خرافة العلم وعلم الخرافة

«العلم» هذا المصطلح الذي قامت على أساسه حضارات ودول بل هو أحد أهم ركائز عقيدتنا الإسلامية التي بدأ كتابها الشريف بكلمة «اقرأ»

«العلم» هذا المصطلح الذي قامت على أساسه حضارات ودول بل هو أحد أهم ركائز عقيدتنا الإسلامية التي بدأ كتابها الشريف بكلمة «اقرأ». سقطت العديد من الحضارات عندما فرطوا في العلم وتناسوا أهميته أو جمدت عقولهم على ما وجدوا آباءهم عليه. كنت أتناقش ذات يوم حول حقيقة علمية وكنت أسوق الأدلة التي تثبت صحتها، لكن الطرف الثاني تجاهلها دون دليل أو حجة مقنعة. والأدهى والأمر أن نفس الشخص يؤمن أن هذه الدنيا لا تخضع لقوانين مادية، بل إن كل شيء فيها مبني على العشوائية والقوى الخارجية الخارقة. في زمن وسائل التواصل الاجتماعي انتشار هذه الخرافات الغريبة لا يكلف أكثر من ضغطة زر على شاشة هاتفك المحمول، وتتحول تلك الخرافات مع الوقت إلى علم متكامل تم تأليف العديد من الكتب حولها، وهناك مئات الخبراء يتحدثون عنه في الإذاعات والبرامج التلفزيونية. لنأخذ مثالا بعلم الطاقة، حيث تقول الخرافة إن هناك طاقة إيجابية وأخرى سلبية وأننا نتأثر بتلك الطاقات الوهمية التي لا توجد إلا في عقول أصحابها. لا يقتصر الأمر على ذلك، فبين شخص يجزم أن خلطته السحرية تشفي من جميع الأمراض العضوية التي عرفها البشر أو حتى الأمراض التي لا يعرفها البشر! وآخر يقنعك أنك تملك سيطرة على روحك وتستطيع أن تتجول بها حول منزلك دون أن يتحرك جسدك!هذا ما شاعت تسميته بالإسقاط النجمي الذي تحول إلى ما يشبه العلم، حيث يتلبس بالعلم ويوهمك أنه حقيقة علمية رغم عدم وجود دليل على صحته وكل ما يكتب ويقال عنه ما هو إلا هرطقة للتسلية لا أكثر. هذه الخرافات التي تتلبس بالعلم تسمى علوما زائفة «Pseudoscience»، حيث تدعي أنها علمية في حين أنها لا تتبع طريقة المنهج العلمي الصحيحة وهي فاقدة لأهم شروطه. يتحمل الجهل مسؤولية رئيسية في تحويل العلم إلى خرافة وفي تحويل الخرافة إلى علم، ولو تأملت أوضاع المجتمعات حول العالم لوجدت تناسبا طرديا بين جهل المجتمع وكمية الخرافات المنتشرة فيه. فكلما زاد الجهل زاد الإيمان بتلك الخرافات. لذلك يبدو أن حله هذه المشكلة واضح أمامك وهو بالكلمة الأولى في هذه المقالة. ليس من المنطقي أن تكون عالما في كل مجال، لكن استخدم ذلك المخ المتطور الذي تملكه والذي يميزنا نحن البشر عن كل الكائنات الحية الأخرى. ودمتم عالمين.