الرأي

النكتة السياسية.. هتاف الصامتين

حسن علي القحطاني
النكتة في اللغة كلام لطيف يحدث في النفس انشراحا. وتستخدم كوسيلة للتعبير عن الأفكار المكبوتة أو عن الألم والمعاناة، وأحيانا تعبر عن النقد الاجتماعي اللاذع الذي يتعذر تمريره عبر وسائل الإعلام.

من أهم أنواعها النكتة السياسية، يقول هنري برجسون «هي محاولة قهر القهر وهتاف الصامتين، إنها نزهة في المقهور والمكبوت والمسكوت عنه». ويرى علماء النفس والاجتماع أن النكتة تعتبر دليلا على حيوية الشعب واهتماماته ورغبته في تجاوز الأمر الواقع وعدم الاستسلام له.

النكتة السياسية هي سلاح الضعفاء خلال الأزمات، منها ما يكون للتسلية والنقد، ومنها ما يتطرق إلى الفقر والفساد والتسلط وضبابيه المستقبل، وهناك علاقة طردية بين النكتة وحرية الرأي والتعبير، فكلما ضاقت مساحة حرية التعبير في المجتمع ازداد انتشار النكتة وزاد تداولها.

في العالم الشرقي تؤخذ بحساسية، وفي الغرب تقابل بأريحية وترحاب، فكان رئيس فرنسا الأسبق شارل ديجول منزعجا لأن النكتة السياسية لم تعره أي اهتمام في أواخر حكمه، فقال آنذاك «لقد فقدت شعبيتي في فرنسا، فأنا لا أرى نفسي في الرسوم الكاريكاتورية ولا أسمع اسمي في النكتة التي تنتقدني».

في اليمن راجت النكات السياسية وانتشرت مع اشتداد أوجاع الناس بسبب الحروب والأزمات التي تطحن كل شرائح الشعب اليمني، فأخذوا يصنعون النكات والأخبار الطريفة التي تخرجهم من دائرة الآلام والأوجاع اليومية وقسوة الحياة.

في ستينات القرن الماضي وفي عهد المشير السلال كان يواجه عشرات الجبهات القتالية، وتصدت لسيارته امرأة وهو في طريقه من ذمار إلى صنعاء فأمر السائق بالتوقف، وسأل ماذا تريد هذه المرأة؟

فأجابت المرأة والدموع تنهمر من عينيها: ابني يا سلال، ابني. فقال لها: ما له ابنك؟ فقالت: ابني مجنون يا سلال. فقال لها السلال (جني عليك) أنت عندك مجنون واحد وأنا أواجه خمسة ملايين مجنون كلهم مسلحين ثم واصل سيره بعد أن أمر لها بمساعدة مالية.

وعن ثورة الشباب في اليمن عام 2011 قال أحد الشباب المهتمين بالتقنية «قمنا بثورة شبابية سلمية من أنجح ثورات الربيع العربي لكننا نسينا نسوي لها حفظ».

أسهمت النكتة السياسية في اليمن في فضح جرائم ميليشيات الحوثي الإرهابية وأسلوبها الغبي في التعامل مع أبناء الشعب اليمني، وقيل إن خطيبا حوثيا سأل المصلين من على المنبر: هل تريدون أن تعرفوا ما الأعمال المطلوبة لكي يبني الله لكم قصرا في الجنة؟ فرد عليه أحد المصلين نريد أن نعرف ما هي الأعمال التي جعلتك تبني قصرا في حدة (أرقى حي في صنعاء)؟. قال الحاضرون إن الخطيب الحوثي رد على الفور: أقيموا الصلاة.

ومن النكات الشائعة في اليمن أن شخصا يسأل صاحبه: ما هو حال الحوثيين في صنعاء؟

فرد عليه قائلا مثل صلاة الجمعة في السجن المركزي؛ الخطيب قاتل، والمؤذن قاطع طريق، والمصلون لصوص.

أخيرا، تتجلى النكتة السياسية في ظل الأزمات لتعالج بعضا من معاناة الناس وسخطهم على مجريات الأحداث.

hq22222@