مكاتب إدارة المشاريع الشاملة بين الواقع الملحوظ والمفهوم
السبت / 2 / ربيع الأول / 1440 هـ - 19:00 - السبت 10 نوفمبر 2018 19:00
اطلعت خلال السنوات القليلة الماضية على تجربة عدد من الجهات التي أنشأت مكاتب إدارة مشاريع على مستوى المنظمة ككل (وأعني الكيان التنظيمي الذي قد يكون مؤسسة أو شركة أو وزارة). كنت قد فوجئت بعض الشيء من الانطباعات التي سمعتها، وشعرت أن الأمر يستحق البحث.
أحد هذه الأمور هو مدى تشابه بعض المخاوف بين مكاتب إدارة المشاريع التقليدية على مستوى الإدارات وتلك على مستوى المنظمة ككل. غالبا ما كنت أسمع المديرين التنفيذيين يشتكون من عدم يقينهم من الحصول على مردود مجد من وجود عدد من مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات.
وتكرر الأمر نفسه على لسان عدد من المديرين التنفيذيين فيما يخص مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة. كان بودهم جميعا الاعتماد بالكامل في تنفيذ المشاريع على جهة واحدة على مستوى المنظمة لجعل الأمر أسهل بهدف تحقيق الفوائد المرجوة، ولكن ما اتضح لهم لاحقا كان غير ذلك.
من زاوية أخرى، بعضهم كان يشتكي من أن إنشاء مكتب إدارة مشاريع على مستوى المنظمة ككل لم ينتج عنه ارتفاع في جودة تنفيذ المشاريع، حيث التوقعات كانت تشير إلى أن وجود جهة مركزية سوف يساعد على تطبيق أفضل الممارسات التي ستنتج عنها نجاحات أكبر في تنفيذ المشاريع عن تلك التي تحققت من خلال مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات. كما علق البعض الآخر بأنهم في الحقيقة شاهدوا نتائج عكسية، حيث ارتفعت نسبة تعثر المشاريع، الأمر الذي جعلهم يتخلون عن مفهوم مكتب إدارة المشاريع بكامله!
أحد الأمور التي بدت واضحة بجلاء بعد الحديث مع تلك المجموعة من المديرن التنفيذيين هو عدم وجود أدنى فكرة لديهم عن عدم حصولهم على النتائج التي كانوا يتوقعونها. ولفهم المشكلة ربما يتوجب الرجوع إلى النقطة التي اتخذ فيها القرار بإنشاء مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة ككل.
في ظل أن المنظمات قد تتبع عمليات متباينة بعض الشيء في اتخاذ القرارات، تعد الرغبة في زيادة المخرجات وخفض التكاليف على المدى البعيد أحد الأسباب الشائعة التي تبرر إنشاء مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة.
جميع هذه المنظمات لديها مكاتب إدارة مشاريع متعددة على مستوى الإدارات، والتي بدورها تكون مسؤولة عن المشاريع، ومديرو المشاريع تحت سقفها. بدمج هذه المكاتب تحت جهة مركزية واحدة استطاعت هذه المنظمات تحقيق عدد مما تعده تحسينات:
- إزالة الهياكل الإدارية المتعددة بدمج عدة مكاتب تحت مكتب إدارة مشاريع واحد، لم تعد هناك حاجة لمديري مكاتب متعددين، وحيث إن مستوى الأدوار الإشرافية يعد متوسطا في مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة، فالتكلفة الإجمالية للمكتب انخفضت.
- تماسك وتحسين منهجية تنفيذ المشاريع
بوجود مكتب مشاريع واحد فقط، سيكون بإمكان المنظمة التركيز على نهج واحد فقط لتنفيذ المشاريع من خلال أفضل الممارسات المطبقة عبر المنظمة.
- تحسين قدرات إدارة المشاريع
عند وضع جميع مديري المشاريع في مكان مركزي واحد، ستكون هناك إمكانية أكبر للاستعانة بهم في المجالات التي تتطلب مهاراتهم بدلا من تواجدهم في أماكن منعزلة.
جميع المديرين التنفيذيين أكدوا حصولهم على هذه النتائج، ولكنهم لم يشعروا بالفوائد المرجوة بالذات فيما يتعلق بالنقطتين الأخيرتين.
