الرأي

ابني يعاني من التنمر

بندر الزهراني
بعض أبنائنا التلاميذ يرتكبون مخالفات سلوكية ضد أقرانهم في أماكن مختلفة داخل الصف وخارجه، إلا أن وقت الاستراحة (الفسحة الكبيرة) ونهاية اليوم الدراسي خارج أسوار المدرسة يمثلان أوقات ذروة لهذه السلوكيات، على شكل ألفاظ نابية أو عبارات استهزاء، وفي مراحل متأخرة تصل إلى الاشتباك بالأيدي وبما يستطاع إليه سبيلا، وهنا يبدأ لفت الأنظار ويحدث تجمع فوضوي (هيصة) من أبنائنا التلاميذ، كل هذا يحدث بسرعة متناهية ويبدأ دور المعلم المناوب في فض الاشتباك، ومحاولة السيطرة على الموقف ورفع الصوت لإيقافهم، وحال إنهاء الموقف تتخذ إجراءات إدارية تربوية بحسب اللائحة السلوكية (إذا لم يتم حلها وديا).

وهذا أمر يحدث في مدارسنا، وهنا يبدأ تحليل الموقف ما إذا كان الطرفان في نفس المرحلة الدراسية والتكوين الجسماني والقوة، أو أن هناك ميلا في موازين القوى لصالح أحد الأطراف، ثم نبدأ بتصنيف المشكلة ما إذا كانت مشكلة سوء فهم أو تنمر، وعلى هذا يجب أن يكون التعامل مختلفا، فإذا تساوت القوى كان الموقف أقل تعقيدا، وإذا اختلفت تبدأ فرضية التنمر الذي يعد أكثر تعقيدا.

التنمر خطر موجود داخل مدارسنا، ومؤثر على أبنائنا من أقرانهم الأكبر جسما والأكثر قوة والأسلط لسانا، وله أشكال وأنماط مختلفة تصب في نهاية الأمر كأذى جسدي ونفسي بالابن الأصغر والأضعف، وهذا أمر له آثار سلبية ومريعة على صحة أبنائنا النفسية والجسدية، تصل إلى مراحل صعبة في بعض الحالات، فيرفض الابن الذهاب إلى المدرسة بحجج واهية، وهل يلام؟! فقد أصبحت المدرسة بيئة مزعجة بل مؤذية له، وهنا على الأب والأم التنبه لذلك والتحدث مع الابن مع وضع فرضية التنمر، والتدخل السريع في حال ثبوت الفرضية عن طريق زيارة المدرسة، والتحدث إلى إدارة المدرسة لوقف عملية التنمر ومحاسبة وضبط سلوك المتنمر.

الحديث عن التنمر في مدارسنا هدفه لفت الانتباه لهذا السلوك الذي أراه في تزايد بين أبنائنا، ويأخذ وقتا وجهدا كبيرين في التعامل معه من قبل المدرسة، ويزيد الأمر صعوبة إهمال الأسرة لابنها المتنمر، وعدم تعاونها مع المدرسة لحل المشكلة، وأيضا عدم وجود إجراءات مناسبة وقوية رادعة للمتنمرين في حال تكرار تنمرهم وعدم استجابتهم للوائح السلوك داخل المدرسة.

لذلك أقترح حلا لهذه المشكلة بأن يسن قانون داخل المدارس يفرض على التلميذ المتنمر صعب المراس حضور جلسات علاجية عند أخصائي نفسي، وإثبات ذلك لإدارة المدرسة أو يتم تعليق الدراسة للمتنمر في حال عدم حضور هذه الجلسات. ربما يجد البعض أن تعليق الدراسة للمتنمر فيه إجحاف أو مبالغة في الإجراءات المتبعة، ولكن لو نظرنا إلى الموضوع من زاوية أخرى سنجد أن المتنمر يتسبب في أضرار أكثر وأبلغ على التلميذ المتضرر، والله وحده يعلم كم من تلميذ يعاني ويمنعه الخوف من الإفصاح.

وللمعلومية فإن مدارسنا تحوي أعدادا كبيرة من التلاميذ، ومهما بلغ حرص منسوبي المدرسة على عدم حدوث خلافات بين الأبناء فهذا الأمر يصعب التحكم فيه، خاصة مع وجود أوقات ومناطق عمياء داخل المدرسة يستغلها المتنمرون في صب أذاهم على أبنائنا التلاميذ.

أخيرا أقول إن التلاميذ الأصغر والأضعف بنية لا بد أن يكون هناك قانون يحميهم ضد التنمر، داخل المدارس وخارج أسوارها، وأن يعطى هذا الموضوع أهمية قصوى، فلهم كامل الحق في بيئة مدرسية آمنة ومطمئنة، تبعث على ممارسة التعلم واكتساب المهارات بعيدا عن الخوف والقلق والتوتر.

bandrzhrani@gmail.com