.. ولكنهم قوم لا يكادون يفقهون قولا..!
سنابل موقوتة
الأربعاء / 16 / محرم / 1440 هـ - 20:15 - الأربعاء 26 سبتمبر 2018 20:15
كثير من الخلق هذه الأيام يعتبرون الشتائم والبذاءة أشياء توازي قوة الحجة، بل إنها في نظر بعض معتنقيها حجج أقوى من أن يستطيع معها المخالف صبرا.
فقد تبدي رأيا لا يعجب أحدهم فيأتيك من أقصى البذاءة يسعى ثم يشتمك، ثم يأتي آخرون استأجروا عقولهم من ذات الدكان فيصفقون له ويثنون عليه وعلى رده المفحم وحجته الدامغة.
وهذا ليس أسوأ ما في هذا المعتقد، الأسوأ من ذلك تلك القناعة الراسخة التي تتولد لدى معتنقي هذا المذهب بأنهم أصحاب حجة وبيان وردود مسكتة تفحم الخصوم وتجعلهم يولون الأدبار.
وكثير ممن وهبهم الله نعمة العقل يتجنبون نقاش هؤلاء احتقارا وازدراء ويقينا بانعدام الفائدة، وهذا يولد إحساسا بالانتصار لدى الشاتم البذيء يجعله يتعلق بطريقته في الحوار لأنها تبعد الخصوم من طريقه.
ونظريا فإنه يبدو سهلا أن تشرح لهؤلاء أن الكلمات ملقاة على قارعة اللغة، وأن الكلمات البذيئة موجودة في القواميس والمعاجم، وأن أي كائن ناطق يستطيع أن يجمع أسماء بعض الحيوانات في جملة، ثم يزيد عليها كلمات معروفة ومتداولة منذ أن بدأ الإنسان في شتم الأشياء والكائنات من حوله، وأن كل هذا لا يعتبر منجزا ولا أمرا يحتاج إلى مجهود ذهني أو بدني ولا لأي قدرة ولا موهبة، وأن الخلق الحسن هو الأمر الذي يحتاج إلى مجاهدة وعمل وصبر.
لكن الأمر ليس سهلا كما يبدو نظريا، فحين تريد أن يفهم إنسان آخر ما تقول فإن قدرتك على الحديث والإقناع ليست كافية للوصول إلى هذه الغاية، هناك ما هو أهم وهو أن يكون لدى الطرف المقابل عقل يعمل بشكل سوي مستخدما الإعدادات الافتراضية التي وهبها الله جل شأنه للكائن البشري. وهذه الخاصية ـ للأسف ـ معطلة لدى من يعتقدون أن شتم الآخرين والتعرض لأعراضهم هما الطريقة المثلى لتبادل المعرفة بين الكائنات البشرية.
ثم إن أسوأ استخدام للشتائم كخلق دنيء ومنحط هو استخدامها كأداة للدفاع عن القضايا النبيلة، فحين تشتم من أجل الحق فأنت ببساطة تجعله يشبه الباطل، ومع هذا فإن الواقع يقول بأن أكثر ساحتين تستخدم فيهما الشتائم كسلاح للدفاع هما ساحتا الدفاع عن الدين وعن الوطن.
ويظن رواد هذه الصنعة القبيحة أنهم يحسنون صنعا ويثبتون تدينهم أو وطنيتهم مع أنهم في الواقع لا يثبتون شيئا سوى أنهم من شرار الخلق، جاء في الحديث الشريف «إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه»، وفي رواية أخرى «إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم».
ثم أما بعد:
لو أن من ينتهجون الشتائم أسلوبا للحياة يفقهون حديثا ويعون ما يقال لهم، لرجوتهم أن يتأملوا قليلا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليبغض الفاحش البذيء)، ثم سألتهم: من ذا الذي تشترون محبته ببغض الله لكم ثمنا؟!
ولكني لن أفعل لأنهم لا يقرؤون وإن فعلوا فإنهم لا يفقهون.. والسلام!
@agrni
فقد تبدي رأيا لا يعجب أحدهم فيأتيك من أقصى البذاءة يسعى ثم يشتمك، ثم يأتي آخرون استأجروا عقولهم من ذات الدكان فيصفقون له ويثنون عليه وعلى رده المفحم وحجته الدامغة.
وهذا ليس أسوأ ما في هذا المعتقد، الأسوأ من ذلك تلك القناعة الراسخة التي تتولد لدى معتنقي هذا المذهب بأنهم أصحاب حجة وبيان وردود مسكتة تفحم الخصوم وتجعلهم يولون الأدبار.
وكثير ممن وهبهم الله نعمة العقل يتجنبون نقاش هؤلاء احتقارا وازدراء ويقينا بانعدام الفائدة، وهذا يولد إحساسا بالانتصار لدى الشاتم البذيء يجعله يتعلق بطريقته في الحوار لأنها تبعد الخصوم من طريقه.
ونظريا فإنه يبدو سهلا أن تشرح لهؤلاء أن الكلمات ملقاة على قارعة اللغة، وأن الكلمات البذيئة موجودة في القواميس والمعاجم، وأن أي كائن ناطق يستطيع أن يجمع أسماء بعض الحيوانات في جملة، ثم يزيد عليها كلمات معروفة ومتداولة منذ أن بدأ الإنسان في شتم الأشياء والكائنات من حوله، وأن كل هذا لا يعتبر منجزا ولا أمرا يحتاج إلى مجهود ذهني أو بدني ولا لأي قدرة ولا موهبة، وأن الخلق الحسن هو الأمر الذي يحتاج إلى مجاهدة وعمل وصبر.
لكن الأمر ليس سهلا كما يبدو نظريا، فحين تريد أن يفهم إنسان آخر ما تقول فإن قدرتك على الحديث والإقناع ليست كافية للوصول إلى هذه الغاية، هناك ما هو أهم وهو أن يكون لدى الطرف المقابل عقل يعمل بشكل سوي مستخدما الإعدادات الافتراضية التي وهبها الله جل شأنه للكائن البشري. وهذه الخاصية ـ للأسف ـ معطلة لدى من يعتقدون أن شتم الآخرين والتعرض لأعراضهم هما الطريقة المثلى لتبادل المعرفة بين الكائنات البشرية.
ثم إن أسوأ استخدام للشتائم كخلق دنيء ومنحط هو استخدامها كأداة للدفاع عن القضايا النبيلة، فحين تشتم من أجل الحق فأنت ببساطة تجعله يشبه الباطل، ومع هذا فإن الواقع يقول بأن أكثر ساحتين تستخدم فيهما الشتائم كسلاح للدفاع هما ساحتا الدفاع عن الدين وعن الوطن.
ويظن رواد هذه الصنعة القبيحة أنهم يحسنون صنعا ويثبتون تدينهم أو وطنيتهم مع أنهم في الواقع لا يثبتون شيئا سوى أنهم من شرار الخلق، جاء في الحديث الشريف «إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه»، وفي رواية أخرى «إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم».
ثم أما بعد:
لو أن من ينتهجون الشتائم أسلوبا للحياة يفقهون حديثا ويعون ما يقال لهم، لرجوتهم أن يتأملوا قليلا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليبغض الفاحش البذيء)، ثم سألتهم: من ذا الذي تشترون محبته ببغض الله لكم ثمنا؟!
ولكني لن أفعل لأنهم لا يقرؤون وإن فعلوا فإنهم لا يفقهون.. والسلام!
@agrni