الرأي

الاحتفاء المستحق للوطن

مرعي البركاتي
يحتفي أبناء المملكة العربية السعودية بيومهم الوطني الثامن والثمانين لهذا العام، ويعد هذا الاحتفاء مناسبة وطنية غالية يفوح شذاها وتعود بنا ذكراها إلى الأيام الأولى لتأسيس هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية، على يد موحدها وبانيها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وما واصله أبناؤه البررة من بعده من مراحل البناء والعطاء حتى أضحت المملكة درة الأوطان، وعلامة فارقة يشار إليها بالبنان، محتلة قلب العالم مكانا ومكانة. إن هذه الذكرى المباركة لهذا المجد الشامخ ينبغي ألا تمر دون أن نعطيها حقها من العناية والاهتمام، لنجسد من خلالها حبنا لوطنا، وانتماءنا لبلادنا، ونحوله من كلمات نرددها، ومشاعر نظهرها إلى واقع عملي ملموس، تتواصل من خلاله عملية البناء التي بدأها آباؤنا وأجدادنا رحمهم الله.

صحيح أن إظهار مشاعر الحب التي نراها تكسو وجه كل مواطن سعودي أو مقيم محب لهذا الوطن، أعطى رسالة واضحة لكل المتربصين بأمن الوطن واستقراره بألا مساومة على ولائنا وانتمائنا، إلا أنه ينبغي ألا نكتفي بمراسم الاحتفاء والاحتفال والأناشيد والأهازيج، وإن كانت تعبيرا يظهر حبنا وبهجتنا، بل نتجاوز ذلك إلى ما هو أكثر عمقا وأجدى نفعا وأبقى أثرا. فالاحتفاء باليوم الوطني يلزم علينا أن نكون أكثر عطاء وفاعلية وكفاءة وإنتاجية في أعمالنا، كل من موقعه الذي هو فيه، لنساهم في التطوير المنشود، ونكون على مستوى المنافسة العالمية المطلوبة.

الاحتفاء باليوم الوطني يعني أن نتحول أفرادا ومؤسسات إلى فرق عمل، تقوم بأدوار متناغمة لتحقيق أجندة التحول الوطني ورؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله. الاحتفاء باليوم الوطني يعني أن نكون أكثر مراجعة ومحاسبة لأنفسنا، وتقويما لما نقوم به من مهام ومسؤوليات لنبدأ إعادة بناء خطط جديدة وضخ برامج جديدة تعالج المعوقات وتتجاوز التحديات وتحقق التطلعات والرؤى بشكل أفضل.

الاحتفاء باليوم الوطني يوجب علينا أن نكون أكثر تركيزا في تربية أبنائنا وغرس تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في نفوسهم وتربيتهم على حب وطنهم والانتماء لقيادتهم، والمحافظة على عقولهم من كل فكر ضال أو توجه منحرف قد يراد بهم. الاحتفاء باليوم الوطني يعني أن تتحول مؤسساتنا وشركاتنا ومصانعنا ومتاجرنا إلى مدارس وطنية تساهم في احتضان شبابنا وتنمي قدراتهم وتصقل مواهبهم وتعينهم على مواجهة الحياة بكل متطلباتها.

الاحتفاء باليوم الوطني يعني أن نكون إخوة متحابين متآلفين يحترم صغيرنا كبيرنا ويعطف كبيرنا على صغيرنا، صادقين مع بعضنا ومع كل من نتعامل معهم، ندعم الحق وننبذ الباطل، ونحارب العصبية، ونحترم النظام، ونحرص على استثمار الوقت، ونقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ونضحي بأنفسنا وأموالنا في سبيل تقدم ورفعة بلادنا.

الاحتفاء باليوم الوطني لا بد أن تواكبه طموحات عالية وتطلعات رائدة نمتلكها ونزرعها في شبابنا مدعومة بإرادة وعزيمة قوية وإصرار وتضحية، تصاحبها ثقة بالنفس وثقة بالله سبحانه وتعالى بأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا. الاحتفاء باليوم الوطني يوجب علينا أن نكون أكثر التزاما بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وانتماء لقيادتنا وتعاونا فيما بيننا، وإذا ما كنا كذلك فإن كل أيامنا ستكون يوما وطنيا، نقدم فيه شيئا جديدا لوطننا وقيادتنا، ومفيدا لأنفسنا ولأبنائنا ولأجيال المستقبل، وسنكون أنموذجا فريدا يحتذي به العالم في الولاء والانتماء والإنجاز والعطاء. حفظ الله لنا قيادتنا وأدام أمننا وعزنا وحفظ وطننا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين.

@marey2525