آلهة المطبات!
سنابل موقوتة
الاحد / 20 / محرم / 1440 هـ - 21:45 - الاحد 30 سبتمبر 2018 21:45
يقول شهود عيان إن المطبات تختفي من طرقات الجنوب التي يزورها سمو ولي العهد. والحقيقة أن هذا خبر أحزنني قليلا، فالمطبات هناك أهم من الشوارع نفسها. وسيأتي وقت تصبح فيه المطبات على طريق أبها - الطائف أحد أهم الآثار في تلك الديار بعد بضعة مئات أو آلاف من السنين.
ولا أظن أن علماء الآثار الذين سيأتون فيما بعد سيفهمون بسهولة ماذا كان يفعل الإنسان في تلك المناطق بهذه الجبال الصناعية الصغيرة.
وأخشى أن يظنوا بنا ظنا غير لطيف فيعتقدوا أننا كنا نعبد الجبال ولذلك نصنع لها تماثيل تملأ طرقاتنا حتى يكون المطب مرافقا للإنسان في أي مكان يذهب إليه فتحل عليه البركة ويوسع له في الرزق ويفرج همه، أو يعتقدوا أنها مقابر فينبشونها ويبحثون تحتها عن آثار ومجوهرات مومياوات مشبب الخامس أو مفلح الثاني عشر.
والحقيقة أني لا أفهم كثيرا لماذا يزيلون هذه المعالم العملاقة حين يأتي مسؤول كبير إلى المنطقة، ما دامت عملا جميلا وجليلا وإنجازا رائعا ومفيدا فلا شك ـ منطقيا ـ أن المسؤول سيعجب بها وبمن نفذها وأمر ببنائها.
وإن كانت سيئة وقبيحة وضررها أكثر من نفعها فلماذا تبنى من الأساس بهذه الطريقة المبالغ فيها.
أفهم أن تتزين الشوارع وأن تصبح أنظف وأن تردم الحفر التي حال عليها الحول مرارا وتكرارا، وأن تعود للعمل أشياء كنا نظن أنها لن تعود، وتتعافى أشياء لم يكن يرجى برؤها، فهذا نفعله حتى في منازلنا حين نتوقع ضيوفا أو زوارا، لدينا «مواعين» لا تخرج من المطبخ إلا للضيوف، بينما نقضي أيامنا العادية نشرب الشاي في كاسات الجبن. وهذا تماما ما تفعله الأمانات والجهات الأخرى في المدن التي يزورها مسؤولون كبار في الدولة. إنهم يخرجون لهم الأطقم المخبأة في المطابخ والمستودعات.
وعلى أي حال..
الحياة نفسها ليست سوى مطب كبير في أول طريق طويل، وأظن أن هذا هو البعد الفلسفي في قضية مطبات الجنوب، هم يذكرون السائق بالدنيا، وكيف أن العقبات يمكن تجاوزها بقليل من الأضرار التي يمكن تحملها، وأن لكل مطب بداية ونهاية، وأن اجتيازك لمطب بسلامة لا يعني أن تبالغ في الفرح وتتناسى أنه لا زال أمامك الكثير من المطبات.
agrni@
ولا أظن أن علماء الآثار الذين سيأتون فيما بعد سيفهمون بسهولة ماذا كان يفعل الإنسان في تلك المناطق بهذه الجبال الصناعية الصغيرة.
وأخشى أن يظنوا بنا ظنا غير لطيف فيعتقدوا أننا كنا نعبد الجبال ولذلك نصنع لها تماثيل تملأ طرقاتنا حتى يكون المطب مرافقا للإنسان في أي مكان يذهب إليه فتحل عليه البركة ويوسع له في الرزق ويفرج همه، أو يعتقدوا أنها مقابر فينبشونها ويبحثون تحتها عن آثار ومجوهرات مومياوات مشبب الخامس أو مفلح الثاني عشر.
والحقيقة أني لا أفهم كثيرا لماذا يزيلون هذه المعالم العملاقة حين يأتي مسؤول كبير إلى المنطقة، ما دامت عملا جميلا وجليلا وإنجازا رائعا ومفيدا فلا شك ـ منطقيا ـ أن المسؤول سيعجب بها وبمن نفذها وأمر ببنائها.
وإن كانت سيئة وقبيحة وضررها أكثر من نفعها فلماذا تبنى من الأساس بهذه الطريقة المبالغ فيها.
أفهم أن تتزين الشوارع وأن تصبح أنظف وأن تردم الحفر التي حال عليها الحول مرارا وتكرارا، وأن تعود للعمل أشياء كنا نظن أنها لن تعود، وتتعافى أشياء لم يكن يرجى برؤها، فهذا نفعله حتى في منازلنا حين نتوقع ضيوفا أو زوارا، لدينا «مواعين» لا تخرج من المطبخ إلا للضيوف، بينما نقضي أيامنا العادية نشرب الشاي في كاسات الجبن. وهذا تماما ما تفعله الأمانات والجهات الأخرى في المدن التي يزورها مسؤولون كبار في الدولة. إنهم يخرجون لهم الأطقم المخبأة في المطابخ والمستودعات.
وعلى أي حال..
الحياة نفسها ليست سوى مطب كبير في أول طريق طويل، وأظن أن هذا هو البعد الفلسفي في قضية مطبات الجنوب، هم يذكرون السائق بالدنيا، وكيف أن العقبات يمكن تجاوزها بقليل من الأضرار التي يمكن تحملها، وأن لكل مطب بداية ونهاية، وأن اجتيازك لمطب بسلامة لا يعني أن تبالغ في الفرح وتتناسى أنه لا زال أمامك الكثير من المطبات.
agrni@