الجودة على أصولها!
الاحد / 3 / ربيع الأول / 1440 هـ - 18:30 - الاحد 11 نوفمبر 2018 18:30
قبل أيام احتفل العالم بيوم الجودة، وقبلها احتفل بيوم المعايير، وسيحتفل بعدها بيوم الاعتماد.
ولأن الجودة ضالة أهل الأرض أجمعين الذين يبحثون عن بيئات عمل مثالية وأسلوب حياة life style صحي فإنه لا خلاف على حسن المقصد وجمال النتائج وأهمية التطوير المتوخى من عمليات الجودة Quality operations بكاملها.
الأسئلة والألسنة الحادة التي يمكن أن ترشق بها عمليات الجودة ليست نابعة من الجودة Quality كفكر أو كمفهوم، ولكنها نابعة من أمرين، أولهما متطلبات الجودة Quality pre-requisites، وثانيهما تطبيق الجودة Quality execution!
ففي مجال متطلبات الجودة في بيئة الأعمال العصرية لا يمكن بحال أن ننشد الجودة في بيئة تفتقر إلى خدمات الانترنت، والتجهيزات الملائمة، ورأس المال البشري المؤهل، والتوصيف الواضح للأدوار الذي لا يحتمل سوى تفسير واحد، والبيئة المادية المناسبة، والوفورات المالية لمواجهة النقص وتجويد المتاح.
سأسهل الأمر على غير المختصين بضرب أمثلة لما يمكن أن يكون نوعا من الهرطقة Heretic حينما نمارس أدوار الجودة بمعزل عن متطلباتها:
هل يمكن لدائرة عمل أن تقوم بأدوار التواصل مع المستفيدين بفاعلية في ظل عدم وجود انترنت علاوة على عدم توفر بريد الكتروني أو موقع رسمي أو حساب على وسائل التواصل الاجتماعية؟
كيف يمكن لدائرة ما أن تجود أعمالها وتحسن أسلوب العمل بباب مخلوع وحديقة ناشفة حاشفة ومواقف غير مهيأة ومبان قديمة منع من إصلاحها سوء الإدارة أو نقص الدعم المادي أو غياب المتابعة؟
مثال أخير، هل تستطيع دائرة ما أن تجعل الجودة عنوانا لها في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة عن التطور عبر مراحل عمر المنشأة والخطط المقترحة لأخذ الماضي ركيزة لتطوير المستقبل؟
المؤكد أن أي عمل للجودة في ظل غياب كل ما سبق يعد عبثا منمقا لا تبنى عليه قرارات ولا يعامل كمرتكز للتحسين أو مصدر لإنعاش المنشأة.
وحين ننتقل من متطلبات الجودة إلى تطبيقها فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا، خاصة حينما ندرك أن كل عنصر يكتب في بطاقة الجودة لا بد أن يكون متوافقا تمام الوفاق مع المنشأة التي صمم لها!
وعليه فإنه لا يمكن بحال القبول بفكرة بطاقة جودة موحدة Unified QA صالحة للاستخدام في المشفى والمدرسة والبريد ومصنع العطور ودور العرض ومطاعم المدينة! لا يمكن أيضا أن نقبل بفكرة الحصول على شهادة الجودة بنفس الرقم ومن نفس الجهة المانحة في كل هذه المنشآت رغم اختلاف الأنشطة وتنوع المهام وتعدد المرجعية. نعم ربما يكون هناك نقاط التقاء في كل هذه المنشآت كوسائل السلامة وما شابهها، لكن لا يمكن أن تكون هذه المنشآت استنساخا بعضها من بعض.
بطاقة تقييم الجودة يا سادة لا يجب أن تكون الأخت الشقيقة لبطاقة تقييم الأداء الوظيفي التي تستخدمها المنشآت، ولا يجب أيضا أن تحتوي على نقاط غير قابلة للقياس أو البحث أو المصادقة إذا كنا نبحث فعليا عن انعكاس حقيقي للجودة على أرض الواقع.
أمر آخر يتعلق بالقائمين على أعمال الجودة، وهو في الأهمية، الجودة تخصص وليست مادة عامة متاحة للجميع، وهذا يعني أن للجودة أصولها ومدارسها وجهاتها التي تمنحها، ولا أقل من أن يتسلح القائمون عليها بهذا العتاد حتى تتحول مهامهم من غلبة الظن إلى صدق اليقين نحو أي قرار يتعلق بجودة منشأة من عدمها.
أختم بالقول إن الجودة ما دخلت في أمر إلا وجملته، ولا طبقت - كما يجب - في منشأة إلا وأحالتها إلى قبلة في الجمال والتكامل والإبداع، ولكي يستمر هذا الألق ويتواصل هذا البريق فإن الجهات القائمة على الجودة والاعتماد مطالبة بأن تفصح عن كل معايير الجودة المطلوبة بدقة ووضوح ومطالبة أيضا بأن يكون لديها تخصيص customization ونسخ متعددة من بطائق الجودة، تأخذ من الخبرات العالمية ثوابت الأداء وتحور ما يلزم ليتناسب مع البيئة المحلية، كما أن الجودة تتطلب أيضا دعما ماديا ومعنويا للجهات المراد تقييمها كونها تدلف إلى كل غرفة في أي منشأة، وحين يتاح كل هذا فإننا سنكون على موعد مع حدث جميل يبهج الجميع عنوانه أقل ما يوصف بأنه جودة عالمية الهوى محلية الهوية وللجمال بقية!
dralaaraj@
ولأن الجودة ضالة أهل الأرض أجمعين الذين يبحثون عن بيئات عمل مثالية وأسلوب حياة life style صحي فإنه لا خلاف على حسن المقصد وجمال النتائج وأهمية التطوير المتوخى من عمليات الجودة Quality operations بكاملها.