بشكل عام، كانوا مرتاحين تماما لخفض التكاليف الناتجة عن الدمج الإداري، ورغم ذلك لم يعز أي منهم الفضل لمكتب إدارة المشاريع بذاته.
أغلبهم ذكروا قيامهم بدمج منهجياتهم تحت منهجية واحدة تغطي المنظمة ككل، ولكنهم لم يعثروا على النتائج التي كانوا يتوقعونها باتباع هذا النهج، ولم يستطيعوا التوصل للسبب. وفقا لوصف أحدهم «وضعنا مكينة فيراري في جسم دبابة مدرعة وركبنا لها نظام دفع هجين، كان المفروض نشوف نتائج جبارة.. لكن للأسف ما ضبطت معنا».
وعلى نحو مشابه، على الرغم من تمكن المنظمات من وضع أوعية مدمجة لمديري المشاريع داخل مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة ككل، لكنها لم تحصل على نسب انتفاع أكبر ضمن مديري المشاريع. فالمجالات المكتظة بالمشاريع ما زالت تعاني من نقص مديري المشاريع المتخصصين، بينما كانت نسب الانتفاع من مديري المشاريع المتخصصين منخفضة في المجالات التي تقل فيها المشاريع حاليا، بغض النظر عن منهجية إدارة المشاريع الموحدة التي تم وضعها سابقا.
لماذا إذن حصل كل هذا؟
الأسباب بسيطة جدا، إدارة المشاريع ليست بهذه البساطة ليتم تطبيقها بشكل عام على مستوى المنظمة دون الأخذ بالاعتبار التحديات الخاصة التي تواجهها كل إدارة.
عند وضع منهجية واحدة لتنفيذ المشاريع على مستوى المنظمة، فأنت في الواقع تستبعد كل الأدوات المختلفة لإدارة المشاريع وتستبدلها بأداة واحدة يفترض بها أن تؤدي كل شيء.
الأمر يصبح أسوأ عندما تبني الأداة بمحاولة ربط الأجزاء «الجيدة» من كل نهج على حدة، غالبا سينتهي بك المطاف ببناء منهجية مشوهة.
بالإضافة إلى الإضرار بالتأثير والفعالية، على الأرجح سينتج عن ذلك انخفاض في الروح المعنوية لفريق إدارة المشاريع. فالمحتمل أن النهج المدمج يتناسب مع إدارة المشاريع التقليدية ذات النمط الشلالي، وهذا بدوره سيقصي وبشكل فوري أي اقتراحات لتبني الممارسات الرشيقة داخل المنظمة.
المنطق ذاته ينطبق عندما تحاول أخذ مديري المشاريع خارج المجالات التي تخصصوا فيها داخل المنظمة. صحيح أن مهارات إدارة المشاريع يمكن الاستعانة بها بشكل أو بآخر بغض النظر عن نوع المشروع، ولكن يجب ألا نهمل حقيقة أن مديري المشاريع غير المتخصصين في مجالات المشاريع التي يديرونها ستكون فرص نجاحهم محدودة. ناهيك عن المعاناة التي لحقت بالروح المعنوية لهم، والذين وجدوا أنفسهم مكرهين على العمل خارج مناطق الراحة، الأمر الذي أدى بهم للإحساس بقلة الانجذاب وأنهم أقل اقتدارا.
- إنشاء مكتب إدارة مشاريع ناجح على مستوى المنظمة المشكلة الأساسية في تنفيذ كل تلك المكاتب التي تم إنشاؤها، هي محاولة حل المشكلة باعتبارات خاطئة. لا توجد لدي أدنى مشكلة حول مبدأ وجود مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة، والأثر والفاعلية المتعلقان بذلك.
في الواقع، أظن أن أهمية مثل هذه المكاتب ستزداد، ولكن يتوجب على المنظمات التفكير بالطرق المثلى للحصول على تلك الفوائد المرجوة وتطبيق نموذج مناسب لتحقيقها.
مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات لا تقدم نفس الخدمة للمنظمة، فمكتب إدارة المشاريع في إدارة تقنية المعلومات يعد مختلفا على الأرجح عن مكتب إدارة المشاريع في إدارة التسويق، أو مركز التميز لتحسين العمليات.
