الرأي

أعطني مالا وارمني في السوق!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
لا أعلم يقينا هل يوجد يوم للمتزوجين، أم إنه لم يتم اختراعه بعد، لكن يوم العزاب هو اليوم الذي يصادف 11/‏11 من كل عام في رمزية إلى تكرار الرقم «1» الذي يدل على العزوبية. وفي هذا اليوم كان الخبر الأكثر تداولا هو أن مبيعات موقع علي بابا تجاوزت مبيعات أمازون في هذا اليوم المبارك.

لم يكن الخبر عن العزوبية ولا عن الزواج ولا عن الكائنات وحيدة الخلية ولا عن التكاثر بالانشطار، وهذا قد يوضح حقيقة مثل هذه الأيام الاحتفالية التي تعج بها أيام السنة، مثل يوم الأب ويوم الأم وعيد الحب وعيد الطلاق ويوم البيئة ويوم الماء ويوم القهوة ويوم الشاهي بالنعناع، ويوم الأهداف التي يتسبب فيها حراس المرمى وغير ذلك من الأيام.

هي ليست أكثر من فكرة تسويقية ناجحة، فالشركات تصنع منتجات لا يحتاجها الناس، ثم تخترع مناسبات لتسويق تلك السلع. ومع مرور القوت يصبح إيمان الناس بهذه الأيام أكثر من إيمان مخترعها.

وإذا لم يكن هناك يوم للمتزوجين فإن هذا الأمر يبدو منطقيا وفي سياقه، لأن المتزوج هدف دائم لشراء أي شيء في جميع أوقات السنة دون حاجة لاختراع الأيام. هذه مهمة المتزوجين على مدار الساعة وليس على مدار السنة.

وأعرف أمة من الأمم ـ دون ذكر أسماء ـ يعد التسوق هو الترفيه المفضل لديها في حلها وترحالها، وأينما نزلوا وحلوا خرجوا ببضائع قد لا يحتاجونها حتى الجيل الرابع.

وأعتقد أن عدد الأسواق والمجمعات التجارية في مدن هذه الأمة المباركة دليل واضح وجلي على أن الشراء هو هوايتها الأولى. وهو ليس من سعة في كل الأحوال، بل في أحيان كثيرة يشترون في أول الشهر بجل ما يفترض أنه رصيدهم لكامل ذلك الشهر.

كان يدهشني ويصدمني وجود هاتفين نقالين في جيب طالب جامعي، ثم إني لم أعد أستغرب الآن وقد أصبح بعض طلاب الثانوية والمتوسطة يمتلكون هواتف أكثر مما يمتلكه الرئيس التنفيذي لشركة أبل أو سامسونج.

بالطبع لست ضد هذا فأنا ـ كما تعلمون ـ لست ضد أي شيء، كل ما في الأمر أني أخبركم بأني كنت أستغرب ثم انتهيت عن الاستغراب والاندهاش وكل مشتقاتهما، وأرجو ألا يغضب أحد من تغير طباعي.

وعلى أي حال..

الذي حدث بعد أن كثرت السلع، وأصبح الكائن البشري أكثر هوسا بما لا يحتاج هو أنه نفسه تحول إلى سلعة. أنا وأنت وهي وهو وكل بياناتنا ومعلوماتنا وتصرفاتنا وعاداتنا وأفكارنا لسنا سوى سلع أيضا تباع وتشترى حتى يتقدم علي بابا على أمازون أو ينفرد أمازون بالمركز الأول في يوم العزوبي الذي لا ناقة له في ذلك ولا جمل. وقس على ذلك كل ما تسمعه من كل «البياعين» في كل أرجاء المعمورة.

agrni@