الأسئلة والألسنة الحادة التي يمكن أن ترشق بها عمليات الجودة ليست نابعة من الجودة Quality كفكر أو كمفهوم، ولكنها نابعة من أمرين، أولهما متطلبات الجودة Quality pre-requisites، وثانيهما تطبيق الجودة Quality execution!
ففي مجال متطلبات الجودة في بيئة الأعمال العصرية لا يمكن بحال أن ننشد الجودة في بيئة تفتقر إلى خدمات الانترنت، والتجهيزات الملائمة، ورأس المال البشري المؤهل، والتوصيف الواضح للأدوار الذي لا يحتمل سوى تفسير واحد، والبيئة المادية المناسبة، والوفورات المالية لمواجهة النقص وتجويد المتاح.
سأسهل الأمر على غير المختصين بضرب أمثلة لما يمكن أن يكون نوعا من الهرطقة Heretic حينما نمارس أدوار الجودة بمعزل عن متطلباتها:
هل يمكن لدائرة عمل أن تقوم بأدوار التواصل مع المستفيدين بفاعلية في ظل عدم وجود انترنت علاوة على عدم توفر بريد الكتروني أو موقع رسمي أو حساب على وسائل التواصل الاجتماعية؟
كيف يمكن لدائرة ما أن تجود أعمالها وتحسن أسلوب العمل بباب مخلوع وحديقة ناشفة حاشفة ومواقف غير مهيأة ومبان قديمة منع من إصلاحها سوء الإدارة أو نقص الدعم المادي أو غياب المتابعة؟
مثال أخير، هل تستطيع دائرة ما أن تجعل الجودة عنوانا لها في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة عن التطور عبر مراحل عمر المنشأة والخطط المقترحة لأخذ الماضي ركيزة لتطوير المستقبل؟
المؤكد أن أي عمل للجودة في ظل غياب كل ما سبق يعد عبثا منمقا لا تبنى عليه قرارات ولا يعامل كمرتكز للتحسين أو مصدر لإنعاش المنشأة.
وحين ننتقل من متطلبات الجودة إلى تطبيقها فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا، خاصة حينما ندرك أن كل عنصر يكتب في بطاقة الجودة لا بد أن يكون متوافقا تمام الوفاق مع المنشأة التي صمم لها!
وعليه فإنه لا يمكن بحال القبول بفكرة بطاقة جودة موحدة Unified QA صالحة للاستخدام في المشفى والمدرسة والبريد ومصنع العطور ودور العرض ومطاعم المدينة! لا يمكن أيضا أن نقبل بفكرة الحصول على شهادة الجودة بنفس الرقم ومن نفس الجهة المانحة في كل هذه المنشآت رغم اختلاف الأنشطة وتنوع المهام وتعدد المرجعية. نعم ربما يكون هناك نقاط التقاء في كل هذه المنشآت كوسائل السلامة وما شابهها، لكن لا يمكن أن تكون هذه المنشآت استنساخا بعضها من بعض.
بطاقة تقييم الجودة يا سادة لا يجب أن تكون الأخت الشقيقة لبطاقة تقييم الأداء الوظيفي التي تستخدمها المنشآت، ولا يجب أيضا أن تحتوي على نقاط غير قابلة للقياس أو البحث أو المصادقة إذا كنا نبحث فعليا عن انعكاس حقيقي للجودة على أرض الواقع.
أمر آخر يتعلق بالقائمين على أعمال الجودة، وهو في الأهمية، الجودة تخصص وليست مادة عامة متاحة للجميع، وهذا يعني أن للجودة أصولها ومدارسها وجهاتها التي تمنحها، ولا أقل من أن يتسلح القائمون عليها بهذا العتاد حتى تتحول مهامهم من غلبة الظن إلى صدق اليقين نحو أي قرار يتعلق بجودة منشأة من عدمها.
أختم بالقول إن الجودة ما دخلت في أمر إلا وجملته، ولا طبقت - كما يجب - في منشأة إلا وأحالتها إلى قبلة في الجمال والتكامل والإبداع، ولكي يستمر هذا الألق ويتواصل هذا البريق فإن الجهات القائمة على الجودة والاعتماد مطالبة بأن تفصح عن كل معايير الجودة المطلوبة بدقة ووضوح ومطالبة أيضا بأن يكون لديها تخصيص customization ونسخ متعددة من بطائق الجودة، تأخذ من الخبرات العالمية ثوابت الأداء وتحور ما يلزم ليتناسب مع البيئة المحلية، كما أن الجودة تتطلب أيضا دعما ماديا ومعنويا للجهات المراد تقييمها كونها تدلف إلى كل غرفة في أي منشأة، وحين يتاح كل هذا فإننا سنكون على موعد مع حدث جميل يبهج الجميع عنوانه أقل ما يوصف بأنه جودة عالمية الهوى محلية الهوية وللجمال بقية!
dralaaraj@