هذا يعني أنه لا يمكن ضمها قسرا بكل بساطة تحت جهة هيكلية مشتركة ونهج عام وتوقع النجاح بعد ذلك. عوضا عن هذا، مكتب إدارة المشاريع الناجح على مستوى المنظمة يحتاج أن يركز على تلك المناطق التي يستطيع من خلالها تحقيق تحسينات على مستوى المنظمة ككل:
- التناغم بين المشاريع
التأكد من تناغم المشاريع مع أهداف ومستهدفات المنظمة، وأن كل إدارة تستطيع دعم العمل الذي تقوم به الإدارات الأخرى. على سبيل المثال: لو أن إدارة تقنية المعلومات تقوم بتنفيذ مشروع لتوفير بيئة سحابية، فينبغي لمكاتب إدارة المشاريع التابعة للإدارات الأخرى إعطاء الأولوية للمشاريع التي تعزز من استخدام البيئة السحابية.
- التناغم في التنفيذ بالتركيز على العمل
عوضا عن التركيز على إيجاد مجموعة من العمليات والأدوات والقوالب الموحدة، يتوجب التأكد من أن جميع المشاريع في المنظمة تسهم في رفع معلومات عن العمل بطريقة هادفة تؤدي إلى تحسين فعالية اتخاذ القرار. فكيفية الحصول على النتائج ليست مهمة بقدر أهمية تحقيق النتائج الصحيحة.
- إدارة مشتركة لمحفظة المشاريع
تختلف طرق تنفيذ المشاريع حتما، ولكن وجود مكتب إدارة مشاريع على مستوى المنظمة ككل من شأنه أن يساعد المنظمة على التركيز على عمليات موحدة لتطوير خطط ونماذج العمل، وكذلك عملية استعراض واختيار المشاريع على مستوى المنظمة، وتحقيق الفوائد أيضا بشكل فعال في جميع مشاريع المنظمة.
في حال أمكن تحقيق هذا، فالفوائد التي ستعود على المنظمة لا تقل أهمية عن تلك الناتجة عن محاولة دمج مكاتب المشاريع على مستوى الإدارات، غير أن هذه الفوائد ستكون أكثر استدامة، وستؤسس قاعدة وطيدة لتحسينات أكبر، وذلك دون الإضرار بمستوى ارتباط الموظفين وروحهم المعنوية.
ختاما، نجاح مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة يأتي بالتوازي مع وجود مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات، أو على الأقل على المدى المتوسط. ولو استمر تحقيق الفوائد المرجوة، لا أظن أن أحدا سيعترض على ذلك!
m_jarbua@
أحد هذه الأمور هو مدى تشابه بعض المخاوف بين مكاتب إدارة المشاريع التقليدية على مستوى الإدارات وتلك على مستوى المنظمة ككل. غالبا ما كنت أسمع المديرين التنفيذيين يشتكون من عدم يقينهم من الحصول على مردود مجد من وجود عدد من مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات.
وتكرر الأمر نفسه على لسان عدد من المديرين التنفيذيين فيما يخص مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة. كان بودهم جميعا الاعتماد بالكامل في تنفيذ المشاريع على جهة واحدة على مستوى المنظمة لجعل الأمر أسهل بهدف تحقيق الفوائد المرجوة، ولكن ما اتضح لهم لاحقا كان غير ذلك.
من زاوية أخرى، بعضهم كان يشتكي من أن إنشاء مكتب إدارة مشاريع على مستوى المنظمة ككل لم ينتج عنه ارتفاع في جودة تنفيذ المشاريع، حيث التوقعات كانت تشير إلى أن وجود جهة مركزية سوف يساعد على تطبيق أفضل الممارسات التي ستنتج عنها نجاحات أكبر في تنفيذ المشاريع عن تلك التي تحققت من خلال مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات. كما علق البعض الآخر بأنهم في الحقيقة شاهدوا نتائج عكسية، حيث ارتفعت نسبة تعثر المشاريع، الأمر الذي جعلهم يتخلون عن مفهوم مكتب إدارة المشاريع بكامله!
أحد الأمور التي بدت واضحة بجلاء بعد الحديث مع تلك المجموعة من المديرن التنفيذيين هو عدم وجود أدنى فكرة لديهم عن عدم حصولهم على النتائج التي كانوا يتوقعونها. ولفهم المشكلة ربما يتوجب الرجوع إلى النقطة التي اتخذ فيها القرار بإنشاء مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة ككل.
