الرأي

الحديدة.. وتجار الحرب

حسن علي القحطاني
الحديدة رئة اليمن التي يتنفس من خلالها الحوثي، وتحريرها على يد الجيش اليمني وقوى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وشقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة بات وشيكا، وأتوقع بإذن الله أن نرى عودة الحديدة إلى حضن الحكومة الشرعية اليمنية قبل نهاية هذا الأسبوع إذا استمرت العمليات العسكرية بنفس العزيمة القتالية وجودة خطط الاشتباك، بل إن هذا سيمهد لتحرير باقي المحافظات المحتلة تباعا، وفي وقت قصير بإذن الله (وهذا ما أتوقعه)، وتخليص اليمن من أقسى مراحل حربه.

تحرير الحديدة وبكل ما يحمل من أبعاد استراتيجية مهمة إنسانيا وعسكريا وتنمويا، سترافقه يقظة مفاجئة لصوت الضمير الميت عند تجار الحرب المجرمين، ومنظري الأيديولوجيات الغوغائيين، والداعمين لمشروع التوسع الإيراني من الخونة والعملاء والمنافقين، سيناشدون دول العالم كله للتوسط وقبول هرولة الحوثي وعصابته الإرهابية للسلم، وتسليم أسلحتهم صاغرين، مؤملين أن يبقى هذا الورم السرطاني ضمن النسيج الاجتماعي اليمني والعربي، ناسين أو متناسين حقيقة يكررها اليمنيون دائما بأن أكبر كوارث اليمن هي بقاء أرضهم تحت احتلال ميليشيات الحوثي الإيرانية، وأن جرائم الحوثي وميليشياته من قتل الأبرياء وانتهاك أعراض النساء وخطف الأبناء وسجن الشرفاء وتدمير كل مقدرات هذا الشعب المادية والاقتصادية والبنى التحتية والاجتماعية والتاريخية وحتى الأخلاقية سيكون سجلا خصبا تتحدث عنه الأجيال اليمنية والعربية لعشرات السنين، وترويه كتب التاريخ إلى يوم الدين.

لا أستغرب أيضا أن تظهر الأبواق المستأجرة لتشعل الحطب، وتحشد لتأليب الرأي العام ضد السعودية والإمارات، وأن تدعو للعفو عمن أجرم من الحوثيين في الحديدة، وأن تطالب بإنقاذ رأس الأفعى الانقلابية عبدالملك الحوثي قبل أن يقتل أو يؤسر في جحور مران، رغم أني لم أسمع لها صوتا عندما انتهك الحوثيون أعراض الشريفات من بنات اليمن في الجامعة، ولا عندما منعت ميليشيات الحوثي الإيرانية المرضى من العلاج في مستشفى الحديدة، بل وأخرجت من كان منهم يئن ألما على الأسرة البيضاء بدون رحمة ولا إنسانية في جريمة تعتبر في كل الأعراف الأخلاقية والإنسانية وصمة عار في جبين كل الحوثيين وزنابيلهم في الداخل والخارج.

تحرير الحديدة سيرسم خطوطا جديدة في الاتفاق أو الخلاف اليمني - اليمني، وربما يكون فرصة لإعادة ترتيب البيت اليمني من جديد وتوحيد الصف قبل الكلمة، ونبذ الفئوية والحزبية المقيتة في سبيل تحقيق السلام المنشود واستعادة الوحدة والأمن والآمان لكل مواطن يمني، وعودة الدولة اليمنية الشرعية إلى صفها العربي والإسلامي.

أخيرا، أثناء كتابة هذا المقال تزف لي بشائر الانتصارات في الحديدة وصعدة، انتصارات كفيلة بتغيير كل معادلات المواجهة، وتبشر بزوال هذه الطائفة الكهنوتية، ومن أتى بالأخبار مبشرا وصف بإسهاب (يتعذر نقله كله) الملاحم البطولية التي تتوجها البسالة والروح المعنوية العالية عند أبطال قوات التحالف العربي والجيش اليمني في ميدان المعركة، ويخبرني بأن عدد الأسرى من الميليشيات الحوثية بالمئات، وأن الأبطال وصلوا إلى مستشفى 22 مايو في الحديدة، ويحصرون مسقط رأس عبدالملك الحوثي في صعدة، وكلي أمل في أن يطبع هذا المقال متزامنا مع تطهير الحديدة من رجس الحوثيين.

hq22222@