الغباء الساخن !
سنابل موقوتة
الاحد / 17 / ربيع الأول / 1440 هـ - 19:00 - الاحد 25 نوفمبر 2018 19:00
كنت أود الاعتذار عن غياب الأيام الماضية، لكني لن أفعل ذلك لعدة أسباب، لعل واحدا منها خشيتي من أنه لم ينتبه أحد لذلك الغياب من الأساس. وليس أقسى من الغياب إلا مروره دون أن ينتبه له أحد. وخشيت على نفسي من أن تُجرح وهي غير معتادة على ذلك.
والجرح بالجرح يذكر، فقد تعرضت لحرق في راحة كفي الأيمن الذي أستخدمه في الكتابة وفي أشياء أخرى كثيرة لم أكن أفكر فيها من قبل، وهذا أمر لا يتعلق بكفي فقط، فكل الأشياء ـ وحتى البشر ـ لا نعرف قيمتها الحقيقية إلا حين نفقدها، أما وهي موجودة فإننا في الغالب لا نقدر قيمة ذلك العمل أو الجهد أو الإنسان، ولا ما هي الأشياء التي يعطينا إياها وجوده.
كان حرق يدي سببا جوهريا في اكتشافي لعدد من الحقائق ـ إضافة إلى أهمية يدي بالطبع ـ لم أفكر فيها من قبل كثيرا، من هذه الحقائق أن النار حارة جدا، وأن حروقها مؤذية ومؤلمة كثيرا. أما الحقيقة الأهم التي لم يعد هناك مجال للتغافل عنها فهي أني غبي. وقد حاولت البحث عن كلمة أكثر لطافة ولكني في الحقيقة لم أجد كلمة أكثر ملاءمة للطريقة التي أحرقت بها يدي من هذه الكلمة المحترمة.
ويبدو أن فيروسا ينتشر في الأجواء هذه الأيام ينشر وباء الغباء، فقد لاحظت أنه بدأ يتحول إلى سلوك عام، وقد لا تكون ملاحظاتي دقيقة، وأن كل ما في الأمر أني أريد أن أبرر لنفسي غباءها من خلال إيهامها بأن كل الناس كذلك. وهو شعور يبعث على الراحة حين ترتكب أمرا فظيعا ثم تبدأ في البحث عن قصص مشابهة لتسويقها على منتقديك بدلا من الاعتراف فقط بأنك أخطأت.
والغباء مراحل ودرجات ومقامات، مثله مثل أي شيء آخر، فغبي مثلي قد يتسبب في حرق يده اليمنى فيحرج اليسرى، وغبي آخر قد يتسبب في إحراج أسرته، وغبي ثالث قد يحرج وطنه ويجعله في مرمى نيران كارهيه. وهناك أغبياء بالطبع يحرجون كوكب الأرض أمام الكواكب الأخرى السابحة في ملكوت الله.
وعلى أي حال..
أفكر في التأمين على يدي كما يفعل اللاعبون مع أقدامهم، صحيح أن يدي أهم من رجل ميسي فهو لا يحلق ولا يأكل بقدمه، ولا يستخدم أصابع قدمه في حواراته الفكرية مع مخالفيه. ولكني سأقبل بالتأمين بمبلغ مماثل للمبلغ الذي أمن به على قدمه من باب زهدي وقناعتي وتواضعي، وهي صفات مصاحبة للغباء كما تعلمون.
agrni@
والجرح بالجرح يذكر، فقد تعرضت لحرق في راحة كفي الأيمن الذي أستخدمه في الكتابة وفي أشياء أخرى كثيرة لم أكن أفكر فيها من قبل، وهذا أمر لا يتعلق بكفي فقط، فكل الأشياء ـ وحتى البشر ـ لا نعرف قيمتها الحقيقية إلا حين نفقدها، أما وهي موجودة فإننا في الغالب لا نقدر قيمة ذلك العمل أو الجهد أو الإنسان، ولا ما هي الأشياء التي يعطينا إياها وجوده.
كان حرق يدي سببا جوهريا في اكتشافي لعدد من الحقائق ـ إضافة إلى أهمية يدي بالطبع ـ لم أفكر فيها من قبل كثيرا، من هذه الحقائق أن النار حارة جدا، وأن حروقها مؤذية ومؤلمة كثيرا. أما الحقيقة الأهم التي لم يعد هناك مجال للتغافل عنها فهي أني غبي. وقد حاولت البحث عن كلمة أكثر لطافة ولكني في الحقيقة لم أجد كلمة أكثر ملاءمة للطريقة التي أحرقت بها يدي من هذه الكلمة المحترمة.
ويبدو أن فيروسا ينتشر في الأجواء هذه الأيام ينشر وباء الغباء، فقد لاحظت أنه بدأ يتحول إلى سلوك عام، وقد لا تكون ملاحظاتي دقيقة، وأن كل ما في الأمر أني أريد أن أبرر لنفسي غباءها من خلال إيهامها بأن كل الناس كذلك. وهو شعور يبعث على الراحة حين ترتكب أمرا فظيعا ثم تبدأ في البحث عن قصص مشابهة لتسويقها على منتقديك بدلا من الاعتراف فقط بأنك أخطأت.
والغباء مراحل ودرجات ومقامات، مثله مثل أي شيء آخر، فغبي مثلي قد يتسبب في حرق يده اليمنى فيحرج اليسرى، وغبي آخر قد يتسبب في إحراج أسرته، وغبي ثالث قد يحرج وطنه ويجعله في مرمى نيران كارهيه. وهناك أغبياء بالطبع يحرجون كوكب الأرض أمام الكواكب الأخرى السابحة في ملكوت الله.
وعلى أي حال..
أفكر في التأمين على يدي كما يفعل اللاعبون مع أقدامهم، صحيح أن يدي أهم من رجل ميسي فهو لا يحلق ولا يأكل بقدمه، ولا يستخدم أصابع قدمه في حواراته الفكرية مع مخالفيه. ولكني سأقبل بالتأمين بمبلغ مماثل للمبلغ الذي أمن به على قدمه من باب زهدي وقناعتي وتواضعي، وهي صفات مصاحبة للغباء كما تعلمون.
agrni@