في ظل أن المنظمات قد تتبع عمليات متباينة بعض الشيء في اتخاذ القرارات، تعد الرغبة في زيادة المخرجات وخفض التكاليف على المدى البعيد أحد الأسباب الشائعة التي تبرر إنشاء مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة.
جميع هذه المنظمات لديها مكاتب إدارة مشاريع متعددة على مستوى الإدارات، والتي بدورها تكون مسؤولة عن المشاريع، ومديرو المشاريع تحت سقفها. بدمج هذه المكاتب تحت جهة مركزية واحدة استطاعت هذه المنظمات تحقيق عدد مما تعده تحسينات:
- إزالة الهياكل الإدارية المتعددة بدمج عدة مكاتب تحت مكتب إدارة مشاريع واحد، لم تعد هناك حاجة لمديري مكاتب متعددين، وحيث إن مستوى الأدوار الإشرافية يعد متوسطا في مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة، فالتكلفة الإجمالية للمكتب انخفضت.
- تماسك وتحسين منهجية تنفيذ المشاريع
بوجود مكتب مشاريع واحد فقط، سيكون بإمكان المنظمة التركيز على نهج واحد فقط لتنفيذ المشاريع من خلال أفضل الممارسات المطبقة عبر المنظمة.
- تحسين قدرات إدارة المشاريع
عند وضع جميع مديري المشاريع في مكان مركزي واحد، ستكون هناك إمكانية أكبر للاستعانة بهم في المجالات التي تتطلب مهاراتهم بدلا من تواجدهم في أماكن منعزلة.
جميع المديرين التنفيذيين أكدوا حصولهم على هذه النتائج، ولكنهم لم يشعروا بالفوائد المرجوة بالذات فيما يتعلق بالنقطتين الأخيرتين.
بشكل عام، كانوا مرتاحين تماما لخفض التكاليف الناتجة عن الدمج الإداري، ورغم ذلك لم يعز أي منهم الفضل لمكتب إدارة المشاريع بذاته.
أغلبهم ذكروا قيامهم بدمج منهجياتهم تحت منهجية واحدة تغطي المنظمة ككل، ولكنهم لم يعثروا على النتائج التي كانوا يتوقعونها باتباع هذا النهج، ولم يستطيعوا التوصل للسبب. وفقا لوصف أحدهم «وضعنا مكينة فيراري في جسم دبابة مدرعة وركبنا لها نظام دفع هجين، كان المفروض نشوف نتائج جبارة.. لكن للأسف ما ضبطت معنا».
وعلى نحو مشابه، على الرغم من تمكن المنظمات من وضع أوعية مدمجة لمديري المشاريع داخل مكاتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة ككل، لكنها لم تحصل على نسب انتفاع أكبر ضمن مديري المشاريع. فالمجالات المكتظة بالمشاريع ما زالت تعاني من نقص مديري المشاريع المتخصصين، بينما كانت نسب الانتفاع من مديري المشاريع المتخصصين منخفضة في المجالات التي تقل فيها المشاريع حاليا، بغض النظر عن منهجية إدارة المشاريع الموحدة التي تم وضعها سابقا.
لماذا إذن حصل كل هذا؟
الأسباب بسيطة جدا، إدارة المشاريع ليست بهذه البساطة ليتم تطبيقها بشكل عام على مستوى المنظمة دون الأخذ بالاعتبار التحديات الخاصة التي تواجهها كل إدارة.
عند وضع منهجية واحدة لتنفيذ المشاريع على مستوى المنظمة، فأنت في الواقع تستبعد كل الأدوات المختلفة لإدارة المشاريع وتستبدلها بأداة واحدة يفترض بها أن تؤدي كل شيء.
الأمر يصبح أسوأ عندما تبني الأداة بمحاولة ربط الأجزاء «الجيدة» من كل نهج على حدة، غالبا سينتهي بك المطاف ببناء منهجية مشوهة.
بالإضافة إلى الإضرار بالتأثير والفعالية، على الأرجح سينتج عن ذلك انخفاض في الروح المعنوية لفريق إدارة المشاريع. فالمحتمل أن النهج المدمج يتناسب مع إدارة المشاريع التقليدية ذات النمط الشلالي، وهذا بدوره سيقصي وبشكل فوري أي اقتراحات لتبني الممارسات الرشيقة داخل المنظمة.
