الرأي

منتم بلا دراية

حسنة القرني
لا يمكن لأحد أن ينكر ما مارسه كل من تيار سلفية الصحوة، وجماعة إخوان السعودية، من ربط وخلط بين تعاليم الدين الإسلامي والعادات والتقاليد الاجتماعية، ودعم مطالب القضية العربية الفلسطينية من جهة ودمجها مجتمعة مع أفكار التيار/الجماعة وغاية كل منهما من جهة أخرى، وذلك رغبة في الانتشار وحصد الشعبية، من منطلق شرعية ومشروعية ورسوخ تلك المعتقدات الدينية والاجتماعية والحقوقية العادلة لدى الفرد والمجتمع من ناحية، ومن ناحية أخرى انتزاع وعي وإدراك المواطن في السعودية وتجهيله عن أمر انتمائه إلى فكر أحدهما وبأنه أصبح مواطنا مؤدلجا برتبة تابع للتيار/ للجماعة، حتى إذا ما تم سقوط شخوص التيار/ الجماعة، وانكشاف إرهابية فكرهما وشيطانية أهدافهما بقيت أفكارهما متجذرة في ذهنية الفرد والمجتمع، على اعتبار أنهما ينطلقان من الرباعية المقدسة لديه «الدين، العادات، التقاليد، أحقية القدس وفلسطين للمسلمين» الواجب الحفاظ عليها ضمن الثوابت عند المسلم، كما من شأن ذلك أن يشعل التأييد الفكري والولاء الشخصي للشخوص وأفكارهم في شكل تعاطف مسوغ بوجهات نظر مؤدلجة وغير واعية وغير مدركة.

ومن المؤكد أن اللا وعي لا يخلق تيارا، وإنما الوعي بأهمية وجود أتباع بلا وعي هو الذي يصنع انتشارا واستمرارية لفكر التيار/ الجماعة المتأسلم والمسيس بأهداف ضد الإنسان والحياة والوطن والمواطنة، كما من شأنه صنع مقاومة غير واعية عند محاولة الاعتراض على

هذا الفكر أو تلك الشخوص.

شاهد ذلك ما نراه من مبررات ومسوغات بعض المواطنين الرافضين لبعض المعتقدات الدينية الخلافية السمحة، والمعتقدات الاجتماعية الحديثة، والحرية الفردية، وبعض صور المواطنة، وبعض جوانب المدنية، إلى جانب صور الحقوق، ولا سيما للمرأة، ووصفها في عدائية مطلقة باسم الليبرالية، في عملية خلط غير واعية وغير مدركة، أو شتمها على اعتبار أنها عادات مرفوضة ودخيلة على المجتمع. تماما كما هو معمول به ضمن أبجديات فكر تيار سلفية الصحوة وجماعة إخوان السعودية اللذين مارسا المعارضة نفسها للوسطية، والخلاف والاختلاف، والمدنية، في شكل مواجهة وخصومة معروفة دائما وأبدا بأنها حرب ضد الليبرالية المنحلة والتغريب.

وبرهان ذلك رفض أصحاب الفكر المؤدلج وصف أحدهم بالسلفي أو الصحوي أو الإخواني، كأنما أنت حينما تصفه بما فيه ويمارسه حقا بلا وعي منه تسبه، أو تلفق له تهمة انتماء للتيار أو للجماعة! عدا وقوع بعضهم في إشكالية الخلط بين أفكار وشخوص تيار سلفية الصحوة وجماعة إخوان السعودية، مما يؤكد عملية انتمائهم فكريا بلا وعي أو إدراك للتيار/ للجماعة أو كليهما معا بلا دراية كإيضاح لمعنى تجهيل الجماهير وتدجينها فكريا باستخدام عملية تسويق مشاهير شخوص التيار /الجماعة وأفكارها من خلالهم.

alqarnihasna@