إلغاء الإدارات الهندسية في وزاراتنا!
الجمعة / 4 / محرم / 1440 هـ - 19:30 - الجمعة 14 سبتمبر 2018 19:30
ظهرت في الآونة الأخيرة أخبار عدة عن سقوط بعض المباني أو انهيار جزء منها أو تهاوي سورها وظهور تصدعات واضحة فيها، والعجيب أن ذلك يقع قبل تسلم المنشأة بحسب بيان الجهة التابعة لها!
والمتأمل في المشاريع يجد العجب العجاب، ولعلي في ثنايا مقالي أتطرق لبعضها، إذ يصعب الإحاطة بها جميعا نظرا لضيق المساحة.
فبداية لا تزال الأنظمة المحيطة بترسية المشاريع أيا كان نوعها تخضع لشروط لم يتم تحديثها منذ أمد بعيد، خاصة فيما يتعلق بالنظم المالية، ويبدو جليا العقبة الكؤود المتمثلة في عبارة «الترسية على الأقل عطاء».
ومن المعلوم بداهة أن الجودة تتطلب مقومات عدة وأدوات ذات مواصفات متقنة ولها ثمن مرتفع، مع أننا قرأنا أرقاما فلكية لقيمة بعض المشاريع، يصعب على المطلع الاقتناع بها كتكلفة، ويعتقد أنه تمت المبالغة فيها بشكل كبير!
ومسألة «الأقل عطاء» لا تتوافق مع تلك المعطيات فتكون بعيدة عن الجودة.
وعن الجودة سبق أن كتبت مقالا بعنوان «الجودة.. كذبة كبرى صدقها الجميع»، وذلك بعد معايشة لها في العديد من الجهات التي كانت تحاول إدراكها لكنها استعصت عليها وبشكل واضح.
وبعد البحث عن بعض هذه المباني تبين أن الإدارات العامة وفروع الوزارات ينحصر دورها في الغالب - من الناحية الهندسية - في التسلم فقط وليس في الإشراف، وهذا من أعجب الأمور، إذ كيف يتسلم المرء شيئا لم يباشر مراحله من حيث التأسيس والتجهيز والأدوات المستخدمة فيه، ويرجى مراجعة هذا الأمر لخطورته المتناهية، فقد عرض أحد البرامج التلفزيونية التي تعنى بهموم المواطن مقطعا لمبنى لم تمض عليه ثلاث سنوات حتى اضطرت الجهة إلى نقل من فيه لمبنى آخر.
ولنكن صرحاء مع أنفسنا ونتساءل لماذا باتت المدارس المسائية ظاهرة؟ والإجابة في غالبها تنحصر في كون المبنى الذي طلب من منسوبيه الانتقال منه لمبنى بديل كان آيلا للسقوط، ليظهر للجميع بيان يشار فيه إلى الحرص على سلامة من في الجهة، وليبرز السؤال الأكثر إلحاحا: أما كان من الأجدى متابعة تلك المباني حتى لا تضطر الجهة لمثل هذا الإجراء؟
إن مسألة طرح المشاريع يفترض أن تعود لمجالس المناطق وليس للوزارات، فمثل هذا الإجراء يريح الوزارات من جهة ويسرع في عملية الأولوية للمشاريع، فالمجالس أدرى بحاجة المنطقة، ومن ثم يتم إدراج المشاريع الضرورية. وكم سمعنا بمشاريع تم رفعها ولم تعتمد لسنوات عديدة، ومشاريع تم الانتهاء منها وبقيت بلا فائدة لأن عملية التشغيل لم تعتمد لها، وأمور أخرى لا يتسع المجال لسردها فضلا عن ذكر تفاصيلها.
وفيما يتعلق بالأجهزة المستخدمة فإن موضوع الصناعة المحلية أيضا يحتاج لمراجعة، وما يدور حاليا من حديث المجالس المتمثل في ضعف أو انعدام التكييف في العديد من المدارس برهان واضح على ذلك. وبنظرة سريعة لأعداد المهندسين في الجهات نجده قليلا جدا، فحتى مسألة التسلم ربما تتم بشكل غير دقيق، وهم معذورون في ذلك؛ لحجم وأعداد المشاريع مقارنة بعدد المهندسين الذين كما أسلفت لم يشرفوا أصلا على المنشآت!
وتبقى مسألة المحاسبة والمعاقبة غائبة عن المشهد، وكم نتطلع إلى إعلانها لتكون رادعا للمتهاونين والمتكاسلين ولمن تسول لهم أنفسهم الإقدام على ذات الإجراء.
