تفاعل

لماذا تغيرنا؟

بندر السالم
شدني مقال في صحيفة مكة للكاتبة هبة زهير قاضي بعنوان «تغيرت علينا» يتمحور حول تغير الأفكار والقناعات لدى الناس، وطرحت خلال المقال بعض آراء متابعيها ورأيها الشخصي، وجميعها آراء جميلة لذلك أحببت أن أضيف بعض النقاط لعل الموضوع يكتمل.

تتشكل القناعات والأفكار والمبادئ لدى البشر من الطفولة المبكرة وتتطور هذه القناعات كلما زاد الاطلاع وزادت المعرفة أو كلما تغيرت الاهتمامات والأهداف لدى الشخص، لأن النظرة تصبح أشمل والمعايير تتغير لذلك تتغير بعض قناعات الإنسان من مرحلة عمرية إلى أخرى أو إذا انتقل من بيئة إلى أخرى، ويعد هذا التغير طبيعيا وحقيقيا، بل ومطلوبا في أحيان كثيرة.

وينقسم البشر من حيث تغير الأفكار والمبادئ إلى قسمين، أولهما الأشخاص الذين لا يملكون قناعات أو مبادئ خاصة بهم، بل يتبعون سياسة القطيع وهؤلاء لا يمكن اعتبار تغيرهم تغيرا حقيقيا لأن منهجهم ركوب الموجة بلا بصيرة ولا قناعة، فهم تبع لغيرهم، وغالبا يكون تغيرهم متذبذبا وسريعا وغير منطقي.

وأما القسم الآخر فهم أصحاب القيم والمبادئ، وهؤلاء يكون تغيرهم في الغالب بطيئا ومنطقيا، ولديهم ما يبرره وتجدهم يتبرؤون من الأفكار والمبادئ السابقة، ويملكون الأسباب المقنعة التي جعلتهم يتبرؤون منها، بغض النظر عن أي الأفكار أصح السابقة أم الحالية، وأحيانا نجد أفكارهم أو تصرفاتهم تتغير ولكن يكون هذا التغيير مؤقتا بسبب بعض الظروف التي تجبرهم على التخلي عن أفكارهم وقناعاتهم ويكونون معذورين في ذلك، كما قال زهير بن أبي سلمى

ومن لم يصانع في أمور كثيرة

يُضرَّس بأنياب ويوطأ بمنسم

فالمصانعة والمداراة اللتين ذكرهما الشاعر تعنيان القيام بذلك.

وهناك نوع آخر من التغيير وهو التغير الوهمي، وهو الذي يقع فيه كثيرون بسبب النظرة الخاطئة للآخرين، فأحيانا نعتقد أن الشخص صاحب فكر وقناعات إما بسبب إعجابنا وقناعتنا به أو بسبب قدرته على تصنع دور صاحب المبادئ والقيم، وما إن يزول السبب ونرى تضارب المبادئ لديه نبدأ في توهم التغيير لنغطي على فشلنا في رؤيته على حقيقته من البداية.

ومن أسوأ أنواع التغير الوهمي أن يدفعنا خوفنا من الدفاع عن تغيرنا إلى توهم تغير الآخرين من أجل محاولة إثبات أننا أصحاب مبادئ ثابتة أمام أنفسنا أو أمام الآخرين.

والله يغيرنا ويغير الآخرين للأفضل.