الرأي

مسؤولية فريق القيادة

سعيد آل عاتق
«القيادة ليست فردا واحدا يجلس في أعلى الهرم، ولكنها فريق عمل مؤمن بقضيته يتقدمه صاحب المهارات الأعلى في التأثير» ماثيو كوتز.

قد تعد هذه العبارة من مسلمات الإدارة ومن المفاهيم المتكررة حول أهمية القيادة والعمل بروح الفريق وتجنب قيادة الفرد الواحد، ولكن إسقاط هذه الفكرة على بعد آخر للقيادة يعطينا زاوية جديرة بالتأمل.

يتطلع فريق القيادة إلى الاصطفاف مع قائدهم على منصات التتويج والوقوف إلى جواره في صور التكريم فهم صناع القرارات الصحيحة وشركاء النجاح، والقائد الفطن يستفيد من هذه النزعة الإيجابية ويستثمرها في توليد قوة تحفيز هائلة لنجاحات أخرى ومستويات عليا من التميز، ولكن لنتأمل الحال الأخرى المعاكسة!

ماذا سيكون موقف ذلك الفريق وصناع القرار المحيطين بالقائد عند حدوث الفشل؟

لماذا يتحمل القائد بمفرده مسؤولية الخسارة والإخفاق؟

لماذا ينتظر منه التنحي عن الموقع ومغادرة قمرة القيادة مع بقاء فريقه السابق في الغالب؟

أليس ذلك الفريق شريكا في الإخفاقات كما كان شريكا في النجاح؟

أم إن للأضواء والمنصات سحرها الخاص؟

حين يواجه القائد حالة فشل أو يتعثر في مسيرته نحو تحقيق الأهداف فينبغي أن يكون لديه من القدرة القيادية ما يحمله على تحمل المسؤولية عن النتائج، وهذا من لوازم ومقتضيات الموقع الوظيفي، لأن المسؤولية تقع عليه بشكل مباشر، وهو المسؤول الأول عن اختيار فريقه وتشكيل الأدوات البشرية والذهنية للنجاح.

ومع ذلك فإن أفراد فريق العمل هم العقول التي أجرت الدراسات والتحليل وتنبأت بالمخاطر، فريق العمل هم الأدوات الحقيقية التي صنعت القرارات وصممت الخيارات، وهم من أحاط بالقائد وأشار على متخذ القرار.

فريق القيادة لا يمكن استبعاده من هذه المعادلة، خاصة في الأزمات التي تظهر ضمن المخاطر المتوقعة والتحديات التي تعوق نجاح الخطط رغم العمل الجاد والمخلص، فريق القيادة شريك في المسؤولية عن قرارات خاطئة ودراسات غير واقعية وتشخيص مضلل عن الوضع الراهن.

حين يصل القائد الجديد إلى موقعه فإن من أولوياته أن يتأكد بدقة من تشكيل فريق القيادة المؤهل بكفاءة والجدير بالثقة وفق معايير ترتقي على الاختيارات الشخصية والانطباعات العاطفية والمجاملات الاجتماعية، وليعلم القائد أن التجاوز في هذا الاختيار قد يدفع ثمنه القائد أثناء مسيرته، وقد يكون هذا التساهل في تشكيل الفريق هو الحبر الذي يكتب به إعلان الفشل لاحقا.

جلس عمر بن الخطاب إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا فقال بعضهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله وأتصدق، وقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة زبرجدا وجوهرا فأنفقها في سبيل الله وأتصدق، ثم قال عمر تمنوا، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين! فقال عمر: أما أنا فأتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.

إن القادة الناجحين لا يبدؤون بوضع رؤية واستراتيجية جديدة ولا بتحديد الاتجاه، إنما البداية باختيار الأشخاص المناسبين للعمل وتحديد مواقعهم المناسبة.

فالبداية تكون بتحديد فريق النجاح وليس بالبحث عن اتجاه النجاح.