الرأي

يسألونك عن التنسيق بين الوزارات؟

شاكر أبوطالب
تابعت وقراء صحيفة «مكة» في الأسبوع الماضي قرار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية استبعاد 7955 من ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم قبولهم في مراكز الرعاية النهارية غير الحكومية، وتنوعت المبررات المذكورة في «إشعار الأهلية» بين عدم تحديث البيانات في بوابة الوزارة، وبين تجاوز نسبة الذكاء أكثر من 50% بحسب المعايير المعتمدة لدى الوزارة، وبين وجود مشاكل صحية تحول بين ذوي الاحتياجات الخاصة وبين القبول في مراكز التأهيل والعلاج والتعليم، والتي تعد من أبسط حقوقهم على الدولة والمجتمع.

وخلال الأسبوع نفسه، رفضت وزارة التعليم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التعليم، وطلبت منهم العودة لمراجعة مراكز التأهيل الشامل التابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية. وفي نهاية الأسبوع الماضي تراجعت وزارة العمل عن قرارها، وقررت إعادة ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مراكز الرعاية النهارية!

حدث هذا السيناريو الدرامي الغريب في غضون أسبوع واحد فقط، وبصورة تشير إلى وجود خلل داخل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وتحديدا في خدمات رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، وإلا فكيف تستبعد الوزارة في مطلع الأسبوع بعض ذوي الاحتياجات الخاصة بمبرر وجود أمراض سارية أو معدية أو مانعة لالتحاقهم بمراكز الرعاية النهارية، وبعد أربعة أيام فقط! تتم إعادة قبولهم في المراكز التي كانوا ينتسبون إليها؟ ودون مراجعة لوحدات الخدمات المساندة، أو مراكز التأهيل الشامل التابعة للوزارة، ودون أيضا وجود تقرير طبي معتمد يؤكد خلو ذوي الاحتياجات الخاصة من المشاكل الصحية المانعة لالتحاقهم بمراكز الرعاية والتأهيل النهارية.

وكيف تقرر وزارة العمل والتنمية الاجتماعية دمج فئة واسعة من ذوي الاحتياجات الخاصة دون تنسيق مسبق مع وزارة التعليم؟ بحجة أن مستوى ذكائهم يتجاوز 50%، ومن ثم ترفضهم المدارس وتعيدهم إلى مراكز التأهيل الشامل التابعة للوزارة!

ما حدث حفزني على مراجعة اللائحة التنظيمية لمراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة غير الحكومية، وقراءة ضوابط تحمل الدولة رسوم رعاية وتأهيل المستفيدين بمراكز تأهيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة للرعاية النهارية غير الحكومية، والتي أقرها الوزير السابق لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، في منتصف شهر شعبان الماضي، ولاحظت أن «إشعار أهلية قبول من الوزارة» هو الشرط الأساس لقبول ذوي الاحتياجات الخاصة في مراكز الرعاية النهارية، وبقية الشروط السبعة المذكورة ليست ذات أثر مباشر في عملية القبول بمراكز الرعاية النهارية، وإنما هي متطلبات خاصة للحصول على «إشعار أهلية القبول».

ورغم قلة عدد مراكز الرعاية النهارية لتأهيل ذوي الإعاقة، سواء الحكومية أو الخاصة، وتباين مستوى الخدمات التأهيلية والعلاجية والتعليمية التي توفرها هذه المراكز، إلا أن ما حدث خلال الأسبوع الماضي لا ينبغي أن يمر دون تحليل وتحقيق ومحاسبة لضمان عدم تكرار ما حدث، والتعلم من الأخطاء لتطوير الأداء.

وفي رأيي، من الدروس المستفادة من هذه التجربة أن أي إجراء مرتبط بجهة أخرى خارج الوزارة أو المؤسسة أو المنظمة، يستوجب التفاهم المسبق على تفاصيل الإجراء، ومن ثم التنسيق التام لتنفيذه، وبالتالي فإن رفض دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التعليم العام يؤكد عدم علم وزارة التعليم بالخطوة التي أقرتها وزارة العمل والتنمية والاجتماعية، أو على الأقل عدم موافقتها، مما يشير إلى غياب التنسيق بين جهازين حكوميين يعملان تحت مظلة واحدة! وغياب التنسيق بين الوزارات أحد أبرز العوامل المهددة لمقومات نجاح أهداف رؤية 2030.

ويستفاد أيضا من هذه التجربة أهمية التأكد من إعلام الأطراف ذات العلاقة بأي قرار أو إجراء وقبل فترة كافية من التنفيذ، مما يحقق أمرين، الأول ضمان التنفيذ بسلاسة ودون ممانعة، والآخر توفر الوقت الكافي للبحث عن خيارات أخرى بديلة. وفي استبعاد قرابة ثمانية آلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة فوجئ جميع أهاليهم، والتصريح بذلك لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية، والتردد على فروع ومكاتب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

المحزن في هذا المشهد كله عدم استجابة المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لطلبات وسائل الإعلام وأسئلتها بشأن ذوي الاحتياجات الخاصة وأهاليهم.