المنطق ذاته ينطبق عندما تحاول أخذ مديري المشاريع خارج المجالات التي تخصصوا فيها داخل المنظمة. صحيح أن مهارات إدارة المشاريع يمكن الاستعانة بها بشكل أو بآخر بغض النظر عن نوع المشروع، ولكن يجب ألا نهمل حقيقة أن مديري المشاريع غير المتخصصين في مجالات المشاريع التي يديرونها ستكون فرص نجاحهم محدودة. ناهيك عن المعاناة التي لحقت بالروح المعنوية لهم، والذين وجدوا أنفسهم مكرهين على العمل خارج مناطق الراحة، الأمر الذي أدى بهم للإحساس بقلة الانجذاب وأنهم أقل اقتدارا.
- إنشاء مكتب إدارة مشاريع ناجح على مستوى المنظمة المشكلة الأساسية في تنفيذ كل تلك المكاتب التي تم إنشاؤها، هي محاولة حل المشكلة باعتبارات خاطئة. لا توجد لدي أدنى مشكلة حول مبدأ وجود مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة، والأثر والفاعلية المتعلقان بذلك.
في الواقع، أظن أن أهمية مثل هذه المكاتب ستزداد، ولكن يتوجب على المنظمات التفكير بالطرق المثلى للحصول على تلك الفوائد المرجوة وتطبيق نموذج مناسب لتحقيقها.
مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات لا تقدم نفس الخدمة للمنظمة، فمكتب إدارة المشاريع في إدارة تقنية المعلومات يعد مختلفا على الأرجح عن مكتب إدارة المشاريع في إدارة التسويق، أو مركز التميز لتحسين العمليات.
هذا يعني أنه لا يمكن ضمها قسرا بكل بساطة تحت جهة هيكلية مشتركة ونهج عام وتوقع النجاح بعد ذلك. عوضا عن هذا، مكتب إدارة المشاريع الناجح على مستوى المنظمة يحتاج أن يركز على تلك المناطق التي يستطيع من خلالها تحقيق تحسينات على مستوى المنظمة ككل:
- التناغم بين المشاريع
التأكد من تناغم المشاريع مع أهداف ومستهدفات المنظمة، وأن كل إدارة تستطيع دعم العمل الذي تقوم به الإدارات الأخرى. على سبيل المثال: لو أن إدارة تقنية المعلومات تقوم بتنفيذ مشروع لتوفير بيئة سحابية، فينبغي لمكاتب إدارة المشاريع التابعة للإدارات الأخرى إعطاء الأولوية للمشاريع التي تعزز من استخدام البيئة السحابية.
- التناغم في التنفيذ بالتركيز على العمل
عوضا عن التركيز على إيجاد مجموعة من العمليات والأدوات والقوالب الموحدة، يتوجب التأكد من أن جميع المشاريع في المنظمة تسهم في رفع معلومات عن العمل بطريقة هادفة تؤدي إلى تحسين فعالية اتخاذ القرار. فكيفية الحصول على النتائج ليست مهمة بقدر أهمية تحقيق النتائج الصحيحة.
- إدارة مشتركة لمحفظة المشاريع
تختلف طرق تنفيذ المشاريع حتما، ولكن وجود مكتب إدارة مشاريع على مستوى المنظمة ككل من شأنه أن يساعد المنظمة على التركيز على عمليات موحدة لتطوير خطط ونماذج العمل، وكذلك عملية استعراض واختيار المشاريع على مستوى المنظمة، وتحقيق الفوائد أيضا بشكل فعال في جميع مشاريع المنظمة.
في حال أمكن تحقيق هذا، فالفوائد التي ستعود على المنظمة لا تقل أهمية عن تلك الناتجة عن محاولة دمج مكاتب المشاريع على مستوى الإدارات، غير أن هذه الفوائد ستكون أكثر استدامة، وستؤسس قاعدة وطيدة لتحسينات أكبر، وذلك دون الإضرار بمستوى ارتباط الموظفين وروحهم المعنوية.
ختاما، نجاح مكتب إدارة المشاريع على مستوى المنظمة يأتي بالتوازي مع وجود مكاتب إدارة المشاريع على مستوى الإدارات، أو على الأقل على المدى المتوسط. ولو استمر تحقيق الفوائد المرجوة، لا أظن أن أحدا سيعترض على ذلك!
m_jarbua@