تفاعل

الفقر في ثقافة السلامة

أربع حوادث أودت بحياة 4 مواطنين في محافظة القطيف خلال 48 ساعة فقط! غرق طفلة، نسيان طفل داخل حافلة مدرسة، دهس أثناء المشي على الطريق، حروق بسبب منظفات كيميائية (أسيد أو ما شابهه).

مع الأسف الشديد عندما يأتي الأمر إلى ثقافة السلامة فنحن نعد من المجتمعات التي بالكاد تطبق هذا المفهوم على أرض الواقع، رغم من وجود قوانين ومعايير واشتراطات من الجهات الرسمية (النشرات التوعوية لوزارة الصحة مثلا). تعد بريطانيا من الدول الأولى في ثقافة السلامة، بينما تحتل مملكتنا المركز 34 عالميا في الصحة و74 في الأمن والسلامة من إجمالي 149 دولة.

تبدأ مسألة التثقيف بأمور السلامة منذ الصغر، ومن المراحل الأولية في البيئات التعليمية. هنالك 5 سلوكيات في دراسة علم النفس للطيارين، أحدها يسمى Macho Attitude أي «ما جاني شي قبل ما بيجيني شي الحين أو بعدين، ولا تفاول علي». بمعنى أن الشخص لن يستمع إلى النصيحة المتعلقة بالسلامة إلا في حال أصيب بمكروه أو نجا منه.

تعود الأسباب كذلك إلى فقر المجتمع للمصطلحات الابتدائية لعلم السلامة Safety fundamentals، كمثال على ذلك (خطر، مخاطرة، حادث، حادثة.. إلخ). وبالإمكان زرع هذه الأمور في أفراد المجتمع منذ الصغر سواء داخل المنزل أو في المدرسة.

في بريطانيا وأستراليا وأمريكا وكثير من الدول أضيفت برامج خاصة بالسلامة لطلبة المدارس والجامعات بمختلف التخصصات لتثقيف الطالب والطالبة وزيادة وعيهم تجاه سلامة أنفسهم وسلامة غيرهم.

نحن مع الأسف مجتمع «تفاعلي»، أي إننا ننتظر حدوث الحادثة ومن ثم نفكر في الحلول وكيفية تجنب هذا الأمر مرة أخرى. باستطاعتنا أن ننتقل من مجتمع تفاعلي إلى مجتمع استباقي رغم أن ذلك قد يتطلب تغيير المناهج الدراسية أو إضافة منهج جديد يزرع مفهوم السلامة في مجتمعنا.

في يوم السلامة في أبريل الماضي قدمت محاضرات عدة لمدارس ابتدائية ومتوسطة ولاحظت أن كثيرا من الطلبة يحملون الوعي والإرادة الكافية لأن يتعلموا ولكن البيئة التي ترعرعوا فيها قد تكون السبب في ردعهم، وحثهم على أخذ ممارسة محذورات تحوي كثيرا من المخاطرات والاختصارات short-cuts.

كذلك المجتمع معتاد في غالب الأحيان على أن يتلقى معلومات عن السلامة في حال حدث مكروه فقط لا سمح الله.

كثير من الشعب الإنجليزي لا يحب سماع كلمة «السلامة» أو «لأسباب السلامة» لأن هنالك قوانين ومعايير قوية جدا تفرض على الجميع الالتزام بها، كذلك الثقافة العامة تجاه الموضوع نفسه تلعب دورا كبيرا.

الموضوع يطول ولن يحدث فيه أي تغيير إلا في حال تقبل المجتمع برمته لهذه الثقافة واعتبارها جزءا من أسلوب حياته اليومية.