية التي وعدوا بها، غير أن آمالهم وأحلامهم ذهبت سدى، فالدبلوم الذي يحصلون عليه غير معتمد لدى وزارة الخدمة المدنية، وهو ما يعني عدم توفر وظائف تتناسب ومؤهلاتهم!

وبعيدا عن الكليات التي يحلم بها الشباب، نجد أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، لم يعد أمامها من تفكير سوى إلغاء الكلية التقنية بمكة المكرمة، وكأنها ـ أي الكلية ـ حجر عثرة في طريق تطوير أداء المؤسسة، ولذلك تم إقرار تحويل طلابها وأعضاء هيئة تدريسها إلى الكلية التقنية بالجموم، دون أن يكون هناك إيضاح للأسباب، وهو ما يطرح الأسئلة التالية:

لماذا اتخذ هذا القرار بحق كلية مكة المكرمة دون سواها من الكليات الموجودة بمدن ومحافظات المملكة؟

وهل أصبحت محافظة الجموم أعلى درجة في التنظيم الإداري من مكة المكرمة؟

وكيف تحول فرع الكلية بالجموم إلى أصل، وتحول أصل الكلية بمكة المكرمة إلى فرع؟

وإن كان الهدف من نقل الكلية هو إحداث تطوير للعملية التعليمية والتدريبية، فلماذا لم يتم نقل الكلية التقنية من محافظة جدة إلى محافظة أخرى؟

ولماذا بقيت الكلية التقنية في محافظة الطائف بموقعها ولم تنقل؟

لكن الواضح أن الهدف من النقل هو إلغاء الكلية التقنية بمكة المكرمة كليا، لكني هنا أقول: لماذا لم تعلن المؤسسة هذا صراحة؟

وكيف تجعل النقل سلما تتسلق عليه؟ خاصة أن مبنى الكلية الحالي بمكة المكرمة ملك للمؤسسة، وبعيد عن المناطق السكنية، وليس له أي تأثير على حركة السير، في حين أن فرع الكلية بالجموم، يبعد عن مكة المكرمة نحو 25 كلم، ويتأثر منه الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفون في موسم الحج نتيجة لحركة السير وازدحام الطريق، وتكدس السيارات عند مراكز الضبط، ومراكز توجيه حافلات نقل الحجاج في موسم الحج، فهل الهدف من النقل إبعاد الطلاب عن مناطق الازدحام، أم إدخالهم لمناطق الازدحام؟

وليت المسؤولين بالتعليم التقني والفني يقومون بزيارة ميدانية للموقع الحالي بالعمرة، والموقع الجديد بالجموم وينفذوا دراسة لقياس المسافة التي سيقطعها الطالب من مقر سكنه بمخططات ولي العهد جنوب مكة المكرمة، أو مخططات الشرائع إلى محافظة الجموم، وهل تعد هذه المسافة مشجعة لالتحاق الطلاب بالكلية؟

والواضح أن نقل الكلية التقنية من مكة المكرمة هو إلغاء لها، وجاء دون أي دراسة مسبقة، وهو ما يعني أن بعض مسؤولينا يتخذون قراراتهم وفقا للمزاجية ودون أي دراسة أو تحليل.

وفي الختام أقول: من هو المسؤول الشجاع بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الذي يملك الشجاعة ويخرج عن صمته ويوضح حقيقة إلغاء الكلية التقنية بمكة المكرمة؟

ahmad.s.a@hotmail.com