وفي تصوري أن إلغاء الإدارات الهندسية في جهاتنا الحكومية كافة، وإسناد عملية الإشراف والتسلم لشركات ومؤسسات متخصصة أفضل بكثير من الوضع القائم حاليا، فحينئذ يمكن محاسبة تلك الجهات حسابا دقيقا في حال حدوث سقوط أجزاء من المباني أو تصدع بعض منها أو عدم صلاحيتها وأيلانها للسقوط. فهل يتحقق ذلك؟!
aalqash1@gmail.com
والمتأمل في المشاريع يجد العجب العجاب، ولعلي في ثنايا مقالي أتطرق لبعضها، إذ يصعب الإحاطة بها جميعا نظرا لضيق المساحة.
فبداية لا تزال الأنظمة المحيطة بترسية المشاريع أيا كان نوعها تخضع لشروط لم يتم تحديثها منذ أمد بعيد، خاصة فيما يتعلق بالنظم المالية، ويبدو جليا العقبة الكؤود المتمثلة في عبارة «الترسية على الأقل عطاء».
ومن المعلوم بداهة أن الجودة تتطلب مقومات عدة وأدوات ذات مواصفات متقنة ولها ثمن مرتفع، مع أننا قرأنا أرقاما فلكية لقيمة بعض المشاريع، يصعب على المطلع الاقتناع بها كتكلفة، ويعتقد أنه تمت المبالغة فيها بشكل كبير!
ومسألة «الأقل عطاء» لا تتوافق مع تلك المعطيات فتكون بعيدة عن الجودة.
وعن الجودة سبق أن كتبت مقالا بعنوان «الجودة.. كذبة كبرى صدقها الجميع»، وذلك بعد معايشة لها في العديد من الجهات التي كانت تحاول إدراكها لكنها استعصت عليها وبشكل واضح.
وبعد البحث عن بعض هذه المباني تبين أن الإدارات العامة وفروع الوزارات ينحصر دورها في الغالب - من الناحية الهندسية - في التسلم فقط وليس في الإشراف، وهذا من أعجب الأمور، إذ كيف يتسلم المرء شيئا لم يباشر مراحله من حيث التأسيس والتجهيز والأدوات المستخدمة فيه، ويرجى مراجعة هذا الأمر لخطورته المتناهية، فقد عرض أحد البرامج التلفزيونية التي تعنى بهموم المواطن مقطعا لمبنى لم تمض عليه ثلاث سنوات حتى اضطرت الجهة إلى نقل من فيه لمبنى آخر.
ولنكن صرحاء مع أنفسنا ونتساءل لماذا باتت المدارس المسائية ظاهرة؟ والإجابة في غالبها تنحصر في كون المبنى الذي طلب من منسوبيه الانتقال منه لمبنى بديل كان آيلا للسقوط، ليظهر للجميع بيان يشار فيه إلى الحرص على سلامة من في الجهة، وليبرز السؤال الأكثر إلحاحا: أما كان من الأجدى متابعة تلك المباني حتى لا تضطر الجهة لمثل هذا الإجراء؟
إن مسألة طرح المشاريع يفترض أن تعود لمجالس المناطق وليس للوزارات، فمثل هذا الإجراء يريح الوزارات من جهة ويسرع في عملية الأولوية للمشاريع، فالمجالس أدرى بحاجة المنطقة، ومن ثم يتم إدراج المشاريع الضرورية. وكم سمعنا بمشاريع تم رفعها ولم تعتمد لسنوات عديدة، ومشاريع تم الانتهاء منها وبقيت بلا فائدة لأن عملية التشغيل لم تعتمد لها، وأمور أخرى لا يتسع المجال لسردها فضلا عن ذكر تفاصيلها.
وفيما يتعلق بالأجهزة المستخدمة فإن موضوع الصناعة المحلية أيضا يحتاج لمراجعة، وما يدور حاليا من حديث المجالس المتمثل في ضعف أو انعدام التكييف في العديد من المدارس برهان واضح على ذلك. وبنظرة سريعة لأعداد المهندسين في الجهات نجده قليلا جدا، فحتى مسألة التسلم ربما تتم بشكل غير دقيق، وهم معذورون في ذلك؛ لحجم وأعداد المشاريع مقارنة بعدد المهندسين الذين كما أسلفت لم يشرفوا أصلا على المنشآت!
وتبقى مسألة المحاسبة والمعاقبة غائبة عن المشهد، وكم نتطلع إلى إعلانها لتكون رادعا للمتهاونين والمتكاسلين ولمن تسول لهم أنفسهم الإقدام على ذات الإجراء.
وفي تصوري أن إلغاء الإدارات الهندسية في جهاتنا الحكومية كافة، وإسناد عملية الإشراف والتسلم لشركات ومؤسسات متخصصة أفضل بكثير من الوضع القائم حاليا، فحينئذ يمكن محاسبة تلك الجهات حسابا دقيقا في حال حدوث سقوط أجزاء من المباني أو تصدع بعض منها أو عدم صلاحيتها وأيلانها للسقوط. فهل يتحقق ذلك؟!
aalqash1@gmail.com