تفاعل

استصلاح المتأخرين دراسيا

نهضت المملكة العربية السعودية في مجال التعليم، وأصبحنا نتقدم دولا سبقتنا في هذا المجال بعقود، وهذا بفضل الله سبحانه ثم بفضل جهود تبذل في سبيل تطوير التعليم من قبل ولاة الأمر حفظهم الله ورعاهم، وهذا الأمر يجعلنا نستشعر مقدار الميزانيات الضخمة التي تخصص للتعليم وتطويره، والتي في نهاية المطاف تهدف لبناء الإنسان السعودي ليعود عليه وعلى وطنه بالنفع والعطاء، ويذكر أنه ما زالت هناك بعض المعوقات التي تؤثر على بناء المعرفة عند بعض أبنائنا الطلاب الذين هم جزء لا يتجزأ من أهداف السياسة التعليمية للمملكة. على سبيل المثال التأخر الدراسي لدى بعض أبنائنا وضعف المستوى التحصيلي الذي له أسباب عدة انطلاقا من البيت وانتهاء بالمدرسة. ما يهمنا في هذا الموضوع كيفية استصلاح أبنائنا المتأخرين دراسيا داخل البيئة التعليمية وخارجها ومدى قابلية هذا الاستصلاح.

وبالنظر للبيئة الداخلية وهي المدرسة، هناك إجراءات تبدأ من المعلم في محاولة الاستصلاح الأولية إن صح التعبير والذهاب إلى خطوات أخرى في حال عدم الاستجابة، والتي تتعلق بالجانبين الإرشادي والإداري، وتجري فيها دراسة حالة الطالب، والتي غالبا تثمر عن نتائج إيجابية، وهذا أمر يحرص عليه جميع منسوبي هيئة التدريس انتهاء بمدير المدرسة، وهذا لا يكون إلا بتضافر الجهود بين المنزل والمدرسة، وإلا فإن مهمة الاستصلاح تصعب وتكون غير مجدية، وهذا يصل بنا إلى تساؤل مهم عن الخطوات التي يتخذها ولي الأمر في سبيل التعاون مع المدرسة، ومدى الجدية من عدمها في القيام بالدور المحوري المطلوب منه تجاه ابنه المتأخر دراسيا، مما يقودنا إلى تصورات عن البيئة الخارجية ومدى ملاءمتها وجودتها، وهل يعاني الطالب من إهمال تعليمي وغيره، كالإهمال الغذائي والصحي والنفسي، وهناك صور واضحة نلاحظها في الميدان التربوي للإهمال التعليمي، منها:

• عدم تواصل الأب مع المدرسة أو السؤال عن مستوى ابنه الدراسي والسلوكي.

• كثرة غياب الطالب في إشارة واضحة إلى عدم الاهتمام بانتظام الابن دراسيا، فكثرة غياب الطالب عن المدرسة تجعله يخسر فرصة تنمية وتطوير شخصيته ومواهبة وقدراته العقلية.

• عدم متابعة الطالب في بعض الأمور المهمة التي تؤثر على العملية التعليمية، ومنها التغذية الجيدة والحالة الصحية والحالة النفسية والنوم المبكر.

• عدم إيصال الابن من وإلى المدرسة.

ويوجد صور أخرى كثيرة أثرها واضح على أبنائنا الطلاب المتأخرين دراسيا لا مجال لذكرها.

وهناك نقطة محورية أسهمت كثيرا في هذا الطرح، وهي أن التأخر الدراسي هدر للموارد، وذلك من خلال عدم استفادة أبنائنا الطلاب من الإمكانات التي توفرها الدولة، فهو كإعاقة فكرية لأبناء أصحاء فكريا، وهذا الأمر يحتم علينا تحليل الموقف والبحث عن حلول توافق رؤية 2030 الطموحة التي محورها الإنسان السعودي، ولهذا يجب أن نبدأ من القاعدة العريضة التي تتمثل في التعليم العام من أبنائنا الطلاب، خاصة المتأخرين دراسيا، لذلك أطرح هنا بعض الأفكار التي أرجو أن تسهم في حل هذه المشكلة:

• اتخاذ إجراءات جديدة ومناسبة من قبل وزارة التعليم تتناسب مع الحالات المستعصية والصعبة التي قد تصل إلى مرحلة العنف الأسري، وجعل مهمة المدرسة التقصي والبحث والتحويل في هذه الحالات إلى الجهات ذات الاختصاص وعدم التهاون فيها.

• عقد مجالس توعوية دورية لأولياء أمور الطلبة المتأخرين دراسيا والتركيز على موضوع الإهمال التعليمي.

• الاهتمام بالجانب النفسي لهؤلاء الطلاب عن طريق تنظيم رحلات مدرسية تعزز الصحة النفسية والاجتماعية.

• تحفيز الطلاب الذين يطرأ على مستواهم الدراسي تحسن، ومن ذلك تكريمهم في طابور الصباح، وهذا أمر له أثر عظيم على نفس الطفل.

ختاما، أقول إن التعليم بالنسبة لأطفالنا كالغذاء الروحي والعقلي، والتأخر الدراسي دليل على ضعف هذه التغذية، وهذا من العبث بأطفالنا الذين لهم الحق علينا برعايتهم الرعاية المناسبة التي تكفل لهم العيش في بيئة أسرية وتعليمية مستقرة ومحفزة.